تشهد العاصمة الجزائرية وضواحيها، منذ يومين، حصاراً أمنياً مشدداً، يتمثل في نشر العشرات من نقاط المراقبة على مداخلها، لمنع مئات من المفصولين من الجيش والمصابين بفعل القتال ضد جماعات الإرهاب، من الوصول إلى وزارة الدفاع.
ويسعى أعضاء «جمعية معطوبي الجيش والمشطوبين من صفوفه»، إلى تنظيم مسيرة من منطقة رغاية (30 كيلومتراً شرق العاصمة) إلى مقر وزارة الدفاع، منذ أول من أمس، بغرض طرح مطالبهم على قيادة الجيش. غير أن السلطات حالت دون اقترابهم من العاصمة، ووضعت قوات الدرك عشرات الحواجز في الطرق السريعة والجانبية لمنع المظاهرة.
وتجمع كثير من المحتجين في مناطق متفرقة، ورددوا شعارات مطالبة بالتعويض عن السنين التي قضوها في صفوف الجيش، وفي مكافحة الجماعات المسلحة المتشددة خلال تسعينات القرن الماضي. وناشدوا قيادة الجيش استقبال وفد عنهم، لطرح مطالبهم عليها، وهي في غالبيتها مادية، تتعلق برفع قيمة المعاشات وصرف تعويضات لمن أصيبوا بإعاقات دائمة، نتيجة معارك ضد الإرهاب. وقال الطيب رحماني، أحد المحتجين، لـ«الشرق الأوسط»: «كنا سنداً ودعماً قوياً للدولة في فترة الإرهاب، لكنها اليوم أدارت ظهرها لنا، مع أن مطالبنا بسيطة».
وتسبب الطوق الأمني الكبير المضروب على العاصمة بازدحام غير عادي أثار حفيظة المسافرين إلى الولايات الشرقية، كما تسبب في منع عدد كبير من الأشخاص من الالتحاق بمقار عملهم في العاصمة.
إلى ذلك، أعلن الرئيس عبد المجيد تبون الحرب على «العصابات التي تسيطر على الأحياء الشعبية بالعاصمة». ودعا خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أول من أمس، إلى «ضرورة مكافحة تفشي ظاهرة النشاط الإجرامي لعصابات الأحياء، مع استثناء هؤلاء من إجراءات العفو»، حسب بيان للرئاسة.
وقال تبون إن «العنف الذي تمارسه العصابات في الأحياء، عرف تصاعداً في السنوات الأخيرة؛ خصوصاً في المدن الكبرى بسبب ضعف سلطة الدولة، ما يقتضي تشديد إجراءات الردع القانوني لحماية المواطنين وممتلكاتهم من هذه العصابات الإجرامية التي يستخدم فيها المال الفاسد لخلق البلبلة وترهيب السكان وترويج المخدرات».
وشدّد الرئيس، حسب البيان، على «منع استيراد أو بيع أو حيازة أو استعمال أو صناعة السلاح الأبيض، من سيوف وخناجر، قصد تزويد عصابات الأحياء به، مع استثناء استفادة المعاقبين من هذه العصابات من إجراءات العفو».
وتفيد تقارير الشرطة أن أعمال القتل والاعتداء بالسلاح الأبيض والسطو على البيوت، في المناطق الفقيرة من العاصمة، تتصاعد بشكل مخيف.
وطالب الرئيس حكومته بـ«إقرار تدابير قانونية لحماية الأجهزة الأمنية، بمختلف أسلاكها، المكلفة بمواجهة هذه العصابات». وأعطى أوامر بهذا الخصوص بـ«تكثيف عمل اللجنة الوطنية واللجان المحلية المستحدثة في مشروع الأمر المعروض للنقاش، وإشراك المجتمع المدني في محاربة هذه الجريمة التي تتراوح عقوبة الحبس المقترحة بشأنها من 5 سنوات إلى المؤبد في حالة القتل، بالإضافة إلى الغرامة المالية التي تصل إلى مليوني دينار»، أي نحو 15 ألف دولار.
وفي سياق متصل، أمر رئيس الجمهورية وزير العدل حافظ الأختام بـ«الشروع في إعداد قانون ضد الاختطاف، حماية لأمن المواطن وأبنائه»، بحسب بيان الرئاسة. وفيما يتعلق بتعديل قانون الإجراءات الجزائية الجاري إعداده تمهيداً لرفعه إلى البرلمان، أشاد الرئيس بما ورد في هذا المشروع «من تدابير للرفع من مردودية القضاء الجزائي بإنشاء قطبين جديدين، مالي واقتصادي، تماشياً مع التعقيدات والتحولات التي أصبحت تتسم بها الجريمة، والتي تقتضي تكييف وسائل التصدي لها وآلياتها».