بينما تتصاعد التحذيرات العالمية والمحلية من خطورة تفشي فيروس «كورونا» على نطاق أوسع عبر موجة ثانية ستكون أشد قسوة من الأولى، مع التشديد على ضرورة ارتداء الكمامات ومراعاة المسافات الآمنة خارج المنزل، فإن مؤتمرات بعض مرشحي مجلس النواب المصري الحاشدة تتجاهل هذه التحذيرات تماماً، بعد تخليها عن قواعد التباعد الاجتماعي وعدم تنفيذ الاشتراطات الصحية الخاصة بالفيروس.
ورغم قرار الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر بمنع المؤتمرات الشعبية لدعم مرشحي مجلس الشيوخ قبل نحو شهرين، فإن ثمة مرشحين لم يلتزموا بقرارها في كثير من الدوائر، ونظموا مؤتمرات حاشدة ضمت المئات، وهو ما يتكرر حالياً في انتخابات مجلس النواب، رغم تشديد المستشار لاشين إبراهيم، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، على إلزام كل المرشحين بالدعاية على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في 10 سبتمبر (أيلول) الجاري، بجانب عدم إعلانه السماح بتنظيم مؤتمرات انتخابية شعبية حتى الآن.
سعيد عطية، وهو عضو مجلس شعبي محلي سابق بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «حضرت مؤتمراً انتخابياً حاشداً (مساء أول من أمس) بقرية منصورة نامول بمركز طوخ بمحافظة القليوبية، لم يكن به أي اجراءات احترازية خاصة بـ(كورونا)، ولم أشاهد أي فرد من الحضور يرتدي كمامة، فالناس هنا لم تعتد تهتم بـ(كورونا)، بعد إعلان الحكومة تراجع أعداد المصابين وحالات الوفاة»، مشيراً إلى أنه «رغم وقوع حالات إصابة ووفيات بالفيروس في القرية التي استقبلت المؤتمر الانتخابي خلال الأشهر الماضية، فإن الناخبين والمرشحين لم يشعروا بالخوف، خصوصاً بعد إقامة حفلات زفاف في سرادقات كبيرة أخيراً بالقرية ذاتها والقرى المجاورة».
ويؤكد عطية أن «المؤتمر استمر حتى موعد نهايته من دون اعتراض باستثناء تحرير موظف بالإدارة المحلية مخالفة إشغال طريق بقيمة 100 جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل نحو 16 جنيهاً مصرياً)»، لافتاً إلى أن «الحكومة لن تستطيع منع تلك المؤتمرات الانتخابية خصوصاً مؤتمرات وحملات أعضاء الدورة البرلمانية السابقة ومرشحي الأحزاب السياسية الكبيرة».
وتختلف انتخابات مجلس النواب المصري عن بقية الاستحقاقات الأخرى بتمتعها بزخم سياسي وشعبي كبير منذ عشرات السنين، بسبب طبيعة المنافسة، والصراع الدائم بين العائلات في المراكز والقرى والنجوع على «مقعد سيادة النائب»، كما ينفقون أموالاً كبيرة على الدعاية الانتخابية والسرادقات والسيارات التي تحمل مكبرات الصوت وتتجول في أنحاء الدائرة.
وتعلن القائمة النهائية للمرشحين في 5 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ومن المقرر أن تبدأ المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب في 21 أكتوبر، ولمدة ثلاثة أيام للمصريين في الخارج، كما سيصوت الناخبون بالداخل يومي 24 و25 من الشهر نفسه.
ويبلغ عدد أعضاء «النواب» المنتخبين 568 عضواً، فيما يخصص للمرأة ما لا يقل عن 25 في المائة من المقاعد، ويجوز للرئيس المصري تعيين عدد من الأعضاء في «النواب» لا يزيد على 5 في المائة.
بدوره، شدد الدكتور محمد العماري، رئيس لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب المصري، على ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية الخاصة بفيروس «كورونا»، خلال انتخابات مجلس النواب المقبلة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مؤتمرات المرشحين الحالية تعد سلوكاً مرفوضاً تماماً، لأنه سيتسبب في زيادة حالات الإصابة بالمرض، مشيراً إلى أن «القانون ما زال يمنع التجمعات المخالفة التي لا تلتزم بالمسافات الآمنة أو بارتداء الأقنعة الواقية، رغم السيطرة على ذروة الإصابة بالفيروس في مصر أخيراً».
ويحذر أطباء مصريون من تهاون كثير من المواطنين مع الوباء، لا سيما بعد تخليهم عن ارتداء الكمامات بالمواصلات والأماكن العامة والشوارع، وحذروا من خطورة الفيروس خلال أشهر الشتاء المقبلة.
ورداً على تنظيمه مؤتمرات انتخابية بشمال الجيزة (غرب القاهرة)، يقول سمير علي، مدير حملة انتخابية لأحد مرشحي مجلس النواب عن دائرة بشتيل والوراق لـ«الشرق الأوسط»: «الأوضاع الصحية بدائرتنا تسمح بتنظيم مثل هذه المؤتمرات الحاشدة، لا سيما أن حالات الإصابة بكورونا تتركز في أحياء الجيزة والقاهرة المزدحمة بالسكان، لكن بشتيل والوراق وأوسيم مناطق مفتوحة بها مساحات شاسعة من الأماكن الفضاء والأراضي الزراعية»، مشيراً إلى استمرار تنظيم مؤتمرات مرشحه في أنحاء الدائرة حتى موعد الانتخابات.
ويقترب إجمالي الحالات المصابة بفيروس «كورونا» في مصر من 103 آلاف إصابة، و5 آلاف و883 وفاة، حتى مساء أول من أمس، وفق بيان لوزارة الصحة المصرية، وسط مطالبات بزياة عدد المسحات الطبية الخاصة بالفيروس للحد من تفشي المرض.