تغيرت الإرشادات الغذائية على مر السنين، إذ أصبح البحث أكثر دقة في تحديد ما يجب أن يأكله الناس لتحقيق نتائج أفضل في الصحة، والوزن الأمثل. وأقوى دليل حتى الآن، يظهر أن السعرات الحرارية مهمة؛ لكن التركيز على جودة الطعام هو جزء مهم بالقدر نفسه في منع زيادة الوزن وتعزيز فقدان الوزن.
جودة الطعام
وبدلاً من اختيار الأطعمة التي تعتمد على القيمة الحرارية فقط، تشمل الأطعمة عالية الجودة الأطعمة غير المكررة، والمعالجة بشكل طفيف، مثل الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والدهون الصحية ومصادر البروتين الصحية، وهي الأطعمة الموصى بها في لوحة الأكل الصحي.
وكان باحثون في قسم التغذية في كلية «الصحة العامة» بجامعة «هارفارد» الأميركية، قد توصلوا في دراسة أجريت على أكثر من 120 ألفاً من النساء والرجال الأصحاء على مدى 20 عاماً، إلى أن تغير الوزن باتجاه الزيادة كان مرتبطاً بقوة بتناول البطاطا، والمشروبات المحلاة بالسكر، واللحوم الحمراء المصنعة وغير المصنعة، أي الغنية بالنشا والحبوب المكررة والدهون والسكريات. أما الأطعمة التي أظهرت أنها مرتبطة بفقدان الوزن، فكانت الخضراوات والحبوب الكاملة والفواكه والمكسرات واللبن.
استجابات غذائية متفاوتة
في دراسة حديثة نشرت في 11 يونيو (حزيران) 2020، في مجلة «نتشر ميديسن» (Nature Medicine) لمجموعة من الباحثين برئاسة تيم سبيكتور، رئيس قسم علم الوبائيات الوراثي بجامعة «كينغز كوليدج لندن»، جرى تغذية 1102 من الأشخاص السليمين صحياً، بوجبات متطابقة لمدة أسبوعين، وقياس استجاباتهم الأيضية. وأظهرت النتائج اختلافات كبيرة تراوحت إلى ما يصل إلى عشرة أضعاف في تفاوتها، ما يعني أن اتباع نظام غذائي صحي لشخص ما يمكن أن يكون غير صحي بالنسبة لشخص آخر.
وكان من ضمن المتطوعين عدد من أزواج التوائم المتطابقة، أظهروا استجابات مختلفة جداً للوجبة نفسها.
وقال سبيكتور: «يتفاعل الجميع بشكل مختلف مع الأطعمة المتماثلة». وكان قد توقع أن يجد مكوناً وراثياً قوياً للاستجابات الأيضية؛ لكنه لم يرَ سوى القليل جداً.
وتم قياس مستويات الغلوكوز والأنسولين والدهون الثلاثية في دم المتطوعين؛ حيث تعتبر المستويات المرتفعة لجميع هذه المركبات الثلاثة بعد تناول الطعام عامل خطر لحدوث السمنة، في حين أن الأشخاص الذين يظهرون ارتفاع الغلوكوز وقفزات في مستوى الدهون الثلاثية بعد تناول الطعام هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري.
وأضاف الباحثون أن العوامل الوراثية لا تلعب دوراً كبيراً؛ بل إن العوامل الأخرى مثل الميكروبات المعوية والنوم وممارسة الرياضة أكثر أهمية. كما أن توقيت الوجبات مهم أيضا؛ حيث إن بعض الناس يتناولون الطعام بشكل أفضل في الصباح، بينما لا يرى أناس آخرون أي اختلاف في قدرتهم على تناول الطعام في أي وقت من اليوم.
كما قام سبيكتور وفريقه أيضاً بتطوير أداة الذكاء الصناعي للتنبؤ باستجابات الأفراد للطعام، استناداً إلى جيناتهم وميكروبات الأمعاء وأنماط التمرين والنوم والاستجابات الأيضية للطعام. وحولت شركة تسمى «Zoe» ومقرها المملكة المتحدة هذا إلى وسيلة اختبار للمستهلكين، وإلى تطبيق للهواتف الذكية سيتم طرحه في الولايات المتحدة الشهر المقبل، وفي المملكة المتحدة في وقت لاحق من هذا العام.