أعادت وفاة وزير الدفاع في عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، الفريق الأول الركن سلطان هاشم، في السجن قضيةَ «المصالحة الوطنية» إلى التداول العام على المستويين الرسمي والشعبي بهدف وضع حد نهائي وأخير للتوترات الاجتماعية والسياسية التي تفجرت بين المكونات العراقية، خصوصاً الشيعية والسنية، بعد عام 2003. ويعد سلطان هاشم، الذي أعلن عن وفاته أول من أمس متأثراً بأزمة قلبية ألمت به في سجن «الحوت» بمدينة الناصرية الجنوبية، من بين ألمع قادة الجيش العراقي السابق.
ويضم سجن «الحوت» غالبية أركان نظام الحكم البعثي الذين أدانتهم المحكمة الجنائية الخاصة التي تأسست بعد 2003 بأحكام تراوحت بين الإعدام والسجن المؤبد والخفيف في حالات قليلة. وسبق أن توفى في السجن ذاته كثير من رموز النظام السابق (نظام صدام)، ضمنهم وزير الخارجية الأسبق طارق عزيز.
وأثارت وفاة سلطان، الذي ولد في مدينة الموصل عام 1945، جدلاً عراقياً واسعاً نظراً لمطالبات سابقة ومتكررة بإطلاق سراحه وإصدار عفو عنه؛ إذ تنظر إليه اتجاهات عراقية واسعة بوصفه شخصية مهنية محترفة كانت تتمتع بسمعة رفيعة داخل الأوساط العسكرية، حتى مع أنه أحد أبرز قادة الجيش في عهد صدام حسين. لكن ذلك لم يمنع من وجود اتجاهات أخرى غير قليلة رافضة للتساهل معه بوصفه جزءاً من منظومة نظام الحكم الديكتاتوري التي دفعت بالبلاد إلى مغامرات عسكرية كثيرة أضرت بحاضرها ومستقبلها.
بدوره، نعى «تحالف القوى العراقية» الذي يضم طيفاً واسعاً من القوى والشخصيات السنية، سلطان هاشم، ودعا القوى السياسية الأخرى إلى «تفعيل مشروع المصالحة الوطنية المعطل». وقال التحالف في بيان: «بمزيد من الحزن والأسى، ينعى (تحالف القوى العراقية) الفريق الأول الركن سلطان هاشم أحمد، وزير الدفاع العراقي الأسبق، والذي كان عنواناً للعسكرية العراقية الوطنية والمهنية الخالصة، وقاد الجيش العراقي في أصعب معارك الدفاع عن حدود العراق وتحرير أراضيه». ودعا إلى «تفعيل مشروع المصالحة الوطنية (المعطل)، والمبادرة بإطلاق سراح قادة الجيش العراقي الباسل».
ولا يعرف على وجه الدقة عدد المحكومين من أركان نظام صدام حسين السابق الذين ما زالوا في سجن «الحوت» بمدينة الناصرية، لكن مصدراً قانونياً قال لـ«الشرق الأوسط» إن «إجمالي من بقى يناهز 20 شخصية، ضمنهم نجلا سبعاوي إبراهيم الحسن، الأخ غير الشقيق للرئيس الراحل صدام حسين». ويؤكد المصدر أن «أوامر بتنفيذ أحكام الإعدام بحق كثير من المتهمين الموجودين في سجن (الحوت) لم تصدر عن أي رئيس جمهورية عراقي منذ 2003».
ويرى المصدر أن «السياق السياسي وليس القانوني هو الفاعل في قضية أركان النظام السابق، وربما يفضل قادة بغداد أن يموت المعتقلون موتاً طبيعياً، نظراً لتقدم أغلبهم في السن، على أن تنفذ فيهم أحكام الإعدام وما قد تثيره من مشكلات». وذكر المصدر أن «نجلي الوزير سلطان كانا يزورانه بشكل منتظم في أوقات الزيارة المحددة».
وفي مدينة الموصل؛ مسقط رأس وزير الدفاع الأسبق، ينتظر كثيرون وصول جثمانه لتشييعه اليوم. ويقول مصدر صحافي من الموصل لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزن خيم على المدينة بعد إعلان نبأ وفاة سلطان هاشم الذي يتمتع بسمعة كبيرة داخل الأوساط الموصلية». ويرجح المصدر أن «يقام تشييع شعبي كبير لجنازة هاشم في الموصل بعد وصولها من مدينة الناصرية الجنوبية البعيدة (أكثر من 700 كيلومتر)». ويشير إلى أن «عائلة سلطان هاشم تعيش ظروفاً قاسية، خصوصاً بعد وفاة زوجته، وكذلك وفاة نجله أحمد بحادث سير في سوريا عام 2018».
ويؤكد المصدر أن «محافظ نينوى السابق منصور المرعيد المتحالف مع رئيس قائمة (العطاء) ورئيس (هيئة الحشد) فالح الفياض، سيكون في طليعة المستقبلين والمشيعين للجنازة». وأظهرت صور تداولها ناشطون المحافظ السابق المرعيد وهو يقف إلى جانب مجموعة من الأشخاص في انتظار وصول جثمان وزير الدفاع الراحل.
يذكر أن سلطان هاشم، كان في 3 مارس (آذار) 1991 على رأس الوفد العسكري العراقي المفاوض لتوقيع وقف إطلاق النار الشهير في «خيمة صفوان» مع قوات التحالف الدولي.