اتهمت الحكومة اليمنية الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران بعرقلة جهود المبعوث الأممي مارتن غريفيث، الرامية إلى التوصل إلى صيغة نهائية بشأن «الإعلان المشترك»، كما حملت الجماعة مسؤولية تدهور الوضع الإنساني، ودعت إلى فرض عقوبات على قادة الانقلاب المعرقلين لصيانة الناقلة النفطية المتهالكة (صافر).
جاء ذلك في وقت حضت فيه الولايات المتحدة الأميركية على محاسبة الجماعة الحوثية على جرائمهما، بحسب ما جاء في كلمة لمندوبة واشنطن الدائمة في الأمم المتحدة كيلي كرافت.
وقالت كرافت، أثناء جلسة لمجلس الأمن: «تجب محاسبة الحوثيين على سلوكهم الإجرامي ضد جيران اليمن، بما في ذلك المملكة العربية السعودية. وتؤجج إيران هذا العنف، وتوفر الأموال والأسلحة والتدريب، وتعرقل إمكانية تحقيق الحل السياسي للصراع في اليمن».
وأشارت كرافت إلى أن الأمن الغذائي في اليمن لا يزال مريعاً مع ارتفاع قياسي لمعدل سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة. وقالت إن بلادها «تواصل تشجيع المانحين في المجال الإنساني على توفير الموارد الضرورية لمنع حدوث مزيد من المعاناة».
وأضافت المندوبة الأميركية: «يجب على الحوثيين التوقف عن عرقلة الجهود الإنسانية على الفور، كما تؤكد الولايات المتحدة مجدداً على الحاجة الملحة لتقييم وإصلاح الناقلة صافر في البحر الأحمر. يجب أن يوافق الحوثيون على ذلك قبل حدوث كارثة بيئية واقتصادية».
في السياق نفسه، رحّبت الحكومة اليمنية بتحميل المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث الحوثيين تعطيل وصول خبراء الأمم المتحدة لتقييم ناقلة النفط «صافر» الراسية قبالة سواحل الحديدة، وعلى متنها نحو 1.1 مليون برميل من النفط الخام، ما يهدد بوقوع كارثة بيئية كبرى في حال تسربها.
ودعت الشرعية اليمنية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لاتخاذ خطوات عملية وفرض عقوبات على القيادات والمسؤولين الحوثيين المعرقلين لوصول الخبراء إلى الناقلة، ولا سيما أن التقارير تؤكد أن وضع الناقلة يزداد سواء مع مرور الأيام.
وكان المبعوث الدولي الخاص إلى اليمن قال إن جماعة الحوثي لم تقدم موافقات متعلقة بوصول الفريق الأممي المختص لمعاينة ناقلة النفط «صافر» المتهالكة قبالة الساحل الغربي اليمني، ما يعزز الاتهامات للجماعة بعرقلة جهود التقييم.
وقال المتحدث باسم حكومة تصريف الأعمال اليمنية، راجح بادي: «إن تحميل المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث الحوثيين عدم وصول الخبراء في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن يوم الأربعاء أمر جيد». وأضاف: «الحوثي يتعنت ويتهرب، وما قاله مارتن لا بد أن تتبعه خطوات أخرى، طالما بات من الواضح أن الميليشيات الحوثية هي من تعرقل، يجب فرض عقوبات على القيادات والمسؤولين الحوثيين الذي يعرقلون وصول الخبراء إلى صافر، خاصة أن الوضع يزداد سوءاً».
وتابع: «التقارير التي تصلنا تؤكد أن وضع السفينة يزداد سوءاً مع مرور الأيام، لذلك لا بد من التحرك العاجل من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ما الذي يتبع هذا التصريح؟! يجب أن نرى خطوات عملية لفرض عقوبات».
وبحسب غريفيث، فإن النقاش مع الحوثيين بشأن الناقلة «صافر» «أبطأ بكثير مما تتطلبه قضية عاجلة وبهذا الحجم»، قائلاً: «لم نحصل بعد على الموافقات اللازمة لذهاب البعثة الأممية إلى هناك».
وكان السفير عبد الله السعدي مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك أشار إلى مضى أكثر من 4 أشهر على الجلسة الخاصة التي عقدها مجلس الأمن حول الناقلة صافر.
وقال: «استمرار تعنت الميليشيات الحوثية وتجاهل جهود ودعوات المجتمع الدولي والأثر الكارثي الذي قد ينتج عن تسرب النفط أو انفجار الناقلة، ما هو إلا تأكيد على سلوك وأجندة هذه الميليشيات وتحديها الصارخ لجهود المجتمع الدولي وهذا المجلس الموقر لتفادي هذه الكارثة البيئية والاقتصادية الوشيكة التي نقترب منها يوماً بعد يوم».
وفي الوقت الذي ثمن فيه السعدي مساهمات عدد من الدول في ميزانية صيانة الناقلة، دعا مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته واتخاذ موقف حازم لتجنيب اليمن والمنطقة كارثة ستمتد آثارها لعقود، وممارسة الضغط على الحوثيين للتوقف عن المماطلة والتلاعب واستخدام هذه القضية ورقة ابتزاز سياسية.
وأكد المندوب اليمني أن بلاده تواصل تطلعها وسعيها الحثيث لإنهاء الحرب المفروضة من قِبل الميليشيات الحوثية المسلحة، التي قال إنها «أنتجت أسوأ كارثة إنسانية ودمرت أحلام وآمال اليمنيين في بناء مستقبل يحقق لهم دولة مدنية ديمقراطية حديثة تلبي تطلعاتهم وتحفظ كرامتهم».
واتهم السعدي الجماعة المدعومة من إيران بأنها «مزقت النسيج الاجتماعي اليمني، وزرعت الأفكار الطائفية والعنصرية، وأحدثت موجة نزوح وتهجير جماعي لليمنيين، وارتكبت أساليب القمع والاعتقال والإخفاء القسري، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان». بحسب تعبيره.
وأوضح السفير اليمني لدى الأمم المتحدة أن حكومة بلاده «انخرطت بقناعة راسخة مع كل الدعوات والمقترحات الهادفة إلى تحقيق السلام، ومنها المقترح المقدم من المبعوث الخاص للأمين العام مارتن غريفيث، بشأن مسودة الإعلان المشترك».
وتابع أن الحكومة الشرعية «تعاملت بإيجابية منذ تقديم غريفيث للمسودة الأولى، وحرصت على تسهيل جهوده في هذا الاتجاه، لكن للأسف تضع الميليشيات الحوثية في كل مرة شروطاً جديدة على مسودة ذلك الإعلان، وتمارس التعنت والمماطلة وعرقلة جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص على المسار السياسي وعلى الأصعدة الاقتصادية والإنسانية» بحسب تعبيره.