التربية والتعليم .. والأستثمار الأمثل
النجار له طرق معروفة في التعامل مع الخشب وهي المطرقة والمنشار والمسامير وغيرها من المكائن والأدوات لكي يكون بالتالي أثاث جميل أو بيت أو عمارات بطراز رائع . وقد يستغرق وقتا ً قصيراً أو طويلا ً حسب ظروف وتوقيتات وأمكانيات العمل . وكذلك هو الحداد يحتاج للكثير من الأدوات والمكائن مثل المطرقة والسندان والنار ( واللحيم ) لكي يدمج ويلصق الحديد ببعضه و يضيف له الألوان لبكون أكثر جمالاً .
وهكذا هي مختلف المهن تحتاج للكثير من الأدوات والمكائن والألوان والوقت والجهد لتظهر لنا في الأخر بصورتها الجميلة .
والتربية والتعليم ولو لاحضنا بأن كلمة التربية سبقت التعليم لأننا بحاجة لكي نربي أولاً ثم نعلم .وعلينا البدأ من رياض الأطفال مروراً بالمدراس والمعاهد وحتى الجامعات لأن هذه المراحل من أخطر وأدق وأهم المراحل للطالب والأهل وللدولةوالمجتمع عموماً
لذلك فمهمة المعلم والتدريسي في كل المراحل ليست سهلة أذا لم يكن مؤهل من الناحية العلمية والخبرة والتطوير المستمر من خلال الكورسات المتقدمة التي تهتم بها المراكز البحثية والعلمية العالمية التي من المفترض ( الوزارة ) المرتبط بها أن تقدمها مجانا
في كل سنة أوسنتين للتدريسي لكي يستطيع مواكبة التطور العالمي في بناء تلك المنظومة المهمة . وأيضا يجب أن يكون المعلم والتدريسي مجتهد ومبدع ومتابع للتطورات بذلك الخصوص من خلال القنوات الأعلامية والمواقع والمراكزالمتخصصة من خلال الأنترنيت . وعليه أن أن يدرك بأن عمله ليس مجرد وظيفة يتاقضى عليها راتباً كل شهر بل هي مسؤولية أخلاقية وأنسانية ودينية وعلمية وفيها كثيراً من الأجر والثواب والأحسان .
لأن صناعة الأنسان هي قيمة عليا صعبة جدا وتتطلب مهارات وأدوات عقلية وجسدية ونفسية وفي كثيرمن الأحيان ( يجب أن نكون أب وأم وأخ وأخت وصديق ) وهي ليست ككل المهن فأدواتها ومكائنها وأساليبها وطرقها مختلفة تماما ً وتكمن وتدور في مراحل تكاملية ومتسلسلة ومن الضروري جدا أن تكون كلها بنفس الوتيرة والهمة والنشاط والخلق والأبداع والتطور المستمر .
حادثة أوجعتني كثيرا ضروري التطرق لها .
هناك طلبة وصلوا لكلية الهندسة وبالتحديد ( هندسة ميكانيك ) وفي السنة الأولى كان التدريسي الجامعي المفترض به أن يكون قدر المسؤولية التعليمية والأخلاقية والتربوية بأن بحفز الطلبة على الدراسة والمتابعة والأبداع .
كان كل يوم يبث فيهم روح الطاقة السلبية للطلبة وينبئهم بمستقبل مشؤوم تافه غير ذي سمعة طيبة ( فيترجي ) يعني ميكانيكي سيارات . وللعلم هذه المهنة هي ليست عيباً بل هي مهمة ومطلوبة عالميا ولايمكن في دول أوروبا أن تعمل بها مالم تكن لديك شهادة وخبرة لاتقل عن خمس سنوات .
فكانت صدمة كبيرة لهم بأن يسمعوا هذا الكلام من أستاذ جامعي . اصابهم الخوف والذهول من ذلك المستقبل الذي كلفهم وقتاً وجهداً ًأمالاً وأحلاماً ليس فقط هم بل عوائلهم أيضا .
فقرروا. ترك الدراسة والألتحاق بالعسكرية والأجهزة الأمنية . وكانت مأساة كبيرة لهم ولعوائلهم .
وهناك العكس تماما ًبعض الطلبةأستطاعوا من تجاوز كثيرمن المصاعب بضل المعلم الجيد والتدريسي الجيد الذي كان يبث فيهم روح وطاقة أيجابية حتى وصلوا لمراحل مهمة من الدراسة والتطوير والبحث ونيل الكثير من الشهادات والمكتسبات والشهرة والأحترام والتقدير .
لذلك علينا من الأهتمام بالمعلم والتدريسي وبناءه بشكل صحيح ومدروس لكي نضمن مستقبل أفضل لمؤسساتنا التربوية والتعليمية . ولاننسى أن تكون مؤسساتنا التربوية والتعليمية بمثابة مؤسسة متكاملة وجميلة وفيها كل مايبعث ويبث الحياة والطمأنينة والنشاط والعمل والتفاعل والأبداع .
مؤسساتنا تفتقد لكل مايحببنا للحياة مثلاً الحدائق والزهور والأشجار وملاعب الأطفال والمكتبات والنشاطات الرياضيةوالموسيقيةوالعلمية والترفيهية .
المؤسسات التربويةوالتعليمية في أوروبا مرتبطة مع الوزرات ذات العلاقة مثلا الرياضة والشباب والثقافة والأعلام والسياحة. ويعملون بروح الفريق الواحد وبأمكان الطلبة التواصل معها في كل الاوقات حتى في المساء بحكم النشاطات .
الأستثمار الذكي والأمثل هو قطاع المؤسسات التربوية والتعليمية . علينا الأهتمام به وأعداد الخطط والبرامج له
سامي التميمي