إن أساس معرفة أنواع مجموعة الأدوية المضادة للفيروسات المتوفرة اليوم، ومعرفة كيفية وآلية عملها، والمواقع التي من خلال العمل فيها تتمكن من القضاء على الفيروس، ولماذا تنجح في القضاء على فيروسات معينة وتفشل في تحقيق ذلك بفيروسات أخرى، هو إدراك عنصرين: الأول، مكونات تركيب هيكل الفيروس. والثاني، الخطوات التي يحتاج الفيروس القيام بها لنجاح التكاثر في الخلية الحية بجسم الشخص المُصاب (الخلية المُضيفة).
وفي غالبية الفيروسات، يتكون هيكل الفيروس من مكونين رئيسيين، وهي:
> أولاً: المادة الجينية Genetic Material التي تحمل الصفات الوراثية للفيروس في مكوناته وسلوكياته.
> ثانيا: الغلاف البروتيني Protein Coat المُكون من وحدات بروتينية متراصة في الشكل العام للفيروس. ويعمل هذا الغلاف البروتيني على حماية الحمض النووي الفيروسي، وعلى التعرف على الخلايا المُضيفة المطلوبة في أعضاء جسم الشخص المُصاب، وعلى إتمام الالتصاق بها ونجاح دخول الفيروس أو حمضه النووي إليها.
وهذه المكونات لجسم الفيروس، تفتقر إلى عناصر لازمة للعيش ككائن حي مستقل وعناصر لازمة للتكاثر بالاعتماد الذاتي.
وتفيد مصادر علم الميكروبات بوجود أربع حقائق توضح الكثير جداً عن الفيروسات وسلوكياتها في التسبب بالأمراض، (وهي التي تم عرضها بالتفصيل ضمن مقال «الفيروسات… سلوكياتها ودواعي تسببها بالأمراض» في عدد 29 مايو (أيار) الماضي بملحق صحتك في جريدة الشرق الأوسط)، وهي:
– الحقيقة الأولى: «مشكلة» الفيروسات الرئيسية أنها جُسيمات جامدة لا يُمكن اعتبارها كائناً حياً Free – Living.
– والحقيقة الثانية: «الاحتياج» الأساسي للفيروسات هو البحث عن الحياة النشطة وعن التكاثر.
– والحقيقة الثالثة: «الوسيلة» الوحيدة أمام الفيروسات لعيش الحياة النشطة وللتكاثر هي الدخول إلى خلية حية مُضيفة Host Cells «ملائمة» و«مرغوبة» من الفيروس، في أعضاء محددة بجسم الشخص المُصاب. والبدء بعمليات التطفل عليها لممارسة نشاط الحياة والتكاثر في داخلها.
– والحقيقة الرابعة: ليس كل أنواع الفيروسات تبدأ بنشاط التكاثر بعد دخول الخلية المُضيفة، بل هناك أنواع من الفيروسات «تكمن» في الخلية المُضيفة بشكل خامل لشهور وسنوات، ثم في لحظة ما تبدأ بالنشاط لفترة، ثم تعاود الخمول، وتكرر فعل ذلك لسنوات طويلة.
ولذا فإن الجوانب الأساسية في التفكير لإنتاج الأدوية المضادة للفيروسات تعتمد على نقاط تتعلق بتركيب مكونات الفيروس، أي مكونات الغلاف البروتيني والحمض النووي، ومدى القدرة على إعاقة وتثبيط نشاط العوامل اللازمة لإتمام خطوات عمليات إصابة الخلايا المضيفة وإجراء عمليات التكاثر الفيروسي داخلها وخروج الفيروسات الجديدة منها.