تنعقد اليوم (الثلاثاء)، الهيئة العامة لمجلس النواب بعد توقف العمل التشريعي لما يقارب الشهرين نتيجة أزمة «كورونا»، ولكن هذه المرة في قصر «الأونيسكو» في بيروت وليس في مبنى البرلمان وسط العاصمة، لضمان الالتزام بالمسافات الآمنة بين النواب الـ128 وبكل التدابير الواجب اتخاذها لمنع تفشي الوباء.
ويبحث المجلس على مدى 3 أيام في جدول أعمال يضم 66 اقتراحاً ومشروع قانون، بعضها مرتبط بالتخفيف من حدة الأزمتين المالية والاقتصادية على اللبنانيين وبعضها بالعملية الإصلاحية، لكن اقتراح القانون الأبرز الذي من المتوقع أن يشهد شد حبال بين الكتل النيابية، هو «العفو العام» الذي يدعمه بشدة «الثنائي الشيعي» ويعارضه حليفهما تكتل «لبنان القوي» الموالي لرئيس الجمهورية ميشال عون.
وبحسب مصادر نيابية تم إدراج اقتراحيْ قانون يرتبطان بالعفو العام؛ الأول تقدم به النائبان في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ياسين جابر وميشال موسى، ويرتكز على الورقة الإصلاحية لحكومة الرئيس سعد الحريري الأخيرة، أما الاقتراح الثاني فتقدمت به كتلة «المستقبل». واعتبرت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيكون من الصعب الجزم بشكل مسبق بإمكانية تمرير هذا القانون، لأن مصيره ستحدده النقاشات التي ستجري، لأنه بات واضحاً أن لكل كتلة رأيها بالموضوع.
وكان رئيس تكتل «لبنان القوي» جبران باسيل، مهّد يوم أمس، في تغريدة له لمواجهة ستشهدها الجلسات، حين قال إنه «في الوقت الذي نعمل فيه على إقرار قوانين ضد الفساد، تنهال علينا كل مرّة قوانين العفو الملغومة! الأولوية المطلقة اليوم لاستعادة الأموال المنهوبة والموهوبة والمهرّبة وتشديد العقوبات على أصحابها، وليس لإعفاء المجرمين!».
من جهته، أشار عضو التكتل النائب آلان عون، إلى عدم حماسته لفكرة العفو العام بالمطلق، متحدثاً عن انفتاح التكتل على «نقاش بكثير من الضوابط والمعايير الصارمة والمهل المحدودة بشكل يؤمن التوازن بين الحفاظ على العدالة وبعض الصفح والرحمة، تعويضاً من الدولة عن مسؤوليتها عن اكتظاظ السجون وعن التأخير في المحاكمات».
وأوضح عون لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك مواضيع عديدة أخرى مطروحة على جدول أعمال الجلسة، «ولعل تلك التي نعتبرها الأكثر إلحاحاً هي المتعلقة بالتداعيات الاجتماعية والمالية والاقتصادية جراء أزمة كورونا، وقد تقدّمت الحكومة ببعض مشاريع القوانين وتقدّمنا نحن أيضاً تكتل لبنان القوي، بسلّة اقتراحات لتخفيف الأعباء عن المواطنين أكان من ناحية تسديد الرسوم والضرائب، أو تسديد أقساط القروض أو تقديمات اجتماعية وغيره».
ووفق مصادر معنية بالتحضير للجلسة، فإن اختيار قصر «الأونيسكو» تم لقدرته على استيعاب 800 شخص، ما يعني أن النواب الـ128 سيجلسون بكثير من الراحة والأمان خلال الجلسات. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أنها ستكون المرة الثانية التي تنعقد فيها الهيئة العامة خارج مبنى البرلمان خلال رئاسة الرئيس بري للمجلس النيابي، باعتبار أنه تم عقد جلسة في عام 2000 بعد تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي في منطقة بنت جبيل.
وتتخذ القوى الأمنية تدابير استثنائية في المنطقة، حيث يقع قصر «الأونيسكو»، خصوصاً في ظل بعض الدعوات من قبل ناشطين في انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، أو ما يعرف بـ«الحراك المدني» لمسيرات سيارة بالتزامن مع انعقاد الجلسة، علماً بأن هؤلاء الناشطين كانوا قد أطاحوا في فبراير (شباط) الماضي بالجلسة التي دعا إليها بري حين منعوا النواب من الدخول إلى البرلمان. ولكن لا يبدو أنهم سيعمدون إلى ذلك اليوم وفي الأيام المقبلة إلى ذلك، وسيكتفون بتحركات ذات طابع رمزي، إذ وبحسب مصدر في الحراك، فإن «بعض القوانين التي يتم البحث فيها، أساسية، سواء بموضوع الأمن الاجتماعي أو مكافحة الفساد، بالرغم من اعتراضنا الشديد على عدم إدراج اقتراح قانون استقلالية القضاء، الذي نعتبر أن أي إصلاح حقيقي يبدأ منه».