لأول مرة منذ اندلاع أحداث أغسطس (آب) في جنوب اليمن، تتوحد جميع آراء الفرقاء السياسيين بشكل كامل ومتطابق. لم يكن توحد الرأي في مسألة سياسية، بل كان جراء سيول جارفة حولت العاصمة اليمنية المؤقتة إلى مدينة غارقة. ففي الوقت الذي أعلن فيه الدكتور معين عبد الملك رئيس الوزراء اليمني عدن مدينة منكوبة، أعلن بيان باسم المجلس الانتقالي الجنوبي حالة طوارئ، وقال إن الوضع سيئ للغاية. وتبادل الطرفان الاتهامات غير المباشرة.
في هذه الأثناء، تسببت السيول التي أعقبت أمطاراً غزيرة في مقتل 8 أشخاص على الأقل بينهم 5 أطفال وإصابة العشرات طبقا لما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مسؤول حكومي بعدن، وذلك في سياق تقرير أورد أن شوارع العاصمة اليمنية بدت غارقة في المياه. يقول المسؤول إن عشرة منازل انهارت بشكل كامل، بينما تضرر نحو 90 منزلاً بشكل كبير من السيول.
ونقلت الوكالة عن سكان محليين قولهم إن 35 عائلة على الأقل عالقة داخل منازلها بعد أن طمرتها السيول.
يقول محمد عبد الحكيم وهو من سكان عدن إن «المياه لا تزال داخل المنزل وأيضا الطين الذي جرفته السيول يغطي منازلنا. وجرفت السيول مئات السيارات. وبعض الشوارع مقطوعة بعد أن دمرت».
في الأثناء ذكرت وكالة الأنباء اليمنية أن نائب رئيس الوزراء الدكتور سالم أحمد الخنبشي ترأس في عدن أمس اجتماعاً موسعاً، كُرّس لمناقشة الأضرار الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة إثر المنخفض الجوي التي تعرضت له عدن، ووضع المعالجات العاجلة لها.
واستعرض الاجتماع، القضايا المتعلقة بالإجراءات المتخذة من قبل السلطة المحلية بالمحافظة والمديريات التابعة لها والسبل الكفيلة لمعالجة الأضرار الناجمة عنها من خلال الإمكانيات المتاحة. وشدد نائب رئيس الوزراء، على ضرورة الإسراع بمعالجة الآثار الناجمة عن هطول الأمطار.
ووجه الاجتماع برفع المخلفات المتراكمة من المدن وشفط المياه من جميع مديريات عدن، وذلك تجنباً لانتشار الأوبئة والأمراض والبعوض الناقل للملاريا، والبدء بعملية الرش الضبابي بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية.
– عودة الاتهامات
لم تستمر حالة التوحد كثيراً؛ إذ عاد الطرفان إلى تبادل الاتهامات، فالحكومة اليمنية ترى أن «الشلل الذي طال مؤسسات وأجهزة الدولة منذ أحداث أغسطس يضعف قدرتها ويفاقم العجز في فعالية مواجهة ظروف طارئة مثل هذه… لا حل إلا بتطبيق سريع لاتفاق الرياض بكامل بنوده، ولا حل إلا بالالتفاف حول الدولة وتمكينها من القيام بمسؤولياتها»، وذلك وفق تغريدة لرئيس الوزراء اليمني، الذي أضاف في تغريدة أخرى: «إن حجم الخراب والخسائر التي تطال مدينة عدن بفعل المنخفض الجوي هائل، عدن مدينة منكوبة. ندعو الدول الشقيقة والصديقة ومنظمات الإغاثة إلى مد يد العون ومساعدة الحكومة في مواجهة هذه الكارثة واحتواء آثارها المدمرة على حياة وممتلكات المواطنين».
وفي بيان للمجلس الانتقالي الجنوبي، كان لافتاً التطرق إلى الجانب السياسي من دون ذكر «اتفاق الرياض» الذي أورده رئيس الوزراء اليمني في تغريدته، اتهم المجلس الحكومة بأنها غير موجودة في عدن، إذ قال: «تأتي هذه الأحداث المأساوية اليوم على خلفية النقص المستمر في الخدمات الأساسية في جنوب اليمن. بينما ظلَّت الحكومة اليمنية غائبة عن عدن، ولم يتلقّ موظفو الخدمة المدنية في العديد من المؤسسات رواتبهم، وفي ظل انقطاع التيار الكهربائي المستمر، ومستويات الصرف الصحي غير الصحية، ونقص المواد الغذائية والأدوية، فإن عقاب الجنوب من قبل الحكومة هو السلوك الذي عانينا منه لعقود. ولكنه وضع راهن لم يعد شعب الجنوب يتحمله».
وأضاف البيان: «نحن بحاجة إلى دعم عاجل لمعالجة عواقب الفيضانات و(COVID – 19). ولكننا نحتاج أيضاً إلى تهيئة الظروف للحكم الرشيد حتى نتمكن من إدارة الأزمات المستقبلية. لذلك، نحن بحاجة إلى حل سياسي دائم وعادل للصراع في اليمن. يجب أن تكون الأحداث المأساوية اليوم في عدن دعوة للاستيقاظ. إن أي تسوية تفاوضية يجب أن تشمل الجنوب. وفقط النهج السياسي الشامل والشامل حقاً هو الذي سيوفر صفقة يمكنها تلبية الاحتياجات الحادة على الأرض، بما في ذلك الإنسانية والاقتصادية والأمنية.
– البرنامج السعودي
بدأ البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن أمس بتوفير جميع إمكاناته لإغاثة محافظة عدن وإنقاذ المواطنين اليمنيين، عبر تنفيذ تدابير عاجلة لتصريف مياه السيول، وفتح الطرق الرئيسية، استجابة لنداء الاستغاثة الذي أطلقته الحكومة اليمنية لمواجهة تداعيات آثار السيول التي شهدتها المحافظة.
وذكر بيان صادر عن المجلس أن فرق البرنامج شرعت في إنقاذ المواطنين اليمنيين منذ وقت مبكر إلى ساعات فجر الأربعاء، كما شقّت فرق العمل طريق العقبة والرابط بين مديرية كريتر ومديرية المعلا، بعد أن تسببت السيول في انقطاع الطريق.
وأزاح البرنامج عبر الفرق الموزعة على المناطق المتضررة، كميات كبيرة من المياه ومخلفات السيول عن محطة كهرباء المنصورة، ومحطة كهرباء الملعب، ومحطة كهرباء شيناز، و«بلوك 80» في المنصورة، محطة حجيف، كما شقت الفرق عدداً من الطرقات المتضررة، التي شملت طريق الشوله إلى الخط الرئيسي، وطريق الشيخ إسحاق، كما نفذ تدخلات عاجلة في حافون.
وأعد البرنامج السعودي خطط عمل لتنفيذ تدخلات عاجلة لإغاثة أهالي عدن لتجاوز تبعات وآثار الأمطار والسيول، شملت مديريات التواهي، والمعلا، وصيرة، ومخيم بئر أحمد، ومخيم حوش المجاري، ومخيم المعهد السعودي الزراعي، ومخيم عمار بن ياسر، ومخيم حوش عثمان، وخط الحمراء، والشارع الرئيسي في المعلا.
ويكثّف البرنامج جهوده للتخفيف على أهالي محافظة عدن، وذلك عبر توفير معدات نقل النفايات والجرافات، وصهاريج سحب المياه، وآليات الخاصة بإزاحة المياه، بالشراكة مع المجلس المحلي وصندوق النظافة ومنظمات المجتمع المدني في العاصمة المؤقتة عدن.
وتواصل فرق النظافة والإصحاح البيئي التي تندرج تحت مبادرة للبرنامج أعمالها تحقيقاً لأهداف الحملة كافة، التي تسعى لتحسين مستوى الصحة العامة والوقاية في المحافظة، والحد من التلوث البيئي والصحي الذي تعرضت له المحافظة خلال الفترة الماضية.
وتشمل حملة النظافة والإصحاح البيئي 10 مناطق في 8 مديريات، وهي: الشيخ عثمان، المنصورة (عبد العزيز)، المنصورة (القاهرة)، دار سعد، إنماء والشعب، البريقة، خورمكسر، المعلا، التواهي، صيرة، بالتعاون مع صندوق النظافة في عدن.