حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في مذكرة وجهها إلى أعضاء مجلس الأمن، من خطر تفشي المجاعة وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع في أربعة بلدان متأثرة بالنزاعات: اليمن وجنوب السودان وشمال شرقي نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. بينما لفت المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، إلى ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في العالم العربي إلى أكثر من 50 مليون شخص.
وأفاد غوتيريش في التقرير العالمي حول أزمات الغذاء لعام 2020 والتحليلات الأخيرة للأمن الغذائي، بأن الدول الأربع تشكل «كبرى أزمات الغذاء في العالم»، لافتاً إلى أن تمويل المساعدة منخفض للغاية. وقال إن «العمل مطلوب الآن» من أجل هذه الدول التي «عانت سنوات من النزاع المسلح والعنف المرتبط به»، مؤكداً أن «سكان جمهورية الكونغو الديمقراطية واليمن وشمال شرقي نيجيريا وجنوب السودان مرة أخرى يواجهون شبح تزايد انعدام الأمن الغذائي واحتمال المجاعة». ولاحظ أن المؤشرات الرئيسية «تتدهور بالمثل» في عدد من الدول الأخرى المتضررة من النزاع بما فيها الصومال وبوركينا فاسو وأفغانستان، مستدركاً أن «الوضع يختلف من بلد إلى آخر، لكنّ المدنيين يتعرضون للقتل والإصابة والنزوح، مع تدمير سبل العيش وتعطيل توافر الغذاء وإمكانية الحصول عليه وسط هشاشة متزايدة». وفي الوقت نفسه «تتعرض العمليات الإنسانية للهجوم أو التأخير أو تجري إعاقة توصيل المساعدات المنقذة للحياة». ونبه إلى أن انعدام الأمن الغذائي في البلدان المتضررة من النزاعات «تفاقم الآن بسبب الكوارث الطبيعية والصدمات الاقتصادية وأزمات الصحة العامة، وكلها تفاقمت بسبب جائحة (كوفيد – 19)».
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك، أن التداعيات الاقتصادية للوباء بما في ذلك عمليات الإغلاق وإغلاق الحدود والقيود على الحركة كان لها تأثير كبير على الأمن الغذائي والإنتاج الزراعي. وقال: «نحن بحاجة إلى التركيز على الأمور التي ستسبب بالفعل أكبر خسارة في الأرواح». وأكد أن وجود أربع دول يفي بالمتطلبات الواردة في قرار اتخذه مجلس الأمن عام 2018 لتقديم تقرير عندما يكون هناك خطر مجاعة بسبب نزاع ما وانعدام أمن غذائي على نطاق واسع.
ووفقاً لمذكرة غوتيريش، فإن العنف المتصاعد في شرق الكونغو «يؤدي مرة أخرى إلى مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي والجوع»، إذ إن «أكثر من 21 مليون شخص يعانون أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد». وقال إنه مع تمويل 22% فقط من نداء الأمم المتحدة الإنساني حالياً «ستحتاج البرامج الأساسية إلى تقليص أو تعليق»، موضحاً أن «الخطر يعود ببطء» إلى اليمن، بعدما حشد المجتمع الدولي الكثير من الموارد قبل عامين للحيلولة دون أن يؤدي النزاع المتصاعد والتردي الاقتصادي في أفقر دولة عربية إلى المجاعة، محذراً من ظروف مماثلة تظهر اليوم. ونقل عن دراسة حديثة أن 3.2 مليون شخص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة يعانون الآن «انعدام الأمن الغذائي بدرجة كبيرة»، وأن أسعار المواد الغذائية أعلى بنسبة 140% من المتوسط قبل بدء النزاع عام 2015، ونبه إلى أنه «مع تمويل 24% فقط من المتطلبات الإنسانية عام 2020، تضطر الوكالات الآن إلى تقليص البرامج الأساسية أو إغلاقها».
وقال غوتيريش إن الوضع تدهور بسرعة في النصف الأول من عام 2020 في منطقتي جونقلي وبيبور الإداريتين بجنوب السودان «بسبب تصاعد العنف وانعدام الأمن»، مشيراً إلى أن القتال رافقته هجمات واسعة النطاق على الأراضي الزراعية والرعوية ونهب الماشية والغذاء، مما ترك أكثر من 1.4 مليون شخص في المنطقة «يواجهون أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد. بالإضافة إلى ما لا يقل عن 350 ألف طفل يعانون سوء تغذية حاداً أو معتدلاً».
وكان بيزلي يتحدث في الجلسة الافتتاحية للدورة الوزارية الـ106 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية، فأكد أن جائحة «كوفيد – 19» ستزيد عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في المنطقة العربية بأكثر من 14 مليوناً، مؤكداً أن الإجراءات التي تُتخذ الآن ستحدد النجاح أو الفشل في الحيلولة دون تحول هذه الأزمة الصحية إلى جائحة جوع. وأوضح أن بعض كبرى عمليات البرنامج موجودة في كل من اليمن وسوريا والسودان وليبيا والصومال، حيث تلقى أكثر من 14.4 مليون شخص المساعدات من برنامج الأغذية العالمي في يوليو (تموز) 2020. وأضاف أن البرنامج يقدم مساعدات لنحو 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان والأردن ومصر والعراق وكذلك يقدم الاستجابة لأزمة لبنان الثلاثية المتمثلة في انفجار مرفأ بيروت، وأزمة «كوفيد – 19»، والتراجع الاقتصادي المستمر.