في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن مباشرة محادثات ثنائية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، في غضون أيام، حول الجدول الزمني لبلورة اتفاق إقامة العلاقات بين البلدين، أطلق حلفاؤه في اليمين الاستيطاني وعدد من رفاقه في حزب الليكود الحاكم، حملة للضغط عليه وعلى الإدارة الأميركية للعودة إلى مخطط الضم وعدم إسقاطه. وهدد عدد من قادة المستوطنات بالإطاحة به واختيار قائد آخر من الليكود ليحل محله.
وقال وزير المواصلات السابق، النائب بتصلئيل سموتريتش من اتحاد أحزاب اليمين «يمينا»، أمس (الجمعة)، إن «واجب اليمين الحقيقي الأول اليوم هو استبدال نتنياهو والتخلص من قيادته للمعسكر». وأضاف: «تنازل نتنياهو عن مخطط فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات وعن ضم غور الأردن وشمالي البحر الميت، يفتح الباب للعودة إلى حل الدولتين. وهذا لا يعني إضاعة فرصة تاريخية فحسب، بل تدمير للمشروع الاستيطاني بأيدٍ يمينية. ليس لهذا الغرض وقفنا معه وعززنا مكانته في الحكم ومنعنا بأجسادنا استبداله. إنني أدعو إخوتي في اليمين إلى فتح عيونهم. فأميركا لم تتغير وما يحصل الآن هو أن الرئيس دونالد ترمب يكمل طريق سابقيه ويفرض علينا قبول دولة فلسطينية إرهابية».
واستخف سموتريتش بالاتفاق مع الإمارات قائلاً: «أنا لا أفهم هذه الضجة العالمية حول الموضوع. فهذا السلام يقام مع دولة لم يكن لنا معها صراع حربي حتى يسمّوا إقامة علاقات دبلوماسية معها اتفاق سلام. لكن نتنياهو يُسكرنا بسحره الكاذب. لقد نجح في تخويفنا من حكم اليسار وها هو يأتينا بفكر اليسار لينفذه باسم اليمين. علينا أن نُسقطه بطريقة لا يحل فيها اليسار في الحكم ولذلك من واجب الليكود أن يتخلص ويخلصنا منه وينتخب قائداً جديداً لمعسكر اليمين يكون أهلاً لحمل اسم اليمين».
وقررت مجموعة الضغط «لوبي الاستيطان البرلماني»، التي تضم مجموعة من وزراء ونواب الليكود وغيره من أحزاب اليمين، عقد اجتماع احتجاجي ضد تنازل نتنياهو عن مخطط الضم يوم الاثنين القادم. وتوجه مسؤول في الليكود، مقرب منه، طالباً إلغاء الاجتماع والتريث لفحص التطورات خلال أسبوعين أو ثلاثة، وقال إن «نتنياهو لم يتخلَّ عن مخطط الضم إنما أوقفه نزولاً على رغبة الرئيس ترمب، أهم صديق لإسرائيل في التاريخ». لكنّ منظمي الاجتماع رفضوا. وقال أحدهم، النائب حاييم كاتس، وزير العمل السابق، إن «نتنياهو قتل مخطط الضم». وهذه الكلمات كان قد استخدمها رجل الأعمال الإسرائيلي الأميركي، حاييم صبان، الذي يعد أحد المبادرين إلى المفاوضات بين تل أبيب وأبوظبي، إذ قال في تصريحات لوسائل الإعلام الإسرائيلية، أمس (الجمعة)، إن «مخطط الضم لم يتوقف ولم يجمّد بل مات، مات وانتهى أمره. أصلاً هو مشروع وهمي لم يقصد أحد بجد أن يُنفذ. إنني كنت أتمنى لو أن نتنياهو تمتع بالشجاعة المطلوبة وصارح الشعب بهذه الحقيقة».
وقال أحد وزراء الليكود، أمس، إن «هناك أجواء معادية لنتنياهو بشكل غير مسبوق في المستوطنات، والأمر يحتاج إلى عمل ما. وقرر سبعة من وزراء الليكود التوجه إلى الرئيس ترمب ومطالبته بأخذ الأوضاع الداخلية في إسرائيل في الاعتبار والتراجع عن إلغاء الضم». وأكدوا أنهم سيجتمعون بالسفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، المعروف بقربه من اليمين والمستوطنين والذي كان قد صرح، أول من أمس (الخميس)، وهو إلى جانب الرئيس ترمب، بأن «تعليق مخطط الضم هو إجراء مؤقت، لم يُصرف النظر عنه بشكل نهائي». وقال وزير الصحة، يولي إدلشتاين في بيان: «أحيّي رئيس الحكومة على الاتفاق المهم بين إسرائيل والإمارات، وخصوصاً استثمار الإمارات في إسرائيل من أجل تطوير لقاح ضد (كورونا) وهذه خطوة مهمة جداً. وإلى جانب ذلك، فإن السيادة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وغور الأردن ليست أقل أهمية بالنسبة لشعب إسرائيل. ويحظر أن يلغي التطبيع فرض القانون الإسرائيلي. وتعهدنا لـ1.3 مليون من ناخبي الليكود بالسيادة، وعلينا الإيفاء بتعهدنا». وقال وزير الطاقة، يوفال شتاينتس، إن مخطط الضم «لم ينزل عن الأجندة، لكننا ملزمون تجاه الأميركيين بضرورة التنسيق معهم». وقال وزير الاستيطان، تساحي هنغبي، إن «إسرائيل لم ولن تتنازل عن الضم أبداً، وسنطبقه أيضاً. كل ما هناك هو أننا وافقنا على الاستجابة لطلب صديق حقيقي، الرئيس ترمب، بإرجائه حالياً».
وأضاف هنغبي: «إسرائيل تعزز سيطرتها على يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة) منذ عام 1967. وبدأنا بصفر مستوطنين، وبعد ذلك 1000 و100,000 واليوم يوجد نصف مليون مستوطن. مررنا باتفاقات كامب ديفيد التي أقر فيها زعيم الليكود التاريخي، مناحيم بيغن، بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، بينما سياستنا ترفض سيادة فلسطينية جملة وتفصيلاً في يهودا والسامرة».
من جهة أخرى، يواصل نتنياهو الحديث عن أهمية الاتفاق وتوجّه أمس بالشكر إلى الدول العربية التي ساندته، وذكر بالاسم مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي، وكذلك البحرين وسلطنة عمان. وذكرت مصادر مقربة من نتنياهو أن رئيس الموساد (جهاز المخابرات الخارجية)، يوسي كوهن، سيترأس وفداً إسرائيلياً رفيعاً، الأسبوع المقبل، إلى أبوظبي من أجل مباشرة المفاوضات بين البلدين حول سبل تطبيق الاتفاق والجدول الزمني لذلك، بما فيه تحديد موعد للقاء بين القادة الثلاثة (الشيخ محمد بن زايد وترمب ونتنياهو)، في واشنطن للتوقيع الرسمي على الاتفاق.