قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، أمس، إن الحالة الوبائية في البلاد «متحكم فيها، وتسير من حسن إلى أحسن، وهو ما سمح بالبدء في تخفيف الحجر الصحي»، مشيراً إلى أن المشكل الذي واجهته الحكومة هو الاختلاف الكبير بين المناطق، إذ إن هناك مناطق خالية من الفيروس، وأخرى تحتاج إلى تشديد إجراءات الحجر الصحي فيها، بسبب ظهور بؤر وبائية من حين لآخر.
وكانت الحكومة قد صادقت، مساء أول من أمس، على مشروع مرسوم تقدم به وزير الداخلية ينص على تمديد مدة سريان حالة الطوارئ الصحية لمدة شهر، أي حتى 10 يوليو (تموز) المقبل، للتمكن من اتخاذ تدابير استثنائية للحد من تداعيات هذا الوباء. كما ينصّ على التخفيف التدريجي لتدابير الحجر الصحي عبر مراحل، حسب التفاوت الحاصل في الوضعية الوبائية بين جهات وعمالات (محافظات) وأقاليم البلاد. وأوضح العثماني، خلال الجلسة العامة التي عقدها أمس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، وخصصت للأسئلة الشفوية الموجهة لرئيس الحكومة حول خطة الحكومة لرفع الحجر الصحي، أنه حماية للمواطنين جرى تقسيم المناطق إلى صنفين. وقال إن هذا الإجراء اتخذته جميع الدول، كما أشار إلى أن دولاً أخرى مددت حالة الطوارئ 6 مرات.
وكشف العثماني أن إجراءات تخفيف الحجر الصحي مؤقتة، وسيجري تقييمها أسبوعياً، وأنه على ضوء النتائج المحققة سيجري توسيع هذه الإجراءات أو تضييقها. وعزا العثماني هذا التدرج إلى أن الحكومة لم «ترد أن تغامر».
وجدّد العثماني التأكيد على أن بلاده استطاعت تجنب الأسوأ من خلال الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها، وبذلك جرى تجنب عدد هائل من الإصابات، وعدد كبير من الوفيات والحالات الحرجة، أسوة بما حدث في بلدان أخرى، وقال: «إذا فقدنا الأرواح لا يمكن إرجاعها، لكن يمكن تدارك الخسائر الاقتصادية والمالية».
وعرض العثماني بعض الأرقام المتعلقة بفيروس كورونا، وقال نسبة الوفيات 2.5 في المائة، وعدّها الأقل في العالم، مشيراً إلى 92 في المائة هي لحالات خفيفة الأعراض، و2 في المائة فقط حالات حرجة.
واستعرض العثماني أيضاً التدابير التي ستتخذها الحكومة لإنعاش الاقتصاد، وأعرب عن تفاؤله بأن تتجاوز بلاده هذه المرحلة بنجاح، وقال إن «المغرب سيكون أفضل بعد (كوفيد 19)».
وأعلنت السلطات المغربية أنه خلال المرحلة الأولى من مخطط تخفيف الحجر، والتي بدأت أمس، سيتم الشروع في التخفيف من قيود الحجر الصحي واستئناف الأنشطة الاقتصادية على المستوى الوطني، باستثناء المطاعم والمقاهي في عين المكان، والحمامات العامة، وقاعات السينما والمسارح.
وبموجب هذا المخطط، جرى تقسيم العمالات (المحافظات) والأقاليم، وفق المعايير المحددة من طرف السلطات الصحية، إلى منطقتين؛ منطقة التخفيف رقم 1 وتضم المدن والمحافظات الخالية من الفيروس، أو تلك التي يسجل فيها عدد قليل من الإصابات، ومنطقة التخفيف رقم 2 وتضم المدن والمناطق الأكثر عرضة لانتشار الوباء.
ووفق هذا المخطط سيسمح لسكان المنطقة رقم 1 الخروج دون حاجة لرخصة استثنائية للتنقل داخل المجال الترابي للعمالة أو الإقليم؛ واستئناف النقل العمومي الحضري، مع استغلال نسبة لا تتجاوز 50 في المائة من الطاقة الاستيعابية، والتنقل داخل المجال الترابي لجهة الإقامة، بدون إلزامية التوفر على ترخيص، والاقتصار فقط على الإدلاء بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، كما ستجري إعادة فتح قاعات الحلاقة والتجميل، مع استغلال نسبة لا تتجاوز 50 في المائة من الطاقة الاستيعابية، وإعادة فتح الفضاءات العمومية بالهواء الطلق مثل المتنزهات، والحدائق، فضلاً عن استئناف الأنشطة الرياضية الفردية بالهواء الطلق. مقابل الإبقاء على جميع القيود الأخرى التي تم إقرارها في حالة الطوارئ الصحية، مثل منع التجمعات، والاجتماعات، والأفراح، وحفلات الزواج، والجنائز.
أما بالنسبة لتخفيف القيود بالمنطقة رقم 2 فخروج الأفراد يقتضي التوفر على رخصة استثنائية للتنقل، وإغلاق المتاجر عند الساعة الثامنة مساء، والإبقاء على جميع القيود الأخرى التي تم إقرارها في حالة الطوارئ الصحية.
وحسب بيان مشترك لوزارتي الداخلية والصحة، فإن الانتقال التدريجي، في إطار مخطط التخفيف من تدابير الحجر الصحي، من مرحلة إلى أخرى، سيخضع مسبقاً لعملية تقييم الإجراءات الواجب تنفيذها والشروط اللازم توفرها على مستوى كل عمالة وإقليم، وذلك من طرف لجان اليقظة والتتبع، يترأسها الولاة والعمال (المحافظون)، وتتكون من ممثلين عن وزارة الصحة والمصالح الخارجية للقطاعات الوزارية المعنية والمصالح الأمنية.
وستتم إعادة تصنيف العمالات (المحافظات) والأقاليم، أسبوعياً، حسب منطقتي التخفيف، على أساس المعايير المحددة من طرف السلطات الصحية. ولضمان إنجاح مخطط التخفيف من تدابير الحجر الصحي، وتفادياً لظهور بؤر جديدة أو انتشار الفيروس في أماكن متفرقة أو دخوله مناطق خالية منه، أهابت السلطات العمومية بجميع المواطنين مواصلة الالتزام والتقيد الصارم بجميع القيود الاحترازية والإجراءات الصحية المعمول بها.
في غضون ذلك، أعلن المجلس العلمي الأعلى بالمغرب، أمس (الأربعاء)، أن إعادة فتح المساجد ستتم في الوقت المناسب، بتنسيق كامل مع وزارة الصحة والسلطات المختصة، مع أخذ تطور الحالة الوبائية بالمملكة بعين الاعتبار.
وكانت فتوى المجلس العلمي الأعلى بإغلاق المساجد قد نصت على أن الضرورة تزول بزوال السبب، ما يعني أن الإغلاق المؤقت للمساجد سيرتفع عند عودة الحالة الصحية في البلد إلى وضعها العادي.