تجاهل أمس طرفا النزاع العسكري في ليبيا، مطالب أميركية وفرنسية بوقف القتال المستمر منذ العام الماضي، حيث استعاد الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، وفي تطور ميداني مفاجئ، السيطرة مجدداً على مدينة الأصابعة غرب البلاد، من قوات حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، بينما سقط 17 مدنياً ما بين قتيل وجريح في قصف عشوائي استهدف أحياء سكنية وسط العاصمة طرابلس.
وقال بيان مقتضب للمتحدث باسم الجيش اللواء أحمد المسماري، إن «وحدات الجيش تمكنت من (استعادة السيطرة) على بلدة ومنطقة الأصابعة الجبلية التي تبعد 120 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس، بعد سلسلة من الضربات الجوية لمواقع الميليشيات (التكفيرية) في الجبل الغربي.
وظهرت عناصر من الجيش الوطني وهي تحتفل مع السكان المحليين في مدينة الأصابعة، بينما قال الجيش في بيان له، إن «منصات دفاعه الجوي أسقطت أمس طائرة مُسيّرة تابعة لمجموعات الحشد الميليشياوي المدعوم من تركيا بعد أن حاولت قصف مواقع بالمدينة». وأعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة بالجيش الوطني نجاح قواته في طرد الميليشيات الإرهابية من المدينة، لافتاً إلى أن هذه الميليشيات لم تستطع المقاومة وتركت أسلحتها ومعداتها وعدداً من القتلى، بالإضافة إلى أسر اثنين من عناصرها.
كما أعلن إسقاط طائرة درون تركية أخرى في بلدة بني وليد، ليرتفع عدد الطائرات المماثلة التي أسقطتها قواته إلى 102 منذ دخول تركيا الحرب لصالح قوات الوفاق.
ولم تعلق قوات حكومة الوفاق المدعومة دولياً، التي سيطرت على بلدة الأصابعة قبل أسبوعين، على هذا التطور، لكن الناطق باسمها أعلن استهدافها أمس 3 آليات مسلحة في حدود الأصابعة، لافتاً في بيان له إلى «تعليمات لقواتها بالقضاء على بؤر التمرد دون رحمة»، معتبراً أن «سياسة حكومة الوفاق تقديم الحلول السياسية والاجتماعية، واستخدام القوة يأتي بعد انتهاء كل الحلول السلمية».
إلى ذلك، اتهمت عملية «بركان الغضب» التي تشنها القوات الموالية لحكومة السراج، الجيش الوطني بقصف جزيرة سوق الثلاثاء ومنطقة المنصورة وأطراف حي الأندلس إلى الغرب من وسط طرابلس بصواريخ الجراد مساء أول من أمس؛ ما أسفر عن مقتل خمسة مواطنين وإصابة 12 آخرين.
وقال ناطق باسم وزارة الصحة بحكومة الوفاق، إن أحياء مدنية عدة ومنطقة مكسوة بالعشب تُعتبر حديقة في طرابلس تعرضت للقصف؛ ما أدى أيضاً إلى إلحاق خسائر مادية في منازل المواطنين، مشيراً إلى اندلاع النيران في مقبرة الإيطاليين بمنطقة سوق الثلاثاء، إثر سقوط عدد من الصواريخ.
وتجاهل الجيش الوطني، هذه الاتهامات. وقال في بيان لشعبة إعلامه الحربي، إن «طريق المطار يمتلئ بجثث متفحمة للميليشيات وعربات مُدمرة وخسائر كثيرة». وحثت الشعبة على عدم نشر تحركات الجيش وتمركزاته وتعريض جنوده للاستهداف من قبل العدو، لافتة إلى متابعة قيادة الجيش بصورة مستمرة مع كل غرف العمليات سير المعارك بمحاور القتال المختلفة.
كما أعلن الجيش الوطني أنه وجه ضربات جوية حتى فجر أمس، استهدفت معسكر أبو معاذ بغريان؛ ما أدى إلى تدمير مجموعة من الآليات المُسلحة والمدرعات التركية المتواجدة بداخله وبعض مواقع أخرى بأطراف المدينة.
بدورها، دعت الولايات المتحدة مجدداً من وصفتها بالجهات الخارجية في ليبيا، إلى التوقف عن تأجيج الصراع. ونقلت السفارة الأميركية في بيان لها عبر عن كيلي كرافت، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، قولها إنه «يجب على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الامتثال لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بحظر الأسلحة، بما في ذلك من خلال وقف كل دعم للفصائل الليبية وسحب جميع أفراد المرتزقة». ورأت أن «الحل السياسي الذي تيسره الأمم المتحدة هو الطريق الوحيدة لتحقيق الاستقرار في ليبيا على المدى الطويل؛ مما سيتطلب جهداً مستداماً من الأمم المتحدة ودعماً ثابتاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي»، مشيدة بالعملية التي أطلقها الاتحاد الأوروبي أخيراً باسم ايرينى ومساهماتها في تنفيذ حظر الأسلحة.
من جانبه، اتهم فتحي باش أغا، وزير الداخلية بحكومة السراج، «دولاً أوروبية، لم يسمها، بالسعي لتوطين المهاجرين داخل ليبيا». واستدرك خلال لقاء مع مسؤولين أمنيين محليين مساء أول من أمس بطرابلس، قائلاً «لكن سعيهم مرفوض وغير مقبول ويعتبر مساساً بالأمن القومي لليبيا». وقال إن «ظاهرة الهجرة غير المشروعة مصدر قلق لدول حوض المتوسط عامة وليبيا خاصة».