توكد جائحة كوفيد – 19 الحالية مدى الحاجة وأهمية الدور الذي يمكن أن تقدمه وسائل «التكنولوجيا الطبية» و«التطبيب عن بُعد» Tele – Medicine و«تكنولوجيا الصحة الرقمية»، في توفير وسائل ناجحة لاستمرارية توفير «جوانب» من الرعاية الصحية لعموم الناس، والرعاية الطبية للمرضى منهم.
كما تسلط جائحة كوفيد – 19 الحالية الضوء على حجم الحاجة المتنامية إلى تطوير المزيد من الحلول «العملية» و«الآمنة»، باستخدام التكنولوجيا لتقديم أدوات أفضل في توفير الرعاية الصحية على نطاق أوسع، وذلك في ظل محدودية تقديمها بشكل مباشر للمرضى في العيادات بالمستشفيات كما كان الحال من قبل.
التطبيب عن بُعد
تشير الإحصائيات الصحية إلى أن جائحة كوفيد – 19 أدت إلى زيادة نسبة الأميركيين المشاركين في تلقي الخدمات الصحية عن بُعد من 11 في المائة في عام 2019 إلى 46 في المائة اليوم، وأفادت أنظمة تقديم الرعاية الصحية بحصول زيادة حجم الخدمات الصحية عن بُعد بنسبة تتراوح ما بين 50 إلى 175 ضعفاً مقارنة بمستويات ما قبل الوباء الحالي.
والواقع أن جائحة كوفيد – 19 دفعت التكنولوجيا الرقمية إلى المقدمة، حيث وسعت أنظمة الرعاية الصحية اعتمادها بسرعة على حلول الخدمات الصحية عن بُعد، بما في ذلك الرعاية الافتراضية Virtual Care ومراقبة المرضى عن بُعد Remote Patient Monitoring وتحليلات البيانات وقدرات مشاركة السجلات الطبية لرعاية المرضى. وبالتالي دفعت بالتحول الصحي، من خلال دمج الرعاية الافتراضية، لينتقل من المستشفى إلى مكاتب الأطباء ومنزل المريض. وهو ما يصنع، حال التطوير والتطبيق والاستفادة الملائمة، فرصاً جديدة ومهمة لتقديم الأطباء رعاية عالية الجودة للمرضى في أي وقت وفي أي مكان.
وضمن فعاليات مؤتمر «الرابطة الأميركية للتطبيب عن بُعد» American Telemedicine Association، الذي عقد بطريقة المؤتمر الافتراضي Virtual Conference في الفترة ما بين 22 إلى 26 يونيو (حزيران) الحالي، وفعاليات المؤتمر السنوي لخطط التأمين الصحي الأميركية America›s Health Insurance Plans، الذي تم بالوسيلة الافتراضية في الفترة ما بين 16 إلى 18 يونيو (حزيران) الحالي، أفاد كثير من الخبراء الصحيين أن اعتماد تقديم الخدمات الصحية عن بُعد يشهد مستويات حالية غير مسبوقة، وأكدوا أن تقديم الرعاية الصحية عن بُعد سيظل حتى بعد انتهاء جائحة كوفيد – 19 الحالية. وأوضحوا أن الرعاية الصحية عن بعد كانت تُستخدم قبل أزمة كوفيد – 19 بشكل محدود. ولكن لدواع عدة، منها: السلوكيات الصحية التي استلزمتها توصيات التباعد الاجتماعي لتقليل فرص التقاط العدوى، وبحث المرضى عن طرق للحصول على الرعاية الصحية دون الخوف من الإصابة بالفيروس التاجي، والظروف التي تمر بها المستشفيات، كله ضاعف الاستخدام لوسائل التطبيب عن بُعد وزاد الاعتماد عليها بشكل كبير خلال الشهور الماضية. وأضافوا أنه لا عودة الآن للوراء، والمستشفيات وعيادات الأطباء تستثمر حالياً في هذه التكنولوجيا، وأصبح المستفيدون منها، بما في ذلك المرضى كبار السن (الذين هم بالعادة حذرون من التكنولوجيا)، يجنون نتائجها المفيدة لهم في ظل الظروف الحالية.
وأشارت «الرابطة الأميركية للتطبيب عن بُعد» في الثالث والعشرين من الشهر الماضي، بالقول: «في كثير من الأحيان، يقاس نجاح برنامج الرعاية الصحية بمدى قدرته على تلبية احتياج المريض في رحلته المرضية. ويُعد تقبل المريض أمراً بالغ الأهمية لزيادة الاستخدام والامتثال والنتائج. والمرضى سيشهدون فائدة ملحوظة في رعايتهم عن بُعد إذا كانت حلول هذه التكنولوجيا الصحة متاحة وملاءمة ويمكن الوصول إليها».
وأضافت: «وفي حين أن اعتماد الحلول التي تدعمها التكنولوجيا في جانب الصحة النفسية والسلوكية قد شهد زيادة في الاستخدام خلال السنوات القليلة الماضية، فإن الوتيرة المتسارعة للاعتماد عليها والحاجة المتوقع ارتفاعها لهذه الحلول بسبب تأثير جائحة كوفيد – 19 سيستمر في المستقبل. وستعزى هذه الزيادة إلى عدد الأفراد الذين تأثروا بفقد شخص عزيز، وبالعزلة الذاتية، وباضطراب ما بعد الصدمة PTSD خلال هذا الوباء. وخلال عام 2019 تم استثمار أكثر من 7.4 (سبعة فاصلة أربعة) مليار دولار في شركات الصحة الرقمية Digital Health Companies».
ملبوسات مراقبة
وضمن فعاليات المؤتمر الطبي المذكور، قدمت إحدى الشركات، التي تصنع أحد أنواع «أجهزة يُمكن ارتداؤها» Wearable Devices المتوفرة بالأسواق، نتائج استطلاعها لمجموعة من المرضى حول مدى اعتقادهم بجدوى «المراقبة الطبية المتخصصة عن بُعد» Specialized Remote Monitoring لحالتهم المرضية. وشمل الاستطلاع شريحة ضمت أكثر من ألفين من المصابين بالأمراض المزمنة بالولايات المتحدة، في الفترة ما بين 29 مايو (أيار) و2 يونيو (حزيران) الماضيين. وقالوا إن الدراسة قدمت تقييماً لمدى الاهتمام بتكنولوجيا المراقبة الطبية عن بُعد، التي تهدف إلى مساعدة المرضى الذين إما أنهم يديرون متابعة حالتهم المرضية المزمنة أو الذين يديرون حالة شخص ما يهتمون به من أقاربهم أو أصدقائهم. وأفادت الشركة في نتائجها أن ما يُقارب 90 في المائة ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون أن «المراقبة المتخصصة عن بُعد» يمكن أن تساعد في إدارة معالجة ومتابعة حالاتهم المرضية المزمنة بشكل أفضل. وقال 75 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع أنهم سيرتدون جهازاً متخصصاً إذا وصفه الطبيب لهم لمتابعة حالتهم الصحية. وأن هذا، باستثناء أولئك الذين يبلغون 65 عاماً أو أكثر، سيقلل 60 في المائة تقريباً من ذهابهم شخصياً إلى الطبيب في حال كان بإمكانهم مشاركة البيانات الصحية عن بُعد مع طبيبهم. بالإضافة إلى ذلك، وجدت الدراسة أن أكثر من نصف الذين شملهم الاستطلاع قد يفكرون في تبديل الطبيب إذا لم تتوفر لديه خدمة المراقبة الصحة عن بُعد، ويختارون التبديل إلى طبيب يقدم مثل هذه الخدمة. وقال ممثلو الشركة في بيانهم الصحافي: «إن الأمراض المزمنة كلفت نظام الرعاية الصحية الأميركي 3.1 (ثلاثة فاصلة واحد) تريليون دولار في عام 2019، وأن عبء تقديم العلاج المستمر وامتثال المرضى يؤثر عليهم وعلى مقدمي الخدمات لهم على حد سواء. وما تبرزه هذه الدراسة هو أن المستهلكين حريصون على اعتماد أجهزة مراقبة الصحة عن بُعد، التي لديها القدرة على تقليل الحاجة إلى تدخلات علاجية حادة مكلفة ومعقدة، ولا تتماشى مع نماذج الرعاية الاستباقية والشخصية للمستقبل».
خطوات لاستفادة أكبر من العيادة المرئية
خلال جائحة كوفيد – 19. استلزمت توصيات التباعد الاجتماعي والحرص على تقليل فرص التقاط العدوى، إجراء تغييرات في طريقة تقديم الرعاية الصحية في العيادات بالمستشفيات، وذلك لضمان استمرارية استفادة المرضى من التواصل مع الأطباء لرعاية حالتهم المرضية وتقديم المعالجات الأزمة بطريقة ممكنة.
وعلى سبيل المثال، تتيح المواعيد الصحية عن بعد Telehealth Appointments زيارات العيادة المرئية بالفيديو Video Visits، التي تشمل مزايا اختيار الزيارة الافتراضية في عدم السفر لحضور الموعد بالمستشفى مع الحاجة للسكن وتكاليفه المادية، والبحث عن موقف للسيارة، وتقليل فترة الانتظار، والتوفير الكبير في الوقت. ورغم أن مستشفيات عدة حول العالم اعتمدت منذ سنوات استخدام مواعيد الفيديو من قبل الأطباء لمتابعة الحالات ما بعد إجراء العمليات الجراحية والمتابعة التخصصية الطبية، فإن معظم المرضى ليس لديهم خبرة في كيفية إجراء ووسائل الاستفادة من الزيارات الطبية للعيادة القائمة على الفيديو.
وتعلق الدكتورة تينا أردون، طبيبة طب الأسرة في مايو كلينك، بقول ما مفاده: «من المفهوم أن العديد من المرضى يشعرون بالتوتر في المرة الأولى التي يزورون فيها مواعيد الخدمات الصحية عن بعد، خاصة إذا لم يكونوا يألفون أو مرتاحين لاستخدام وسائل تكنولوجيا التواصل. ولكن تماماً مثل الزيارة الشخصية بالحضور الجسدي، هناك أشياء يمكن للمريض، أو منْ يهتمون برعايته المنزلية، القيام بها للحصول على زيارة طبية ناجحة عن بُعد عبر تكنلوجيا الاتصال بالفيديو».
وتقدم الدكتورة أردون أهم أربع نصائح لزيادة الاستفادة من زيارة العيادة بالفيديو إلى أقصى حد مع الطبيب، وهي:
> فهم كيفية إجراء الاتصال بطبيب العيادة. ننصح المرضى بالتنزيل المسبق للبرامج التي قد يحتاجون إليها. وبهذه الطريقة، إذا واجهوا أي صعوبة يمكنهم الاتصال بفني تكنولوجيا المعلومات بالمستشفى لاستكشاف الأخطاء وإصلاحها قبل الموعد الفعلي.
> تأكد من شحن بطارية جهازك بالكامل. سواء كنت تستخدم هاتفا محمولاً أو كومبيوترا أو جهازاً لوحياً، تحقق مرة أخرى من البطارية قبل موعدك. وتضيف الدكتورة أردون «كان لدي عدد قليل من المرضى الذين فقدتهم أثناء زيارتي عن بُعد عبر الفيديو لأن بطاريتهم فرغت».
> أبحث عن مكان هادئ ومضاء جيداً. وتقول الدكتورة أردون: «إننا نجري زيارات العيادة بالفيديو في غرفة فحص المرضى أو في مكتب هادئ حتى لا نتشتت انتباهك. ستحتاج أيضاً إلى التواجد في مكان يسمح بزيارة مثمرة تشمل إضاءة جيدة. يمكنني أن أنظر إلى المريض وأرى على سبيل المثال، إذا كان يبدو مريضاً جداً أو نوعاً ما فقط مريضاً، أو لديه ضيق في التنفس. لذا كلما كانت الإضاءة أفضل، زادت قدرة الطبيب على الرؤية»، والتقييم الطبي الأفضل.
> تعامل مع زيارة الفيديو مثل أي موعد آخر وتحلى بالصبر. وتقول الدكتورة أردون: «كن في الموعد المحدد وكن على استعداد مع قائمة القضايا والأسئلة التي تريد مناقشتها، مع الطبيب. ولكن تذكر أنه لا يمكن التنبؤ يعمل التكنولوجيا في بعض الأحيان، لذلك قد يحصل خلل» في مواصلة الاتصال.
وتعتقد الدكتورة أردون أن زيارات العيادة بالفيديو ستستمر في الزيادة، وتضيف: «زيارات العيادة بالفيديو وسيلة قيمة بالنسبة لنا لرعاية المرضى والحد من التعرض لاحتمالات العدوى. أعتقد أننا سنرى على الأرجح أن استشارات زيارات العيادة بالفيديو ستصبح أكثر شيوعاً حتى بعد جلاء الوباء».