على الرغم من الفوائد المتعددة للنظام الغذائي النباتي للبالغين واعتباره النظام الأمثل للحياة الصحية من Vegetarian Diet قبل الكثيرين، فإن الجدل لا يزال محتدماً حول ملاءمته للأطفال، وإلى أي مدى يمكن أن يكون مفيداً بشكل كاف. وذلك لأن الأطفال في مرحلة التكوين يحتاجون إلى أنواع متعددة من الأغذية تحتوي على جميع المكونات الغذائية، بما فيها الدهون والسكريات، فضلاً عن البروتين الحيواني الذي يحتوي على الأحماض الأمينية الخاصة ببناء العضلات. وبطبيعة الحال لا تتوقف الدراسات حول الأنظمة الغذائية وفوائد كل منها.
غذاء نباتي
أحدث دراسة أميركية تناولت النظام النباتي أشارت إلى احتمالية أنه يلعب دوراً مهماً في الوقاية من الأزمة الربوية Asthma في الأطفال أو على الأقل تخفيف حدتها. والأزمة الربوية تتميز بظهور عرض الصفير نتيجة لمرور الهواء في الشعب الهوائية الضيقة، وهذا العرض يعتبر المؤشر الأساسي على أمراض الجهاز التنفسي في الأطفال.
والدراسة التي قام بها باحثون من جامعة ولاية أوهايو في الولايات المتحدة وبمشاركة أطباء من جامعة كوين ماري بالمملكة المتحدة ونشرت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي في النسخة الإلكترونية من مجلة الصدرThorax ، أوضحت أن بعض المكونات الموجودة في اللحوم ربما تكون مسؤولة عن نشوء الحساسية الصدرية في الأطفال.
وهذه المكونات تسمى المنتج النهائي للغليكشن Advanced glycation end products أو اختصاراً (AGEs)، وهي عبارة ناتج تفاعل بين السكريات مثل الغلوكوز والأحماض الأمينية والدهون، ولها تأثير ضار على الصحة على المدى البعيد، وتساهم في زيادة الأكسدة، وبالتالي تقلل من عمر الخلايا وتؤدي إلى العديد من المشكلات الصحية، ومنها الأزمة الربوية وأمراض الجهاز التنفسي بشكل عام. وهذه المواد يتم اتحادها في حالة الطهي الجيد للحوم في درجات حرارة عالية أو شويها؛ ولذلك يفضل الحصول على البروتين من الأسماك كمصدر للحوم أفضل من اللحم الحيواني.
وأوضح الباحثون، أنه على الرغم من أن الدراسة لم تثبت بشكل قاطع أن تناول اللحوم يؤدي إلى حدوث الربو، فإنها رصدت العلاقة بين الأمرين، خاصة أن هذه العلاقة واضحة في حالة اللحوم المصنعة مثل السلامي واللانشون والسجق، وهو الأمر الذي أدى إلى التحذير الصريح من قبل منظمة الصحة العالمية من تناول هذه المنتجات، موضحة أن تناول هذه اللحوم يمكن أن يؤدي إلى حدوث سرطانات على المدى البعيد. وأشار الباحثون إلى أن الدراسة الحالية تصب في نفس اتجاه خطورة تناول اللحوم بشكل عام في الأطفال.
تأثير منتجات اللحوم
ولإثبات هذه الفرضية قام الباحثون بتتبع بيانات 4400 من الأطفال الأميركيين تتراوح أعمارهم بين 2 و17 عاماً في الفترة من 2003 وحتى 2006 كانوا ضمن برنامج قومي للتغذية في الولايات المتحدة، وأجروا حسابات لكمية المنتجات النهائية (AGEs) في غذاء الأطفال، وأيضاً قاموا بدراسة الملفات الصحية الخاصة بأعراضهم التنفسية.
وكانت هناك نسبة من الأطفال بلغت 13 في المائة قد تعرضوا لأعراض الأزمة الربوية في هذه العينة، وبعد الأخذ في الاعتبار بقية العوامل الأخرى التي يمكن أن تلعب دوراً في الإصابة مثل العرق والعمر والجنس والوزن وطبيعة السكن كان العامل الحاسم هو كمية المنتجات النهائية (AGEs) التي تم استهلاكها من قبل كل طفل تبعاً لاستبيانات في وقت التجارب عن طبيعة المأكولات. وقد ارتفعت فرص حدوث الصفير في هؤلاء الأطفال بنسبة 18 في المائة عن بقية الأقران.
وساهمت هذه المنتجات أيضاً في حدوث اضطرابات في النوم نتيجة لضيق التنفس بنسبة 26 في المائة، كما ارتبطت أيضاً بزيادة الصفير أثناء التمرينات الرياضية بنسبة 34 في المائة، كما ساهمت بنسبة 35 في المائة زيادة في الاحتياج للأدوية للتغلب على الأغراض، وهو الأمر الذي يشير بوضوح أن تناول اللحوم ضار بالرئتين بشكل خاص.
أوضح الباحثون للآباء المنزعجين من نتائج الدراسة، أن هناك فرقاً بطبيعة الحال بين أن يكون طعام معين يزيد احتمالية حدوث مرض معين أو يكون مسبباً لمرض معين. وليس كل طفل يتناول اللحوم سوف يصاب بالأزمة الربوية أو العكس.
وعلى هذا الأساس يكون تناول اللحوم بالنسبة للأطفال غير محبذ طبياً، ولكنه ليس بالضرورة مؤذياً. ويمكن أن يعمل الآباء على الإقلال وليس الاستغناء عنها نهائياً، باستثناء اللحوم المصنعة فهي ضارة صحياً ويفضل تجنبها.
وأظهرت دراسة سابقة على أطفال مصابين بالأزمة الربوية، أن مجرد وقف الألبان والبيض لمدة 8 أسابيع كان كافياً لتحسن علامات الحساسية والالتهاب في الدم، وأيضاً تحسن الأعراض عند الكشف الإكلينيكي.
وهناك احتمالية أن تلعب الفيتامينات المختلفة الموجودة في النظام النباتي مثل فيتامين سي C وفيتامين إي E، دوراً في مقاومة الأكسدة والحفاظ على عمر الخلايا، خاصة أن الدهون الموجودة في المنتجات الحيوانية تساعد على حدوث الالتهاب في الخلايا وترفع من حدوث الأكسدة؛ ولذلك فإن تناول الخضراوات والفاكهة باستمرار من العوامل التي تقلل من حدة الأزمة في الأطفال.
* استشاري طب الأطفال
ونصح العلماء بضرورة اتباع نظام غذائي متوازن يحافظ على صحة الجسم بشكل عام، ويمكن أن يكون مزيجاً من أنظمة عدة تختلف تبعاً لعمر الطفل وحالته الصحية وطبيعة البيئة التي يعيش فيها مع ضرورة الاستعانة باختصاصي تغذية أو طبيب ولا يلجأون إلى تطبيق نظام غذائي لمجرد أن الآباء يتبعون النظام نفسه حتى لو كان صحياً، خاصة مع زيادة الاهتمام بالنظام النباتي شديد الصرامة vegan وضرورة تنويع مصادر الغذاء للأطفال.