من يتجول في شوارع دمشق خلال ساعات التسوق النهارية، لا يعرف أن هذه المدينة تحت وطأة تقييد التجول لمنع تفشي فيروس «كورونا»، كأن الناس في سباق مع الزمن للحصول على ما أمكن من حاجات العيش. المشهد اليومي في شوارع العاصمة السورية، يخالف كل التوصيات التي تنقلها وسائل الإعلام الحكومية ولوحات الإعلانات الطرقية. الخوف من الوباء، مؤجل لصالح حمى تأمين الحاجات الضرورية خصوصاً من الفقراء الذي هم أكثر من ثمانين في المائة من الناس.
الازدحام قاتل عندما تقترب سيارات توزع الخبز المدعوم من الحكومة. لذلك ليس مفاجئا أن ينقل عن أحد المواطنين قوله في قلب الزحمة وسط العاصمة السورية: «رغيف الخبز أهم من كورونا»، فيما يقول آخر: «تسع سنوات ونحن نلعب مع الموت. وهذا الفيروس لن يقتلنا».
سواء في مناطق المعارضة أو الحكومة، فإن تسع سنوات لم تفعل ما فعله الوباء. نوع من الحياة كان قائما تحت «البراميل» والغارات والقذائف، لكن الخوف من الوباء فرض تقييدا أو حظرا للتجول في ثلاث مناطق سورية: الحكومية، الكردية، المعارضة.
تتفاوت درجات القلق والخوف، لكن الحاجة واحدة…
في أسواق الخضار، غالبا ما ترى أناسا يبحثون في زاويا الشوارع عن بقايا خضار أو أنهم فرحون عندما يفوزون ببيضة أو رغيف أو أصابع خيار. وفي وضع كهذا، يبدو الحديث عن الحجر المنزلي أو التباعد الاجتماعي، ترفا أو تفصيلا غير موجود في قلب الطوابير والازدحام.
ومع بداية موعد حظر التجول المسائي في كل يوم، يعم الصمت فجأة، ليخوض الناس معاناة أخرى داخل بيوتهم مثل فقدان الغاز المنزلي والانقطاع الطويل للكهرباء وسوء خدمات الإنترنت الذي يعيق إمكانية التواصل الإلكتروني الذي بات المتنفس الوحيد أمامهم.
وقتذاك، يبدو النوم ملجأ السوريين الوحيد للهروب من الشارع والمنزل.