إن كنت تعاني من اشتداد التهاب المفاصل، أو الالتهاب الكيسي، أو التهاب الأوتار، فلربما ستجد قدراً من الراحة مع حقن الكورتيزون (وهي نوع من الستيرويدات).
يقول الدكتور روب شمرلينغ، المدير الإكلينيكي لأمراض الروماتيزم في مركز «بيت إسرائيل» الطبي التابع لجامعة هارفارد: «يلجأ الناس إلى الحقن عندما لا تفلح العلاجات التقليدية التي لا تتطلب الوصفات الطبية ومسكنات الآلام أو العلاج الطبيعي، وعندما يبدأ الألم في التداخل مع نوعية الحياة التي يعيشونها».
ولكن هل تعتبر الحقن من الخيارات السليمة على الدوام؟ في حين أن حقن الستيرويدات تساعد بعض الناس لبعض الوقت، إلا أنها لا تفلح طوال الوقت، وهناك بعض المخاوف من المخاطر طويلة الأجل الملازمة لها. وقال الدكتور شمرلينغ: «هناك دور لحقن الستيرويدات في عالم تسكين والتحكم في الآلام، ولكنها غالباً ما توفر الراحة المؤقتة وليس العلاج النهائي».
– عمل حقن الستيرويدات
الستيرويدات عبارة عن إصدارات مصنعة من الهرمونات التي تنتجها الغدة الكظرية (وهي تختلف عن الستيرويدات العضلية «البنائية» التي يستعين بها رياضيو كمال الأجسام في بعض الأحيان). والأنواع شائعة الاستخدام منها هي: هيدروكورتيزون hydrocortisone، وتريامسينولون triamcinolone، وميثيلبريدنيزولون Methylprednisolone.
وغالبا ما يجري حقن الستيرويدات في المفاصل وحولها – أي الركبتين، والكتفين من الأماكن الأكثر شيوعا – ولكن يمكن الحقن في العديد من مواضع الجسم الأخرى. ولديها القدرة على التخفيف من الالتهابات، وتهدئة الآلام، والتورمات.
يتحدد مقدار جرعة الستيرويدات الواحدة على موضع الألم على شدته. ويجري إعطاء الحقن في عيادة الطبيب المعالج. أما إعطاء الحقن في الظهر أو الورك فيستلزم في غالب الأحيان إجراء الفحص بالأشعة المقطعية للمساعدة في توجيه الإبرة، كما يمكن إجراء ذلك في المستشفى أو مركز لعلاج الآلام.
غالبا ما تتم إضافة التخدير إلى الستيرويدات للمساعدة في تنميل المنطقة المؤلمة كي يسمح للستيرويدات بالتفاعل. ويشعر الناس بالراحة في غضون ساعات من الحقن، برغم أن الأمر قد يستغرق يوما أو نحوه في بعض الحالات الأخرى. وربما يستشعر مرضى السكري ارتفاعا في مستويات السكر لديهم بعد الحقن. وربما تسبب الحقن العدوى، رغم أنه من النادر حدوث ذلك، وينبغي حينئذ طلب الرعاية الطبية إذا لوحظ الاحمرار المستمر، أو البروز، أو التورم في موضع إعطاء الحقنة.
لا بد من إخبار الطبيب المعالج أثناء الاستشارة إذا كنت تتناول مسيلات الدم. وربما يتوجب عليك التوقف عن تناولها لعدة أيام قبل الحقن للإقلال من النزف والكدمات المصاحبة.
تتوقف مدة فعالية مسكنات الآلام على المريض نفسه وعلى مدى شدة الآلام التي يعاني منها. يقول الدكتور شمرلينغ: «في غالب الأمر، سوف تعرف في غضون 24 إلى 48 ساعة إن كان تأثير الحقنة خفيفا، أو معتدلا، أو شديدا». وبالنسبة إلى بعض الأشخاص، يمكن لمسكنات الآلام الاستمرار لعدة أسابيع أو ربما أكثر.
وإذا لزم الأمر، يمكن تكرار الحقن بالستيرويدات في نفس الموضع من الجسم مرة كل 3 إلى 4 أشهر. يقول الدكتور شمرلينغ: «لا يوصي الأطباء في المعتاد بأكثر من 3 إلى 4 حقن في العام الواحد نظرا للمخاطر والمضاعفات الطفيفة المصاحبة».
— الآثار الجانبية والسلامة
> تحدث الآثار الجانبية في بعض الأحيان، ولكنها تميل إلى أن تكون طفيفة وتتلاشى في غضون بضع ساعات أو ربما أيام، ومن بينها:
– الشعور بالألم وعدم الراحة حول موضع الحقنة (يمكن وضع كمادات باردة على الموضع لمدة 10 دقائق كل مرة إذا استدعت الحالة).
– وجود الكدمات أو النزف تحت الجلد (من النادر حدوث نزف حاد في الأنسجة العميقة تحت الجلد).
– احمرار الوجه.
– التفاعلات التحسسية.
– تفاقم آلام المفاصل.
> السلامة. تعتبر الستيرويدات آمنة بصفة عامة، بيد أن الأبحاث الحديثة خلصت إلى أن استخدامها على المدى الطويل قد يشتمل على بعض المخاطر الصحية. وفي إحدى الدراسات، التي نُشرت في عدد سبتمبر (أيلول) من عام 2019 من دورية علم الأشعة، افترض الباحثون أن الحقن بالستيرويدات في الركبة والورك يسبب أحياناً الأضرار أكثر مما يحقق من المنافع.
وفحص العلماء 459 حالة من المرضى الذين تعاطوا حقنة إلى 3 حقن من الستيرويدات في الركبة أو الورك. وبعد مرور نحو 7 شهور، ساءت حالات التهاب المفاصل لدى نسبة 8 في المائة من المرضى. كما أنهم عانوا كذلك من حالات أكبر من آلام الغضاريف وفقدان العظام.
يقول الدكتور شمرلينغ: «في حين أن هذه الدراسة تدور حول الملاحظة المحدودة للمرضى، إلا أنها تسلط بعض الأضواء على حقيقة مفادها أننا نجهل أكثر مما نعرف عن الآثار طويلة الأجل للعلاج بحقن الستيرويدات».
ومع ذلك، تتسق نتائج الدراسة مع نتائج دراسات أخرى أظهرت أن تكرار الحقن بالستيرويدات ربما يُلحق الأضرار مع مرور الوقت. على سبيل المثال، خلص الباحثون إلى أن المرضى الذين يعانون من هشاشة عظام الركبة ممن تعاطوا حقن الستيرويدات مرة كل 3 شهور على مدى عامين كاملين تعرضوا لفقدان العظام بنسبة أكبر عند المقارنة مع أولئك المرضى الذين حصلوا على الجرعات الوهمية. ولقد نشرت تلك النتائج بتاريخ 17 مايو (أيار) لعام 2017 في دورية «جاما».
ما الذي يعنيه كل ذلك بالنسبة إليك؟ يصف بعض الأطباء حقن الستيرويدات بصورة روتينية من دون الإعراب عن المخاوف المتعلقة بالسلامة على المدى الطويل أو طرح احتمال عدم نجاح العلاج بتلك الحقن على المرضى. ويقول الدكتور شمرلينغ عن ذلك: «لا بد من التأكد من مناقشة الإيجابيات والسلبيات مع الطبيب المعالج قبل اتخاذ القرار».
وتذكر دائماً أن حقن الستيرويدات نادراً ما تكون هي العلاج النهائي للآلام التي تهاجمك. ويقول الدكتور شمرلينغ أخيراً: «إذا لم يستمر أثر الحقن لفترة طويلة، كما كان الحال من قبل، أو إذا كنت تستشعر الحاجة إلى تعاطيها بصورة أكبر، فلقد حان الوقت عندئذ لمناقشة خيارات العلاج الأخرى مع الطبيب المعالج خاصتك».
– رسالة هارفارد
«مراقبة صحة المرأة»،
خدمات «تريبيون ميديا»