لم يكن خارج توقعات المواطنين العراقيين في بغداد وبقية المدن العراقية غرق معظم أحيائها مع أول موجة أمطار غزيرة، أمس، إذ اعتادوا منذ سنوات على مشاهدة شوارعهم ومنازلهم وهي تغطس في المياه مع أول زخة مطر، نتيجة الإهمال الذي ارتبط بقضية إدامة وإعمار الشوارع وشبكات تصريف المياه ومجمل ما يتعلق بقطاع البنى التحتية. وتعرضت أحياء كثيرة في بغداد إلى الغرق، كما انتشرت على نطاق واسع صور لسيارات وهي تغرق في أنفاق الشوارع العامة، ما تسبب بازدحامات شديدة في معظم الشوارع.
وتعرضت أحياء ومنازل في وسط العاصمة وشرقها إلى الغرق، وكذلك في أكثر من محافظة في وسط وجنوب البلاد إلى شيء مماثل، ما أوقع أمانة العاصمة وحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في حرج مع أول اختبار شتائي، دفع الأخير إلى إصدار، توجيهات عاجلة لثماني وزارات وجهات أمنية وخدمية لمواجهة الأزمة في العاصمة بغداد. وبحسب الكتاب السري الصادر عن رئاسة الوزراء وتداولته مواقع خبرية عديدة، فإن الكاظمي، أمر وزارات الدفاع والداخلية والإعمار والإسكان والموارد المائية، فضلاً عن قيادة عمليات بغداد والحشد الشعبي وجهاز مكافحة الإرهاب للانخراط في جهود السيطرة على غرق العاصمة.
ويأمر الكاظمي خلال توجيه الجهات المذكورة بـ«استنفار الجهد الخدمي والفني ضمن خطة مركزية تخضع لإشراف أمانة بغداد لتصريف مياه الأمطار في المناطق التي شهدت اختناقات في تصريف مياه الأمطار».
ورغم المعاناة الحقيقية التي تشهدها معظم مناطق العاصمة وبقية المحافظات كل عام خلال مواسم الأمطار الغزيرة، إلا أن السلطات العراقية ومنذ سنوات طويلة تثبت عجزا واضحا ومتواصلا في مواجهة هذا نوع من الكوارث التي تتسبب بخسائر مادية وصحية فادحة للسكان. وتحول فصل الشتاء، إلى كابوس يسيطر على معظم سكان المدن وخاصةً في الأحياء الشعبية، بدلا من أن يكون موسما للوفرة والنماء.
بدوره، قال أمين بغداد، علاء معن، أمس، في تصريحات إن «الجهود مستنفرة لتصريف المياه حسب توجيهات رئيس الوزراء والشدة المطرية عالية ونحتاج إلى بعض الوقت لتصريف المياه». وقال إن «الأنواء الجوية أبلغتنا بتساقط الأمطار خلال الأربعة أيام المقبلة».
وأعلنت قيادة عمليات بغداد، أمس، عن مباشرة جهدها الهندسي بسحب مياه الأمطار من شوارع وبعض مناطق العاصمة بعد غرقها. وقالت القيادة في بيان: إنه «انطلاقاً من الواجب الإنساني والوطني، وبناء على توجيهات المراجع، اوعز قائد عمليات بغداد الفريق الركن قيس المحمداوي باستنفار كل الجهد الهندسي والخدمي في القيادة، بسحب مياه الأمطار من الشوارع وحسب الأسبقية والأولوية». وأضافت أن «العمل الخدمي الذي تقوم به القيادة وكل قطعاتها سيستمر طيلة الساعات والأيام المقبلة والذي يأتي من أجل الإسهام في تخفيف العبء على المواطنين بعد امتلاء عدد من شوارع وأحياء بغداد بالمياه نتيجة الأمطار الغزيرة التي شهدتها العاصمة هذا اليوم».
وتتخوف غالبية المواطنين العراقيين من تفاقم أوضاعهم المعيشية في ظل إمكانية تواصل موجة الأمطار الغزيرة، كما تشير توقعات الأنواء الجوية نتيجة تعرض البلاد إلى منخفض جوي مصحوب بأمطار غزيرة.
وأعلن محافظ واسط (جنوب) محمد جميل المياحي، أمس، تفعيل خلية أزمة السيول في المحافظة، تحسباً للحالات الطارئة نتيجة هطول الأمطار وارتفاع مناسيب الأنهر أو زيادة كميات مياه السيول. وغالبا ما تأتي سيول جارفة من إيران في مواسم الأمطار الوفيرة تؤدي إلى غرق وتجريف مساحات واسعة من المحافظة.
وذكر بيان للمكتب الإعلامي للمحافظة أن «الحكومة المحلية وجهت باستنفار دوائرها للاستعداد والتهيؤ للطوارئ المحتملة مع زيادة نسبة هطول الأمطار ومساعدة المواطنين ومعالجة مشاكل تصريف المياه وإصلاح وإعادة فتح الطرق المتضررة». وأوضح أن «موقف السيول القادمة من إيران لا يزال مسيطرا عليه بعد وضع الخطط اللازمة لتحويل مجراها بعيداً عن المناطق السكنية»، داعياً الحكومة المركزية إلى «إطلاق منحة الطوارئ السنوية المخصصة لمواجهة السيول لإتمام جميع الاستعدادات في المحافظة لضمان سلامة المواطنين وممتلكاتهم».