تظهر الدراسات، التي أجريت خلال الجائحة العالمية «كوفيد – 19» والخاصة بتأثيرات هذا الوباء على صحة الرجل الجسدية والعقلية، نتائج مثيرة للقلق خاصةً مع استمرار فقدان الوظائف وضغوط العلاقات والعزلة الاجتماعية وإحداث خسائر فادحة في المال والصحة. ولقد وجد من الأرقام الصادرة مؤخراً لدراسة عالمية أجراها مركز البحوث الاجتماعية بأستراليا (the Social Research Centre) أن: ما يقرب من نصف الرجال الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع (42 في المائة) لم يسألهم أحد كيف يتعاملون مع الجائحة، وقال 21 في المائة منهم إن صحتهم العقلية قد ساءت في الأسابيع الستة الأولى من الوباء، وأشار 27 في المائة إلى زيادة الشعور بالوحدة، وشعر 21 في المائة إما بثقة طفيفة أو أنهم غير واثقين على الإطلاق من بدء محادثة مع صديق أو أحد أفراد أسرته الذين قد يكونون يعانون منذ فرض أمر البقاء في المنزل وقيود التباعد الجسدي.
– حملة توعوية
تحدث إلى «صحتك» الأستاذ الدكتور صالح بن صالح رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لصحة الرجل (SSMH) إلى أنه انسجاما مع التوجهات العلمية والصحية ذات البعد الوقائي والعلاجي، تشارك الجمعية السعودية لصحة الرجل هذا العام من خلال إطلاق حملتها التوعوية «الثانية» لصحة الرجل برعاية وشراكة شركة تبوك الدوائية (كبرى شركات الأدوية السعودية في المملكة والشرق الأوسط)، سعيا نحو تكثيف المحتوى الإعلامي لنشر الثقافة الصحية المتعلقة بصحة الرجل وكل ما يلزم معرفته عن صحته الجسدية والنفسية والأمراض وطرق الوقاية منها والتعامل معها، وصولا إلى طرق الحفاظ على نمط حياة صحي اليوم وكل يوم.
ووفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية لعام 2019 ففي المتوسط يموت الرجال أصغر من النساء 6 سنوات لأسباب يمكن الوقاية منها، وأن الرجال يشكلون 76 في المائة من حالات الانتحار، 85 في المائة من المشردين، 70 في المائة من ضحايا القتل، 40 في المائة من ضحايا العنف المنزلي، وأن الرجال هم في المتوسط أكثر عرضة للسجن بمقدار 3.4 مرات عن النساء عندما يرتكبون نفس الجريمة.
– القلب والعجز الجنسي
يقول الدكتور خالد النمر استشاري أمراض القلب إن العلاقة بين القلب وصحة الرجل علاقة وثيقة، فحوالي 50 في المائة من الرجال يعانون بعد سن الخمسين من نوع من العجز الجنسي وله أسباب عديدة، ويتضاعف العجز مع ارتفاع السكر (25 في المائة) والضغط (30 في المائة) والكوليسترول (50 في المائة). وإذا تحكمنا بالعناصر التي تؤدي إلى أمراض القلب فسوف نتحكم بالتالي في كثير من أمراض الذكورة، فعلى سبيل المثال فإن ضيق شرايين القلب قد يكون سببا في حدوث العجز الجنسي مبكرا جدا، وذلك إذا عرفنا أن قطر شرايين القلب 3 – 4 مليمترات بينما قطر الشرايين في منطقة العضو للرجل هي 1 – 2 مليمتر فيظهر فيها ترسب الكوليسترول مبكرا أضف إلى ذلك أن من يعانون من مرض القلب هم بشر قد يميلون لاستخدام المنشطات الجنسية كغيرهم وهنا قد يتعرضون لمضاعفات تلك المنشطات إذا لم يلموا بتفاصيلها وشروط أخذها.
– الجلطات القلبية
يعتبر الكولسترول المسبب الأول لجلطات القلب في العالم فارتفاع الكولسترول الضار كثيرا يزيد نسبة الجلطات أربعة أضعاف لذا يجب تخفيض نسبة الكوليسترول بأي طريقة كانت بالحمية بالرياضة أو بالأدوية وإلا فإن العواقب خطيرة. ولقد سجلت إصابات بالجلطات بين صغار السن من الشباب (16) سنة بسبب ارتفاع الكوليسترول الوراثي لديهم والذي يستلزم استخدام العلاج مدى الحياة، مثله مثل داء السكري. وعليه ننصح كل من وصل العشرين من العمر أن يهتم بمعرفة ثلاثة مؤشرات وهي الضغط، السكر، والكوليسترول.
ويعتبر التدخين هو المسبب الثاني للجلطات القلبية في العالم حيث يؤدي إلى جروح ميكروسكوبية في بطانة الشرايين يترسب عليها الكوليسترول ويخلق بيئة لتكون الجلطة.
كما أن السهر والنوم المتقطع ونوعية النوم لها تأثير كبير على صحة القلب ورفع الضغط الشرياني والضغط الرئوي وكلاهما يسبب تصلب الشرايين ثم جلطات القلب.
– أمراض الذكورة
أكد الدكتور عبد الله الخيال استشاري المسالك البولية وأمراض الذكورة على أن أمراض الذكورة والعقم هي من أولى اهتمامات أطباء المسالك البولية. ومن أهم أمراض الذكورة ما يلي:
> ضعف الانتصاب، من المشاكل الشائعة عند الرجال، وله سببان رئيسيان: نفسي وهو أكثر شيوعا عند الشباب، وعضوي عند كبار السن بسبب الأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع الضغط والتدخين والسمنة وعدم ممارسة الرياضة.
> المنشطات الجنسية، من الخطأ والخطورة تناولها ذاتيا فقد تؤدي إلى جلطة قلبية أو دماغية أو حتى فقدان الحياة، أو تناولها فقط من أجل انتصاب قوي وممتاز فهو سلوك خاطئ يؤدي إلى التعود النفسي بعدم إتمام العلاقة الحميمية إلا بعد أخذ هذه الحبوب.
وهناك واحد من كل عشرة يأتون لقسم الطوارئ بجلطة قلبية يكون سببها العلاقة الجنسية المصحوبة بأخذ المنشط. والمسألة هنا ليست في أخذ المنشط فقط ولكن في عدم الاستعداد لبذل الطاقة المطلوبة والكافية لهذه العملية، فالعملية الجنسية في جهدها وطاقتها كمن يمشي بسرعة 6.5 كيلومتر/ الساعة وهي سرعة كبيرة لن يستطيع القيام بها ما لم يأخذ المنشط الجنسي والذي يتعارض أخذه مع ارتفاع الضغط غير المتحكم فيه أو وجود مرض قلب وشرايين.
> دوالي الخصية، وهي توسع في أوردة الخصية، حالة شائعة وتنتشر بنسبة 15 في المائة لدى الذكور، وغالبيتهم لا يحتاجون لأي تدخل إلا عند حدوث ألم مزمن أو أنها أدت إلى العقم أو ظهرت قبل سن البلوغ خوفا من التأثير على نمو الخصية. والعلاج بسيط ومتاح إما بعملية جراحية أو بالقسطرة.
> انعدام الحيوانات المنوية، يحدث لسببين إما لعدم إفراز الحيوانات المنوية من الخصية بشكل كامل أو لوجود انسداد فيها، ويتم تشخيص السبب بالفحص الطبي وتحليل الهرمونات وأخذ خزعة من الخصية.
> سرعه القذف، إن الوضع الطبيعي أن لا يقل الوقت من لحظة الإيلاج وحتى القذف عن دقيقة واحدة، فإذا قل عنها يكون التشخيص طبيا «سرعة قذف». لكن الشائع بين الناس ادعاء سرعة القذف خطأ بينما تكون الرغبة هي إطالة فترة العلاقة الحميمية لأكثر من نصف ساعة مثلا، وبالإمكان الحصول على ذلك بالتدريب وتعلم تكنيكات إطالة العلاقة الحميمية. أما عن سرعة القذف المرضية فلها علاجات تكنيكية أيضا وإن لم تجد فهناك المراهم والأدوية.
> تأخر القذف، والسبب الشائع هو ضعف الانتصاب والارتخاء قبل القذف وعدم التمكن من إنهاء العملية الجنسية، وهذه الحالة تحتاج إلى دراسة وفحص وتقييم من قبل الطبيب ثم وضع خطة العلاج.
> تركيب الأجهزة التعويضية للانتصاب، يعتمد نجاحها إذا تم تركيب الجهاز المناسب للشخص المناسب وإلا فستكون هناك مضاعفات ومشاكل. تستخدم هذه التقنية مع الناس الذين لديهم ضعف انتصاب ولا يستجيب للعلاج أبدا على أن يتحمل الشخص العملية ويستوعب جيدا وظيفة الجهاز ويقتنع به لأنه لن يكون للتجربة ثم الإزالة.
– أمراض المسالك البولية
يقول الدكتور سلطان الخطيب استشاري جراحة أورام المسالك البولية إن الرجال هم أكثر عرضة من النساء لأمراض المسالك البولية وأورام المثانة البولية وأورام الكليتين إضافة إلى مشاكل غدة البروستاتا الموجودة لديهم، وفقاً للسجل الوطني للأورام. وهي كما يلي:
> التهابات غدة البروستاتا، شائعة عند الشباب وتتضخم عند كبار السن وهي جزء من مشاكل تقدم العمر.
> سرطان البروستاتا، أكثر سرطان يصيب الرجال بعد سن الـ50 وينصح بالفحص المبكر للبروستاتا عند بلوغ الخمسين، أما إذا كان هناك تاريخ مرضي للقلب أو تاريخ عائلي لسرطان البروستاتا أو كان الشخص من ذوي الأصول الأفريقية فيكون الفحص في سن 45. ويعمل تحليل مستوى «مؤشر البروستاتا» في الدم مع بداية سن الثلاثينات لتحديد ما إذا كان الشخص أكثر عرضة للإصابة في المستقبل.
وعلاج سرطان البروستاتا، خياراته عديدة ونسبة نجاحه عالية إذا تم التشخيص مبكرا، إلا أن تشخيص أكثر من 50 في المائة بالمملكة يكون في مراحل متقدمة وتكون خيارات العلاج قليلة والشفاء ضئيلا، والسبب عدم وجود برنامج وطني للفحص المبكر لسرطان البروستاتا.
قد يتساءل البعض عن جدوى استئصال غدة البروستاتا كوقاية من السرطان أسوة باستئصال الثدي للنساء للوقاية، والإجابة بالنفي فليس هناك أي توصية علمية بذلك إطلاقا في عدم وجود الورم.
> سرطان المثانة، يعتبر التدخين عامل الخطر الأول ثم الاستنشاق الطويل لبعض المواد الكيميائية المتطايرة، وبعض المسرطنات الموجودة في مصادر المياه وهي محرمة دوليا، ومرض البلهارسيا، بعض المهيجات مثل الحصوات المزمنة أو بعض الأجسام الغريبة الموجودة في المثانة، وبعض الأمراض الخلقية.
> أورام الكلي، قد تكون وراثية أو لاستخدام بعض الأدوية بشكل دائم ومزمن.
> أورام الخصية، غير شائعة خلافا لأورام المثانة والبروستاتا وتشخص بالفحص السريري والأشعة والتحاليل.
> الخصية المعلقة «المهاجرة»، تزيد من خطر الإصابة بسرطان الخصية وينصح من كانت لديه في طفولته وأنزلت جراحيا باستشارة الطبيب عند بلوغه سن العشرين والثلاثين للفحص المبكر والعلاج المبكر وكذلك عند اكتشاف وجود كتلة جديدة في الخصية.
> وأخيرا أوضح الدكتور أسعد العرفة استشاري طب الأسرة بأن هناك مقولة مفادها «لن تبني هرما ما لم تمتلك قاعدة» فطب الأسرة هو القاعدة للصحة بشكل عام ولصحة الرجل بشكل خاص بكل ما يتعلق بالنواحي العقلية والجسدية والنفسية والاجتماعية وأيضا النواحي الروحانية. ومن المفترض أن يكون هناك طبيب أسرة لكل مجموعة من الأفراد يكون ملما بكل ما يتعلق بصحتهم الشمولية وعنده الخلفية الكافية عن الأمراض الوراثية والعضوية والنفسية والمشاكل الاجتماعية وعوامل الخطر التي تسبب لهم الأمراض، وبناء على ذلك تتم إحالتهم إلى التخصصات الطبية الأخرى ومنها جراحة المسالك البولية والعقم والذكورة إذا دعت الحالة.
– الاضطرابات النفسية والصحة الجنسية
يشير الدكتور مشعل العقيل استشاري الطب النفسي إلى أن الاضطرابات النفسية ارتفعت نسبة الإصابة بها إلى 54 في المائة في المجتمع السعودي وفقاً لإحصائيات المسح الوطني. ومما يلفت الانتباه أن الناس الذين يطلبون العلاج هم فقط 17 في المائة أي أن 83 في المائة لا يطلبون العلاج، وكانت نسبة الاضطرابات النفسية عند الرجال أعلى منها عند النساء في ثلاثة اضطرابات هي القلق الانفصالي والرهاب الاجتماعي وتشتت الانتباه وفرط الحركة، هذه الدراسة أجريت على أكثر من 4000 شخص في مختلف مناطق المملكة.
وأضاف أن العلاقة بين الضغوط النفسية وصحة الرجل (ومنها الصحة الجنسية) مثبتة بالعديد من الدراسات، وكانت كالتالي:
> الاكتئاب، أحد الأمراض النفسية الشائعة، يؤدي للشعور بالخمول والقلق والتشتت ويفقد مركز المتعة الاستمتاع بالأشياء وينتج عن ذلك ضعف التركيز في العملية الجنسية. وفي نفس الوقت فإن هناك نسبة ضئيلة من الاضطرابات النفسية قد تؤدي لزيادة القدرة الجنسية.
> تأثيرات الأدوية النفسية على الصحة الجنسية، هي على جانبين أحدهما يدعم ويحسن الحالة الجنسية بمعالجة المشكلة النفسية سواء كانت اكتئابا أو قلقا، والآخر جانب سلبي سببه الآثار الجانبية لبعض الأدوية النفسية بتقليل الشهوة والانتصاب، وأحيانا يستفاد من هذا التأثير بإعطاء جرعات قصيرة لعلاج سرعة القذف. والمهم هنا أن يخبر المريض طبيبه إذا ما أحس بالضعف بسبب الدواء لتغييره بأحد البدائل.
> متلازمة انكماش الأعضاء التناسلية، حالة شائعة خاصةً في أوروبا عبارة عن اضطراب يشعر فيه الشخص بعدم الرضا وأن لديه تشوها في الجسم كطول الأنف مثلا، وهنا يشكو من أن العضو قصير بينما هو طبيعي فيعيش في قلق واكتئاب ويبدأ يشك في هوس ويقارن بما يشاهد في الأفلام الإباحية التي تخدع الجنسين الرجال والنساء بأعضاء تناسلية على غير الواقع، وعلميا نطمئن الرجال بأن طول العضو الطبيعي هو ألا يقل عن السبعة سنتيمترات فيكون كافيا لأداء العملية الجنسية الكافية.
> العادة السرية بعد الزواج، يمكن أن تفسر على أكثر من اتجاه فقد تكون بسبب التخيلات والانحرافات الجنسية، أو تستخدم للحصول على النشوة فتؤثر عليه سلبا وهذه تعتبر أحد السلوكيات الإدمانية، أو تستخدم كعلاج ذاتي لتشتيت القلق والتوتر. أولا وأخيرا هي مشكلة تحتاج إلى أخذ التفاصيل والتقييم لتحديد مدى خطورتها.
– استشاري طب المجتمع