قرر المجلس الوطني لحزب «التيار الديمقراطي» المشارك في الائتلاف الحكومي التونسي الذي تتزعمه «حركة النهضة»، عدم منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء المكلف هشام المشيشي، متعهداً «ممارسة دوره الرقابي في المعارضة البناءة والمسؤولة».
وأكد الحزب الذي يقود تحالفاً مع «حركة الشعب» ضمن «الكتلة الديمقراطية» في البرلمان، تعامله «بإيجابية منذ أول وهلة مع المكلف تشكيل الحكومة»، معرباً عن استعداده «لدعم حكومة تحمل رؤية وطرحاً سياسيا قادراً على إنقاذ البلاد، بغض النظر عن موقع الحزب داخل الحكومة أو خارجها».
وأكد التيار الممثل في البرلمان بـ23 مقعداً، صدمته من تبني المشيشي خيار حكومة تكنوقراط غير سياسية «واعتماده على مشاورات صورية شابها الغموض وغابت عنها الجدية». ونبه إلى «خطورة هذا التمشي (المسار) الذي يشكل استهدافاً للتجربة الديمقراطية الناشئة في تونس وتغييباً مقصوداً لدور الأحزاب السياسية التي تمثل النواة الأساسية للأنظمة الديمقراطية وتعدياً على إرادة الناخبين».
وخلافاً لهذا الموقف، أعلن القيادي في «حركة الشعب» خالد الكريشي أن حزبه (15 صوتاً) قرر مبدئيّاً منح الثقة لحكومة المشيشي رغم تحفّظه على طريقة المشاورات. أما فيما يتعلق بتباين المواقف بين «حركة الشعب» و«التيار الديمقراطي»، رغم أنهما ينتميان إلى كتلة نيابية واحدة، فأكد أن «الحركة ليست وصية على آراء التيار ومواقفه… التيار والحركة شريكان سياسيان وسيظلان كذلك رغم محاولات البعض خلق مواطن خلل بينهما، والمشاورات لا تزال جارية بيننا». وأشار إلى أن «الوضع السياسي اليوم في تونس أشبه بالرمال المتحركة ولا توجد مواقف ثابتة أو نهائية، وهناك إمكانية لمراجعة التيار لقراره بعدم منح الثقة للحكومة المقترحة».
وكان «ائتلاف الكرامة» الذي يقوده سيف الدين مخلوف (19 نائباً) قد أكد أنه لن يمنح الثقة لحكومة المشيشي «وسيقف سداً منيعاً ضدها لحماية المسار الديمقراطي». وقال القيادي في الائتلاف يسري الدالي إن «هذه الحكومة المنتظرة هي حكومة الرئيس الثانية بعد حكومة إلياس الفخفاخ، وهو الذي أملى على رئيس الحكومة المكلف الفريق الحكومي الذي سيقوده». وأضاف أن «أحزاباً سياسية عدة تخشى عادة الانتخابات البرلمانية على عكس ائتلافنا الذي يبقى مستعداً لذلك رغم تخوفه من خلق أزمة سياسية».
من ناحيته، قال رئيس «حركة النهضة» راشد الغنوشي إن حزبه (54 مقعداً) ضد تشكيل حكومة كفاءات «مطلقاً وبصفة مبدئية»، معتبراً ذلك «مسألة مجانبة للديمقراطية وعبثاً بالاستحقاق الانتخابي ونتائجه وإهداراً لجهد المنتخبين وأصوات الناخبين». ورأى أن «الديمقراطية هي حكم الأحزاب والتعبير عن توازنات المجالس المنتخبة وليست حكم الكفاءات».
غير أن مراقبين يرون أن «حركة النهضة» لن تقف أمام حكومة المشيشي وستسعى إلى التعامل مع الوضع الراهن ومنحها الثقة، بعد اجتماع مجلس شورى الحركة، مع قيادة مجموعة ضغط برلماني قوية ضدها قد تفوق 120 صوتاً.
وفي السياق ذاته، رجح القيادي في حزب «قلب تونس» المعارض أسامة الخليفي أن يكون لحزبه (29 مقعداً) موقف من تشكيلة حكومة المشيشي «يحافظ على مؤسسات الدولة وينهي مرحلة حكومة تضارب المصالح»، وهو ما قرئ على أساس أنه موافقة على منح الحكومة الثقة.
يذكر أن المهلة الدستورية لإعلان الحكومة الجديدة تنتهي اليوم (الثلاثاء)، ومن المنتظر أن تكون حكومة المشيشي مصغرة لا يزيد عدد أعضائها عن 23 وزيراً، وأن يدمج عدداً من الوزارات ذات الاختصاصات المتقاربة ضمن وزارة واحدة على غرار وزارات المالية والاستثمار والتنمية وأملاك الدولة، وكذلك وزارات التربية والتعليم العالي والتكوين المهني والتشغيل.