استعرض «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، «سيطرة» قواته على منطقة الهلال النفطي الاستراتيجية. في وقت صعدت فيه قوات حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، ومؤسسة النفط التابعة لها، ضغوطهما مع الشركاء الدوليين لإقناع حفتر بالتراجع عن استمرار منع استئناف إنتاج النفط.
وبدا أمس أن قوات «الوفاق» تمهد لعمل عسكري وشيك في محاور القتال شرق «مصراتة»، حيث أعلنت غرفة «عمليات سرت والجفرة»، التابعة لحكومة الوفاق، أن «المنطقة الواقعة بين أبوقرين وبويرات الحسون، مروراً بالوشكة، منطقة عمليات عسكرية، ويمنع نهائياً التجول والتنقل فيها، مهما كانت الأسباب»، وحذرت في بيان مقتضب «جميع المواطنين من مخالفة التعليمات».
وكان العميد عبد الهادي دراه، الناطق الرسمي للغرفة، قد أعلن أن قواتها «رصدت أخيراً عددا من الاختراقات والانتهاكات»، التي تقوم بها مجموعات تابعة لـ«الجيش الوطني» بمنطقة سوكنة، وادعى تسجيل أكثر من عملية اعتداء على منازل المواطنين ومزارعهم الخاصة بهدف سرقة الأموال والممتلكات. كما زعم «حدوث سطو مسلح على مقار الجهات العامة، بما في ذلك شركة المواشي واللحوم».
في المقابل، قال اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم قوات الجيش الوطني، لـ«الشرق الأوسط»، أمس إن «العمليات العسكرية كانت شبه متوقفة تماماً أمس، باستثناء بعض عمليات الاستطلاع، وإعادة حشد القوات على خطوط النار»، مضيفاً أن «العدو يقوم بنقل معدات إلى طرابلس وزوارة، ومنها إلى قاعدة عقبة بن نافع في منطقة الوطية، كما يقوم بنقل معدات عسكرية وأفراد من تركيا إلى غرب ليبيا، وبالتحشيد بشكل مستمر؛ لكن لا عمليات حتى الآن».
وكان المسماري قد اعتبر أن «الحملة التي تشنها مؤسسة النفط، الموالية لحكومة السراج «دعاية مدفوعة الثمن»، تستهدف ممارسة الضغوط على قيادة الجيش الوطني والشعب الليبي». ولفت في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس، إلى أن «حقول النفط كانت مغلقة تماماً قبل سنوات، ويحتلها قادة (إرهابيين)، ولم تعلن المؤسسة حالة القوة القاهرة»، مضيفاً أن «تركيا تريد المال، وأي دولار يذهب إلى المصرف المركزي يذهب مباشرة إلى أنقرة. مليارات الأموال الليبية سرقت بطرق شتى، وتم تهريبها إلى أنقرة… وإذا استمرينا في الصمت والهدوء والسكون فستنقل السيادة الليبية إلى أنقرة، ومن المستحيل أن يقبل ليبي وطني حر أن تهان سيادة بلاده».
ورداً على ما ورد خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي حول ليبيا بشأن «وجود مرتزقة أجانب، وخاصة من روسيا في أحد الحقول النفطية»، قال المسماري إن هذا الكلام «عار تماماً من الصحة»، موضحاً أن «المندوب الروسي نفى بنفسه وجود أي تواجد عسكري على الأراضي الليبية». كما نفى المسماري «زرع حقول ألغام في حقل الشرارة»، متحدثاً في المقابل عن «وجود ألغام بشرية من السكان المحليين، حرمت تركيا من السيطرة على النفط لتمويل عملياتها (الإرهابية) في ليبيا وخارجها»، وحذر من «تحويل ليبيا إلى قبرص التركية».
وأعلن «الجيش الوطني» بدء وحداته العسكرية في تسيير دوريات، مكونة من القوات الخاصة، ووحدات من جهاز حرس المنشآت النفطية باتجاه منطقة الهلال النفطي والحقول والموانئ، تحت غطاء جوي لمقاتلات سلاح الجو التابعة لها. وأوضح بيان مقتضب لشعبة الإعلام الحربى بـ«الجيش الوطني» أن «هذا الإجراء تم اتخاذه عقب انعقاد اجتماع موسع في مقر جهاز حرس المنشآت النفطية لمناقشة خطة تأمين الحقول والموانئ النفطية».
ومع ذلك، كشف مصدران بقطاع الشحن البحري لـ«رويترز» أمس، أن «ناقلة النفط «كريتي باستيون» تتجه نحو ميناء السدر النفطي الليبي، بعدما رفعت مؤسسة النفط أول من أمس بشكل مفاجئ حالة القوة القاهرة، التي كانت مفروضة على تحميلات الخام من الميناء بعد إغلاق استمر ستة أشهر؛ لكن حراساً محليين منعوا استئناف التحميل».
وكان فائز السراج قد أكد خلال اجتماعه أول من أمس مع وفد من شركة «إيني» الإيطالية للنفط والغاز، على «الأهمية القصوى لسرعة إعادة ضخ النفط، بالنظر للآثار السلبية الخطيرة ماديا وفنياً الناجمة عن استمرار الإغلاق». وقال في بيان له إن الاجتماع جاء في إطار الشراكة في مجال النفط والغاز وسبل تطويرها، وأنه تناول الجهود المبذولة لإعادة فتح الحقول النفطية، مشيراً إلى أن «الاجتماع تابع أيضا مشاريع الشركة في ليبيا في مجال الطاقة الكهربائية، وتحسين كفاءة الشبكة وزيادة القدرة الإنتاجية للمحطات، والمتطلبات الفنية واللوجيستية لتحقيق ذلك».
بدوره، أعرب مصطفى صنع الله، رئيس مؤسسة النفط، لدى اجتماعه مع مسؤولي شركة «إيني» الإيطالية، عن تقديره للدعم الذي يقدمه «شركاؤنا الدوليون في هذه الأوقات الصعبة». بينما أشاد مدير الشركة بما «وصفه بالجهود القصوى التي تبذلها المؤسسة من أجل إنهاء الحصار، الذي تسبب في توقف الإنتاج في جميع حقول النفط البرية الليبية، بما في ذلك حقلا الفيل وأبو الطفل، التابعان للشركة الإيطالية»، مشدداً على أن «استمرار الإقفالات لفترة مطولة، من شأنه أن يتسبب في انهيار المنشآت النفطية الحالية، بالإضافة إلى الأضرار الجسيمة التي قد تلحق بالإيرادات الليبية».