انتهز ملايين اليمنيين في المناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية والأخرى المحررة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» للتعبير عن رفضهم للوجود الحوثي، من خلال الاحتفال بالمناسبة التي تضمر لها الجماعة العداء لجهة أنها قضت على حكم أسلافها الإماميين في عام 1962.
جاء ذلك في وقت أكد في الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أنه يراهن فيه على الجيش والمقاومة الشعبية ورجال القبائل لاستعادة الدولة المختطفة من يد الانقلابيين بعد أن استنفدت حكومته كل مساعيها نحو السلام.
ورفض هادي في خطاب وجهه لليمنيين لمناسبة ذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أن تتحول بلاده إلى «برميل بارود» تتحكم به الميليشيات الحوثية خدمة لأجندة إيران في المنطقة داعيا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته والضغط على الجماعة لوقف حربها ضد اليمنيين.
وقال في خطابه الذي بثته المصادر الرسمية «لا مجال أمام شعبنا إلا استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وأن شعبنا العظيم قد أثبت أنه لا يمكن ترويضه للعيش تحت مسميات السلالة والتمييز والاستعلاء والانتقائية».
وأضاف «في هذه الذكرى العظيمة فإننا نجدد العهد بالعمل في سبيل استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب بكافة أشكاله، وتلك مسؤوليتنا أمام شعبنا وأمام الله والتاريخ، وسنتجاوز معكم وبكم كل العراقيل والتحديات والمخاطر».
وطالب الرئيس اليمني المجتمع الدولي بدفع الميليشيات نحو خيار السلام، الذي عده «خيارا متاحا وممكنا» لكنه عاد ليؤكد أنه رهانه الحقيقي على الجيش والوحدات القتالية والمقاومة الشعبية ورجال القبائل وقال «ولاء أبناء شعبنا لجمهوريتهم ودولتهم وحقهم في الحياة والمستقبل سينتصر على الولاءات العابرة للأوطان التي أرادت تحويل بلادنا ومنطقتنا إلى برميل بارود تتحكم به العصابة الانقلابية خدمة لأجندة أسيادها في طهران».
واتهم هادي الميليشيات الحوثية بأنها تصر «على الخراب والحرب» مشيرا إلى عبث الجماعة بـ«الملف الاقتصادي والإضرار بالعملة الوطنية ونهب رواتب الموظفين وتحويل ملف المساعدات الإنسانية إلى وقود للحرب وابتزاز العالم بملف سفينة صافر والتصعيد العسكري الذي يستهدف المدن ذات الكثافة العالية بالسكان فضلا عن تعطيل الاتفاقات ومصادرة الموارد وإذكاء الحروب».
وتابع بالقول «ننادي العالم لكي يضع حدا لاستغلال البسطاء والأطفال والفقراء وعسكرة حياتهم وتعبئتهم بثقافة الكراهية والموت، وهذه مهمة إنقاذ أكثر قداسة من غيرها باعتبارها متعلقة باستحقاق الحياة».
في غضون ذلك أحيا الملايين من اليمنيين هذه المناسبة برفع العلم اليمني رغم مضايقات الانقلابيين وإجراءاتهم الأمنية المشددة في صنعاء وغيرها من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.
ورصدت «الشرق الأوسط» في صنعاء قيام السكان قبيل قدوم المناسبة برفع العلم اليمني على أسطح المنازل وفي وسائل النقل وعلى أبواب المحال التجارية، تأكيدا منهم «على تمسكهم بثورتهم الأم ورفضهم القاطع لذكرى نكبة الانقلاب الحوثي التي أدخلت اليمن في أتون حروب وصراعات وأوضاع معيشية بائسة». بحسب ما أفاد به السكان.
ورغم تكثيف الانقلابيين لنشر شعاراتهم الخمينية، تزينت صنعاء ومدن إب وذمار وريمة والحديدة والمحويت، طيلة اليومين الماضيين بالشعارات الوطنية والعلم الجمهوري، الأمر الذي شكل إحراجا للجماعة التي يقول السكان إنها «تكن العداء لثورة اليمنيين السبتمبرية».
وأفاد سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأنهم احتفلوا من خلال رفع الأعلام والتجمع مع الأقرباء والأصدقاء لسماع الأغاني الوطنية، وقالوا إن ذلك «يمثل ردا على ممارسات وأساليب الجماعة التي سخرت قبل أيام كل طاقتها وما نهبته من جيوب اليمنيين لإحياء فعاليتها المتمثلة بذكرى انقلابها على الشرعية».
وفي محافظة إب (170 كلم جنوب صنعاء) احتفل المواطنون بعدة مديريات وقرى بالطريقة التي كان الشعب اليمني يحتفل بها في السنوات الماضية ومن ذلك قيام جموع كبيرة برفع علم الجمهورية وإيقاد المشاعل والنيران في قمم الجبال وعلى أسطح المنازل وإطلاق الألعاب النارية في السماء ابتهاجا وفرحاً رغم منع الانقلابيين المتكرر لذلك.
وفي ذات المحافظة جاب المئات من سكان قرية الملازم علي عبد المغني (أحد رموز الثورة اليمنية) في مديرية السدة، مساء الجمعة شوارع وطرقات المديرية فرحا وابتهاجا بالمناسبة.
وتداول ناشطون محليون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لما قالوا «إنها تظاهرة ليلية شهدتها مديرية السدة في إب احتفالا بذكرى الثورة التي كان القائد على عبد المغني أحد أبرز مفجريها وروادها. وكان ناشطون يمنيون وتكتلات ومنظمات ثورية ومجتمعية وأحزاب سياسية وحركات شبابية دعوا في وقت سابق اليمنيين بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم للاحتفاء بهذه المناسبة إحياء لروح الثورة اليمنية التي حاولت الميليشيات طمسها طيلة السنوات التي أعقبت انقلابها.
وظهرت عقب تلك الدعوات مشاهد احتفالية على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي وقال بعض الناشطين «إن الاحتفالات الشعبية في ذكرى ثورة سبتمبر أصبحت بمثابة استفتاء حصر جماعة الحوثي في عزلة اجتماعية وثقافية وسياسية».
وكان عدد من المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية شهدت هي الأخرى احتفالات بالمناسبة، بخاصة في مأرب وشبوة في الساحل الغربي، إذ أكد المشاركون على أهمية استمرار نضال اليمنيين لاستعادة روح الجمهورية التي اختطفتها الميليشيات الحوثية منذ اجتياح صنعاء في 2014.