استأنف رئيس الوزراء اليمني المكلف معين عبد الملك، مشاوراته مع القوى السياسية والأحزاب لتشكيل حكومة الكفاءات المرتقبة، وذلك عقب تراجع المجلس الانتقالي الجنوبي عن قراره تعليق المشاركة في المشاورات احتجاجاً على التصعيد العسكري وتردي الخدمات في المناطق المحررة.
وأعلنت رئاسة الوزراء اليمنية بعد اجتماع ضم رئيس الوزراء المكلف ووفد «الانتقالي» برئاسة الدكتور ناصر الخبجي، إلى جانب السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، التوافق على استمرار مشاورات تشكيل حكومة الكفاءات السياسية.
وجاءت هذه التطورات عقب اتصال هاتفي أجراه رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، بالرئيس عبد ربه منصور هادي، قال مكتب الأول إنه للاطمئنان على صحة الرئيس بعد إجرائه فحوصات طبية في الولايات المتحدة.
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي قد علّق مشاركته الأسبوع الماضي في مشاورات تنفيذ «اتفاق الرياض» لأسباب بينها «تزايد وتيرة عمليات التصعيد والتحشيد العسكري» من قوات الشرعية، حسب بيان صادر عنه.
وذكرت المصادر الرسمية أن اجتماع رئيس الحكومة المكلف وممثلي «الانتقالي الجنوبي» بحضور السفير آل جابر، ناقش التحديات والمعوقات التي تواجه سير تنفيذ آلية الاتفاق، وتم الاتفاق على الاستمرار في مشاورات تشكيل حكومة الكفاءات السياسية، وإخراج القوات العسكرية من عدن خارج المحافظة، وفصل ونقل جميع القوات إلى مواقعها في جبهات القتال، باعتبار أن ذلك سيسهم في سرعة تقديم الخدمات وحل التحديات الاقتصادية والأمنية والعسكرية.
وفيما ثمّن رئيس الوزراء اليمني ووفد المجلس الانتقالي الجنوبي الجهود الأخوية التي تبذلها السعودية في مساعيها الحميدة لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة، أشاد السفير محمد آل جابر من جانبه بحرص الجميع على تنفيذ اتفاق الرياض وآلية تسريعه، لافتاً إلى أن ذلك سينعكس إيجابياً على الأمن والاستقرار والتنمية للأشقاء اليمنيين.
إلى ذلك، أكد المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي المهندس نزار هيثم، أن اجتماع وفد «الانتقالي» برئيس الوزراء والسفير السعودي لدى اليمن كان إيجابياً. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «تمت مناقشة القضايا كافة وستحدث انفراجة في مجال مشاورات تشكيل الحكومة». وأضاف: «كان لا بد من أن تكون هناك جهة تتحمل مسؤولية المواطن الذي يعاني في الوقت الراهن، السكان يضغطون علينا لتوفير الخدمات، وإذا تعثرت المشاورات ستزداد معاناتهم».
وعبّر هيثم عن تفاؤله بتحسن الأوضاع في العاصمة المؤقتة عدن خلال الأيام المقبلة، مبيناً أن المجلس الانتقالي الجنوبي يسير بخطوات مدروسة وثابتة، مشيراً إلى «الاتفاق مع الحكومة على تنفيذ اتفاق الرياض وآلية تسريعه واستمرار المشاورات، وستكون الأولوية لدفع الرواتب وتشكيل الحكومة».
كانت الجهود السعودية قد أثمرت موافقة الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي على آلية اقترحتها المملكة لتسريع «اتفاق الرياض» الموقّع بين الطرفين في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. واستناداً إلى هذه الآلية، كلّف الرئيسُ اليمني رئيسَ الوزراء معين عبد الملك تشكيل الحكومة الجديدة، كما أصدر قراراً بتعيين محافظ جديد لعدن ومديراً للأمن فيها.
وناقش عبد الملك في لقاءات سابقة مع المكونات السياسية، الأطر المحددة للمضيّ في إنفاذ آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض بجميع جوانبها كمنظومة متكاملة، بما في ذلك تشكيل الحكومة الجديدة، والإسناد المطلوب من الأحزاب والمكونات السياسية لإنجاح هذه الجهود. ونقلت المصادر الرسمية عن عبد الملك قوله إن «الهدف والإجماع أن تكون الحكومة الجديدة من ذوي الخبرات والكفاءات والاختصاص بما يسهم في إيجاد حكومة فاعلة قادرة على التعاطي مع الأزمات المركبة وفي مقدمتها استكمال إنهاء الانقلاب الحوثي، وإنقاذ الاقتصاد وتحسين الخدمات وتجفيف منابع الفساد وتحقيق إصلاحات حقيقية وجذرية في عمل مؤسسات الدولة وضبط الإيرادات العامة».
في السياق نفسه، كان رئيس البرلمان اليمني سلطان البركاني، قد أفاد في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» بأن مشاورات تشكيل الحكومة قطعت 60%، مشيراً إلى أن الخطوات الأخرى تم التحضير لها ولم يبقَ سوى توزيع الوزارات على المكونات السياسية والتشكيل. وتوقع أن تعلَن الحكومة قريباً، إلا أنه استثنى فترة إجازة عيد الأضحى التي توقفت فيها المشاورات من مهلة الشهر الممنوحة لرئيس الحكومة المكلف.