وجه حزب المؤتمر السوداني، أحد فصائل «قوى إعلان الحرية والتغيير»، الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية في السودان، انتقادات حادة لمؤسسات السلطة الانتقالية ومجلسي السيادة والوزراء، ووصف أداءهما بالقصور والبطء في كثير من القضايا الرئيسية في البلاد، داعياً إلى عقد مؤتمر تداولي عاجل لمعالجة الإشكالات داخل «تحالف قوى الثورة».
وتشهد قيادات قوى (التغيير)، التي قادت الحراك الشعبي حتى إسقاط نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، تباينات في وجهات النظر في كثير من القضايا الراهنة، دفعت حزب الأمة القومي، الذي يتزعمه الصادق المهدي، إلى تجميد نشاطه في هياكل التحالف.
وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، في مؤتمر صحافي، أمس، إن إنجازات السلطة الانتقالية خلال الفترة الماضية «متواضعة ودون الطموح، إن لم تكن أقرب إلى الخذلان»، مشدداً على ضرورة الإسراع بـ«تقويمها لتجاوز الأخطاء والضعف في السياسات والأشخاص».
وتابع الدقير موضحاً: «لا بد من تقوية المكون المدني في مجلسي السيادة والوزراء، ولو استدعى ذلك تغيير الأشخاص في المجلسين»، وشدد على أهمية وحدة قوى الثورة، وتكوين جبهة شعبية واسعة، وفق رؤية وطنية واضحة لإنجاز مهام المرحلة الانتقالية. مبرزاً أن الإشكالات في مؤسسات السلطة الانتقالية «أدت إلى قصور وبطء في الأداء لا بد من تجاوزه». كما أشار إلى وجود «أزمة حقيقية داخل قوى (التغيير)، أدت إلى تفرقهم في خنادق، ولم يعد هنالك خندق واحد للثورة»، مؤكداً تمسك حزبه بالتحالف، باعتباره حاضنة للتغيير الذي شهدته البلاد.
في غضون ذلك، أوضح الدقير أن مجزرة فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني في الثالث من يونيو (حزيران) الماضي، التي راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى هي «قضية أخلاقية لا مجال للمساومة فيها، ولا تسقط بالتقادم»، وحث لجنة التحقيق في الأحداث على تسريع الإعلان عن نتائج التحقيقات، التي تجريها لتقديم الجناة للمحاسبة «خاصة أن هنالك الكثير من الأدلة على من ارتكب هذه المجزرة»، بحسب تعبيره.
وكشف الدقير عن وجود قصور كبير في الهياكل السياسية والتنظيمية لتحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، بالإضافة إلى غياب الرؤية السياسية الواضحة في كثير من القضايا، وعدم التمثيل العادل لقوى رئيسية في هياكل التحالف. داعياً إلى مؤتمر تداولي عاجل تشارك فيه قوى التغيير والقوى، الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، ومكونات الثورة ولجان المقاومة لمعالجة الإشكالات، والتوافق على هيكل تنظيمي، يتيح التمثيل العادل لكل القوى الثورية وفقاً لأوزانها.
في السياق ذاته، كشف الدقير عن وجود تحفظات من مجلس الوزراء وجهات أخرى على قوائم مرشحي ولاة مدنيين للولايات، التي دفعت بها «قوى إعلان الحرية والتغيير» لرئيس الوزراء، مشيراً إلى وجود تباطؤ غير مبرر لسن قوانين المفوضيات القومية.
كما أقر الدقير بفشل شركاء الحكم في تقديم رموز النظام المعزول إلى المحاكم بتهم القتل والفساد، وكل التجاوزات التي ارتكبت في عهد النظام السابق. ودعا الدقير الحكومة إلى إجراء إصلاحات، وإعادة هيكلة الأجهزة العسكرية والأمنية بعقيدة جديدة، بما فيها ثنائية القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وصياغة استراتيجية للأمن الوطني يشارك فيها الخبراء العسكريون والمدنيون، وفقاً لما نصت عليه الوثيقة الدستورية، التي تحكم الفترة الانتقالية، وقال بهذا الخصوص: «لا يوجد سبب يعطل وضع الحكومة يدها على قوات الشرطة والأمن، وإعادة صياغة قانون جديد لهذه الأجهزة». مبرزاً أن الشركات التي تمتلكها المنظومة الأمنية، «يجب أن تكون تحت ولاية وزارة المالية وسيطرة الجهاز التنفيذي بالكامل».
وبخصوص العلاقات الخارجية، قال الدقير: «نريد أن تكون هناك سياسات خارجية متوازنة، تقوم على استقلالية السيادة الوطنية والتعاون المشترك، بما يحقق مصالح البلاد مع الدول الأخرى، وأكد دعم حزبه للبعثة السياسية الأممية»، وفقاً للخطاب الذي أرسله رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، نيابة عن شركاء الفترة الانتقالية، وهي «مساعدات في 8 مجالات محدودة، ولن نقبل أي تجاوز إلى غير هذا»، داعياً الإدارة الأميركية إلى حذف السودان من قائمة الإرهاب.
من جهة ثانية، أبدى رئيس حزب المؤتمر السوداني مآخذه على إدارة ملف سد النهضة، دون إجراء تشاور حوله مع كل قطاعات الشعب السوداني، باعتبار أن القضية «فنية سياسية استراتيجية بامتياز، كان يجب أن تخضع للتشاور حول إدارة الملف»، مؤكداً في الوقت ذاته دعمه للحل التفاوضي الذي يحقق مصالح الدول الثلاث (السودان ومصر وإثيوبيا).
ومن جانبه، قال نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني، مستور محمد أحمد، إن القضايا العالقة في مسارات التفاوض مع الحركات المسلحة «يجب ألا توقف عملية السلام»، ودعا إلى الاتفاق حول طرح الحركة الشعبية شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو حول علمانية الدولة. مشدداً على ضرورة النظر بإيجابية لمطالبات الحركات المسلحة فيما يتعلق بتمديد الفترة الانتقالية، على أن تبدأ من توقيع اتفاق السلام النهائي، والمادة في الوثيقة الدستورية التي تنص على عدم مشاركة من شغل منصب في الحكومة الانتقالية في الانتخابات المقبلة لارتباط تلك القضايا بعملية السلام.