طالب جمال مسلم، رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان (منظمة حقوقية مستقلة) حكومة هشام المشيشي، بـ«فتح ملف الاغتيالات السياسية التي عرفتها تونس، وفك (ألغاز الجهاز السري) لحركة النهضة (إسلامية) كدليل على صدق النيات في مكافحة التنظيمات الإرهابية، وتأكيداً على حيادها تجاه الأحزاب السياسية».
وقال مسلم إن إماطة اللثام عن الجهاز السري المحسوب على حركة النهضة ومحاسبة المتورطين في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، «سيكون دليلاً حقيقياً على طي صفحة الماضي، وعلى وجود قضاء مستقل وعادل».
وبخصوص العملية الإرهابية التي عرفتها مدينة سوسة الأحد الماضي، قال رئيس الرابطة إنها تزامنت مع تسلم الحكومة الجديدة مهامها، ومع وجود وزير الداخلية الجديد في مدينة سوسة نفسها، وهو ما يؤكد وجود تخطيط مسبق لهذه العملية. مشيراً إلى أن العناصر الإرهابية استغلت التوتر السياسي التي تعرفه البلاد، والخطاب المساند للتوجهات المتطرفة داخل بعض وسائل الإعلام وتحت قبة البرلمان التونسي للتخطيط لهذا العمل الإرهابي، الهادف إلى إرباك الحكومة الجديدة، ودعا إلى «محاصرة داعمي الإرهاب، والكشف عنهم والتشهير بهم».
من جهة أخرى، قال الصادق جبنون، المتحدث باسم حزب قلب تونس (ليبرالي) الذي يتزعمه نبيل القروي، إن الجبهة البرلمانية التي تشكلت لدعم حكومة المشيشي ومساندتها لنيل ثقة البرلمان، جاءت بهدف إخراج البلاد من أزمتها السياسية الخانقة، وتحقيق حد أدنى من الاستقرار السياسي بعد سنوات من الاضطراب والتجاذب السياسي. مبرزاً أن حزب «قلب تونس» (26 نائباً)، وحركة النهضة (54 نائباً) و«ائتلاف الكرامة» (19 نائباً)، وكتلة «المستقبل» (9 نواب) شكّلت جبهة برلمانية واحدة بهدف خدمة الاستقرار السياسي، وضمان انتقال ديمقراطي سلس «بعيداً عن كل أشكال التعطيل المتبادل».
في السياق ذاته، قال بلقاسم حسن، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة لـ«الشرق الأوسط» إن حزبه كان واثقاً من مرور حكومة هشام المشيشي، وأنه أعلن عن دعمها ومساندتها بمجرد أن بدأت تتضح صورة المشهد السياسي الداعم لها، وذلك «إيماناً من حركة النهضة بضرورة ضمان الاستقرار، وعدم الدفع نحو الفراغ السياسي من خلال حل البرلمان، والدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة».
يُذكر أن حكومة المشيشي كانت مهددة بالسقوط نتيجة عدم وجود سند سياسي لها. غير أن التحالف البرلماني الذي شكّلته حركة النهضة مع حزب «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة» قلب موازين التصويت في اللحظة الأخيرة لفائدة الحكومة، وهو ما جعل الأطراف السياسية الثلاثة تتحدث عن «نصر سياسي» واضح ضد الأحزاب التي لم تحسم مواقفها تجاه الحكومة، خصوصاً «حركة الشعب» وحزب التيار الديمقراطي، والحزب الدستوري الحر المعارض، والتي انضمت جميعها إلى صفوف المعارضة.
على صعيد متصل، كشف الحزام البرلماني الذي صوّت لفائدة حكومة المشيشي عن خروج رئيس الحكومة من «هيمنة» الرئيس قيس سعيد الذي اختاره لتولي رئاسة الحكومة، على الرغم من عدم وجود اسمه ضمن مقترحات الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، والفائزة في انتخابات 2019.
وكان استنجاد رئيس الحكومة بحركة النهضة وحزب قلب تونس و«ائتلاف الكرامة» وكتلة «المستقبل»، حسب عدد من المراقبين إعلاناً عن خروج أحد شقي السلطة التنفيذية (رئيس الحكومة) عن طوع رئيس الجمهورية.
ووفق مراقبين، فإن الخلاف حول تعيين وزير الثقافة وليد الزيدي، ومحاولة رئيس الدولة سحب ملف اعتصام «الكامو» في مناطق إنتاج النفط (جنوب شرقي)، وتصنيفه ضمن مجالات تدخل مجلس الأمن القومي التونسي، شكّل علامة إضافية على وجود توتر سياسي واضح بين الطرفين.