اتهمت مصادر يمنية محلية في محافظة إب (170 كم جنوب صنعاء) الميليشيات الحوثية بالوقوف وراء تنامي ظاهرة اختطاف الأطفال والفتيات في المحافظة خلال الأشهر الأخيرة بدافع التجنيد والابتزاز والاستغلال.
ويقول سكان المحافظة المكتظة بالسكان إن الظاهرة تصاعدت على نحو مخيف سواء في مركز المحافظة (مدينة إب) أو في 22 مديرية أخرى في ظل انفلات أمني غير مسبوق في ظل حكم الميليشيات الحوثية التي يهيمن عناصرها على كافة مفاصل الأجهزة الأمنية والاستخبارية.
وتشير مصادر تحدثت إلى «الشرق الأوسط» إلى ضلوع عصابات منظمة تتبع قادة في الجماعة في إب وراء تفشي جرائم الاختطاف بحق الفتيات وصغار السن في المحافظة، حيث تحول الأمر إلى واحدة من الظواهر التي باتت تؤرق السكان وتقض مضاجعهم.
وتؤكد المصادر نفسها أن هذه الجرائم لا تزال تسجل يوماً بعد آخر أرقاماً مقلقة، فيما تواصل سلطات الميليشيات في المحافظة تجاهلها المتعمد لحجم البلاغات المقدمة لها عن وجود حالات اختطاف.
وأوضح مواطنون أن آخر جرائم الاختطاف التي شهدتها إب هي تعرض إحدى الفتيات تدعى (نسرين. ح) قبل أيام لجريمة اختطاف من قبل عصابة مجهولة وسط مدينة إب. وكشفوا عن أن العصابة قطعت طريق الطفلة نسرين (16 عاما) وقت الظهيرة أثناء عودتها من مدرستها إلى منزلها وقامت باختطافها واقتادتها بالقوة على متن سيارة إلى جهة مجهولة.
ولفتوا إلى أن الخاطفين سرعان ما أعادوا تلك الفتاة بعد ساعات قليلة من اختطافها إلى المكان الذي اختطفت منه ثم لاذوا بالفرار دون ذكر أي تفاصيل أخرى.
وعلى الصعيد ذاته، قال مصدر محلي في إب لـ«الشرق الأوسط» إن جريمة اختطاف الطفلة نسرين ما هي إلا واحدة من عشرات الحالات التي تُسجل تباعا في المحافظة، ويتم التكتم عليها من قبل الكثير من العائلات خشية «العار الاجتماعي».
وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفا من بطش الجماعة بالقول: «نظرا لحساسية الأمر، ولعادات المجتمع المحافظ وأعرافه، وتحرج الكثير من الأسر عن الحديث عن مثل تلك القضايا عقب حدوثها لم يتم الإعلان عن عشرات الحوادث تعرض خلالها فتيات وأطفال للاختطاف على يد عصابات يرجح ضلوع قيادات في الجماعة وراءها».
وسبق جريمة اختطاف الطفلة نسرين بأيام تعرض الطفلة براءة 15 عاما لعملية اختطاف مماثلة من قبل ذئاب بشرية ظلت تترصدها لساعات في منطقة السبل غربي المدينة قرب منزلها، حيث اقتيدت على متن حافلة إلى جهة مجهولة. وفق إفادة الأهالي لـ«الشرق الأوسط».
وتحدث السكان عن أن طفلا آخر يبلغ من العمر 12 عاما تعرض قبل يوم واحد من تلك الحادثة لعملية اختطاف على يد عصابة وصفت بـ«الإجرامية»، بالقرب من إحدى أسواق تلك المنطقة.
كما أشاروا إلى تعرض طفلة أخرى 3 سنوات بذات اليوم للاختطاف قرب مدرسة عين شمس بمنطقة السبل. لكن مصادر أخرى أكدت أنه تم إحباط تلك العملية من قبل موظف ضرائب كان موجودا لحظة وقوع الجريمة، حيث لاحظ الخاطف وهو يضع الطفلة الصغيرة وسط كيس كبير قبل أن يتم القبض عليه.
وفي الوقت الذي تحولت فيه محافظة إب خلال الأسابيع والأشهر الماضية إلى مسرح كبير لظاهرة اختفاء واختطاف الأطفال والفتيات، يؤكد ناشطون حقوقيون أن العشرات من الفتيات كثيرا ما يقعن ضحية لعصابات منظمة تمارس أعمال خطف في المدينة، مستغلة حالة الانفلات والفراغ الأمني.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تمكن الأهالي من إحباط ثلاث محاولات اختطاف لفتيات دون سن العاشرة في أكثر من حي بمديريتي المشنة والظهار بمحافظة إب. وذكرت تقارير محلية حينها أن مواطنين أحبطوا عملية اختطاف لطفلة من حي أكمة الصعفاني بمديرية الظهار، وتم إلقاء القبض على الجاني، بعد أيام من العثور على جثة طفل تم قتله بذات المديرية.
وأفادت التقارير بأنه تم خلال نفس الفترة في مديرية المشنة شرق إب إحباط جريمتي اختطاف لفتاتين من قبل ذويهن الذين تمكنوا من إنقاذهما، فيما لاذ الجناة بالفرار.
وفي نهاية العام 2018 تعرضت طفلة لجريمة اختطاف من قبل نافذ حوثي، إذ استعان بامرأتين لخطف الفتاة (م.ص) بالقرب من المشتل الزراعي بمنطقة الصلبة جوار الاستاد الرياضي وسط مدينة إب. ووفقا لمصادر محلية فإن الفتاة المختطفة (12 عاماً) تنتمي إلى أسرة فقيرة بمديرية السبرة جنوب شرقي إب. وبحسب بلاغ تقدم به والد الفتاة المختطفة فإن الخاطف يدعى محمد المجيدي وكان يهدف من عملية الاختطاف تلك لإجبار والد الطفلة على زواجها منه بالقوة.
ولم تقتصر عمليات الاختطاف على الفتيات فقط، بل طالت عشرات الأطفال من الذكور أيضا، إذ تعمد الجماعة بشكل متواصل إلى اختطاف الأطفال (صغار السن) من أحياء محافظة إب ليتم الزج بهم فيما بعد في جبهات القتال دون مراعاة لأعمارهم ودون علم أسرهم وذويهم.
وطبقا لمصدر أمني تحدث في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، فإن الميليشيات الانقلابية أنشأت خلايا تابعة لها ضمن جهاز ما يسمى «الأمن الوقائي» مهمتها اصطياد الأطفال والمراهقين من جوار منازلهم وأثناء خروجهم من المدارس أو ذهابهم إلى المتاجر لخدمة ذويهم.
ويضيف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفا من بطش الميليشيات، أن «أفراد هذه الخلايا المنتشرين في مختلف المدن الخاضعة للجماعة بما فيها محافظة إب يحصلون على مبالغ مالية تعادل 500 دولار نظير خطف كل طفل أو مراهق إلى معسكرات الميليشيات الحوثية».
ورغم تأكيدات مصادر موثوقة بوصول عدد الأطفال المختطفين في محافظة إب خلال شهرين فقط إلى أكثر من 68 طفلاً، فإن منظمات حقوقية محلية وأخرى ودولية تقول إن الجماعة لا تزال تشن عمليات تجنيد غير قانونية للأطفال دون السن القانونية في اليمن، وذلك بعد رصد أكثر من 20 ألف طفل جندوا خلال 5 أعوام من الانقلاب.