طلبت المحكمة الجنائية الدولية من مجلس الأمن الدولي إقناع الحكومة السودانية بالسماح لمحققيها بزيارة إقليم دارفور، في غرب السودان، لجمع مزيد من الأدلة والاستماع للشهود في الدعوة الدولية المرفوعة ضد أحد زعماء «الجنجويد»، محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«كوشيب»، والمتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الإقليم.
وشددت المدعية العامة للجنائية، فاتو بنسودا، في بيان إحاطة لمجلس الأمن بشأن التحقيقات في دارفور، على الحاجة الملحة للسماح لبعثة المحققين التابعين للمحكمة بدخول الأراضي السودانية، فوراً ومن دون تأخير. وكشفت بنسودا عن طلب الحكومة السودانية تأجيل زيارة فريق المحققين دون أن تحدد مواعيد جديدة، قائلة إن «الفرص تنفد أمام إجراء التحقيقات قبل انعقاد جلسة المحاكمة التي سيتم فيها توجيه التهم ضد كوشيب».
وأضافت: «ما لم يتم تحديد موعد لزيارة فريق المحققين للسودان في القريب العاجل، فستفقد المحكمة فرصة ذهبية في الوصول للضحايا والشهود في مواقعهم، ولا يضمن هذا لهم الإدلاء بشهادتهم أمام القضاة في جلسة الاستماع في قضية كوشيب في 22 من فبراير (شباط) العام المقبل». وأوضحت أن «تسهيل الحكومة السودانية للمحكمة دخول البلاد على وجه السرعة، يثبت للضحايا والمجتمع الدولي جدية السودان في تنفيذ المقررات الواردة في اتفاقية السلام ومبادئ العدالة، ويؤكد بشكل ملموس التزامه بالتعاون مع المحكمة الذي أبلغت به شخصياً من قبل المسؤولين خلال زيارتي للخرطوم».
وبحسب البيان، أكدت بنسودا اتفاق الحكومة السودانية والمحكمة على تسهيل تنقل فريق المحققين بحرية تامة للوصول إلى الضحايا والشهود ومواقع التحقيق، وفقاً لما نصت عليه اتفاقية السلام الموقعة أخيراً في عاصمة جمهورية جنوب السودان، في جوبا.
وزارت المدعية العامة للجنائية السودان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وناقشت مع كبار المسؤولين في السلطة الانتقالية آليات مثول المطلوبين للمحكمة، وعلى رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير.
وأشارت في بيانها أمام مجلس الأمن الدولي، إلى أنها لم تتلقَّ أي تأكيدات رسمية من الحكومة السودانية بشأن الإجراءات التي تعتزم اتخاذها فيما يتعلق بكيفية مثول المتهمين المحتجزين، وهم: عمر البشير، ووزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين، وأحمد هارون، باستثناء عبد الله بنده أبكر نورين.
وناشدت المجلس حث السلطات السودانية على الإسراع في تقديم المشتبه بهم للعدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية أو في المحاكم السودانية، وفقاً لمبادئ نظام روما الأساسي، المؤسس للمحكمة، والذي يضمن إجراءات عادلة وموضوعية ومستقلة، تتوافق مع الالتزامات الدولية للسودان، لإنصاف الضحايا في الجرائم الفظيعة التي يتهمون بارتكابها في دارفور، إبان عهد الرئيس السابق.
ومن جهة ثانية، رحبت بنسودا بإلغاء السلطات السودانية عدداً من أحكام القانون الجنائي، كانت تحول دون التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. ويجب اقتران التزام السودان بعمل حقيقي وملموس، بدءاً من وصول المحققين دون عوائق إلى الشهود ومسرح الجريمة والأدلة الأخرى في دارفور.
وأصدر مجلس الأمن الدولي في عام 2005 القرار رقم 1593، الذي أحال بموجبه قضية أحداث دارفور للمحكمة الجنائية الدولية، للتحقيق في الانتهاكات التي حدثت إبان النزاع بين نظام الرئيس المعزول عمر البشير، والمجموعات المسلحة في إقليم دارفور، والتي اتهمت حكومة البشير بالإبادة الجماعية لسكان دارفور.