كشفت تصريحات عدد من أعضاء لجنة التحقيق البرلمانية فيما يعرف بملف شبهة «تضارب المصالح» التي تحوم حول رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ، عن حجم الخلافات التي تشق هذه اللجنة، رغم أنه لم تمض سوى أيام قليلة على تشكيلها، حيث تحولت إلى ميدان للسجال السياسي قبل أن تدخل مرحلة بداية التحقيق الفعلي في هذه الشبهة، وساحة بالنسبة لبعض الأطراف الحزبية لتصفية الحسابات السياسية. وتنظر هذه اللجنة في عدد من المطالب؛ من بينها تنحي رئيس الحكومة، سواء من خلال سحب الثقة منه؛ وتدخل رئيس الجمهورية ودعوته إلى الاستقالة، وقد شدد رئيس اللجنة في هذا السياق على أن هذا المطلب «جدي، واللجنة ستنظر فيه»، وهو ما خلف تعليقات متباينة، واتهامات متبادلة بين أعضاء اللجنة البرلمانية.
ويرى عدد من المراقبين أن حزبي «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة» المعارضين يسعيان إلى تصفية حساباتهما السياسية مع الفخفاخ، خصوصاً بعد أن رفض هذا الأخير انضمام «قلب تونس» إلى الائتلاف الحكومي، وعدم دعوته «ائتلاف الكرامة» إلى المشاركة في الحكم، فيما قاطع «الحزب الدستوري الحر» هذه اللجنة وقرر عدم الانضمام إلى تركيبتها بعد أن عدّها «إطاراً ضيقاً لتصفية حسابات سياسية».
في المقابل؛ تسعى أطراف عدة من الائتلاف الحكومي للاستفادة من «حالة ضعف» رئيس الحكومة لتمرير بعض المبادرات؛ من بينها توسيع الحزام السياسي الداعم للفخفاخ، وتأجيل «حركة النهضة» الحسم في الاتهامات الموجهة لرئيس الحكومة وموقفها النهائي من حكومته إلى حين الانتهاء من التحقيقات، وهو ما عدّ وسيلة ضغط إضافية على الحكومة.
من جانبه؛ نصح عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى «حركة النهضة»، أمس، الفخفاخ بتقديم استقالته من رئاسة الحكومة، قائلاً إن حزبه «دعم الحكومة وإلياس الفخفاخ وصبر على اختياراته وحاول إقناعه، لكن للأسف… للفخفاخ قناعات أخرى»، مشيراً إلى أن الفخفاخ غير مستعد لتطوير هذه التركيبة الحكومية الحالية، «رغم تدهور وضعها، ومحدودية نجاحها في حل الملفات الشائكة». وانسحب مصطفى بن أحمد، النائب عن «حركة تحيا تونس»، من لجنة التحقيق البرلمانية، محتجاً على ما حصل من تراشق وفوضى واتهامات في اللجنة، ليعلن بعد ذلك عن تعليق نواب الكتلة عضويتهم في اللجنة.
واستفحل التوتر داخل هذه اللجنة بعد مطالبة رئيسها عياض اللومي رئيسَ الحكومة بالتنحي عن السلطة، وتفويض صلاحياته لطرف آخر إلى حين صدور نتائج التحقيق الذي ستجريه هذه اللجنة. وفي المقابل، طالب أعضاء اللجنة بفتح ملفات كل المسؤولين الكبار في الدولة بعد ثورة 2011، وعدم الاقتصار على أشخاص بعينهم؛ في إشارة إلى ملف «التهرب الضريبي» وشبهة الفساد التي تلاحق نبيل القروي، رئيس حزب «قلب تونس»، وعدّوا أن «هذه الطريقة الانتقائية تعدّ (تصفية حسابات سياسية) مع رئيس الحكومة، وليست غايتها مكافحة الفساد كما يروج لذلك».