عرض رئيس الوزراء الجزائري الأسبق، مولود حمروش، موقفاً سلبياً من مسعى تعديل الدستور الذي سيُطرح للاستفتاء الشعبي في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، واعتبر المسار الذي اتخذه الرئيس الجديد عبد المجيد تبون في ترتيب شؤون السلطة «لا يمكن أن يقود إلى بناء دولة قوية».
وقال حمروش في مقال طويل نشرته صحيفة «الخبر» المحلية، أمس، إن «بلدنا بحاجة ماسة للتعبئة وكل أشكال التضامن والتآزر، وبحاجة ماسة أكثر لدولة قوية وسلطة تنفيذية ناجعة. كما أن قواتنا المسلحة التي يتمحور حولها تنظيم أمننا ودفاعنا الوطني، مثل باقي الجيوش التي يُعتدّ بها، في حاجة ماسة كذلك لتناغم وتلاحم درعها الوحيد المأمون الشعب وأرضه. وقد تأكد ذلك مرة أخرى خلال أشهر الحراك»، الذي اندلع في 22 فبراير (شباط) 2019 ضد ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وأرغمه على الاستقالة.
وبحسب حمروش، الذي ترأس الحكومة من 1989 إلى 1991، فإنه «يستلزم الظرف اليوم توفر هذه الشروط من أجل حكم فاعل وفعال، لا سيما أن أزمة الشرعية انجرت عن تعاقب أزمات فقدان الثقة وقلة النجاعة وتكرار الفشل»، مشيراً إلى أن «الانحرافات التي عرتها المحاكمات الأخيرة لم تعد تسمح بأي تصحيح ولا بأي إصلاحات»، في إشارة إلى محاكمة وإدانة عشرات كبار المسؤولين المدنيين بأحكام ثقيلة، وذلك بتهم فساد خطيرة مرتبطة بفترة حكم بوتفليقة.
ويعد حديث حمروش عن «انحرافات لم تعد تسمح بأي تصحيح وأي إصلاحات»، حكماً صارماً ضد الدستور الذي أعده تبون، والذي يعتبر وثيقته «مقدمة لإصلاحات عميقة»، ستتحقق حسبه، خلال ولايته الأولى التي تدوم 5 سنوات.
وأفاد حمروش في مقاله: «ينبغي التذكير بأن سلطة تنفيذية مهيمنة باسم الدولة، من دون فعالية تُذكر، ومن دون أي رقابة، ومن دون سلطة مضادة، هي أقصر الطرق نحو التطرف والاضطرابات، والتنافر واليأس وزرع الأحقاد وتصفية الحسابات، داخل وخارج دواليب السلطة. بل ستبقى مثل هذه السلطة منفذاً واسعاً للضغوط والتدخلات والمساومات الخارجية».
وأضاف موضحاً أن «شعبنا وأرضنا بحاجة لدستور يوثق رابطه المقدس الذي لا انفصام له، وسيادته التي لا طعن فيها، ويؤكد ثقة الشعب وتماسكه وتطلعه. دستور يحرر الشعب والأرض من كل أنواع الخوف، ومن كل أنواع الشكوك والكذب والنفاق والتعنيف والسيطرة. دستور يؤهل المواطنين للحفاظ على حرياتهم ويرسخ سيادتهم، ويضمن لهم حقهم في الأمن وحقهم في الوجود. دستور يشعر من خلاله كل أفراد المجتمع أنه تعبير أكيد عما بخلدهم حتى يعتمدوه، ويدافعوا عنه في كل الظروف. دستور يطبع حاضر الشعب ويقولب مستقبله».
وكتب الصحافي محمد سيدمو: «حمروش بلغته المركبة، يقول لتبون إن المسار الدستوري الذي تمضي فيه خاطئ، وإنه لا يمكن بناء دولة من دون إطلاق حريات، وإن فكرة المؤامرة التي تقدمها لا يمكن أن تكون مبرراً لتكميم الأفواه لأن خطر الثانية أكبر من الأولى… باختصار يقول له: أنت ذاهب نحو الجدار حتى وإن كانت نيتك طيبة. فالدول لا تبنى بالنيات وإنما بالرقابة الشعبية، ومختلف الآليات الديمقراطية… أتمنى أن يكون في الرئاسة مَن يمتلك الشجاعة ليوصل معاني حمروش لمن هو موجه له الكلام».