احتج نجل الرئيس الجزائري محمد بوضياف، الذي اغتيل عام 1992 على «طي قضية التآمر» بإصدار أحكام براءة لأربعة أشخاص، من بينهم رئيسي استخبارات سابقين، «في حين أن قضية التآمر الحقيقية، وهي اغتيال والدي، يرفض القضاء إعادة فتحها». وتم رسميا اتهام ضابط عسكري باغتيال رجل الثورة، بينما تتهم عائلته مدير المخابرات ووزير الدفاع آنذاك بـ«تدبير الجريمة».
ونشر ناصر بوضياف، أمس، بيانا على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي، عبر فيه عن استيائه من تبرئة القضاء العسكري كلا من محمد مدين وبشير طرطاق مديري المخابرات سابقا، وسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، ولويزة حنون رئيسة حزب يساري، التي كانت مقربة من بوتفليقة، من تهمتي «التآمر على الجيش»، و«التآمر على السلطة».
وعاد مدين، الشهير بـ«توفيق» إلى بيته، فيما بقي طرطاق وسعيد في السجن لمتابعتهما في قضايا أخرى، أما حنون فقد استعادت حريتها منذ عام تقريبا بعد تخفيض العقوبة. وقد أدانت المحكمة العسكرية الأربعة بالسجن 15 سنة، لكن بعد نقض الأحكام من طرف المحكمة العليا صدرت البراءة بحقهم في الثاني من الشهر الجاري.
كما أدان القضاء في نفس الملف وزير الدفاع السابق، اللواء خالد نزار، غيابيا بـ20 سنة سجنا، والذي عاد من منفاه الإسباني الاختياري منذ شهر، وكان ذلك إيذانا بإسقاط التهمة عنه. وقد اتهمه نجل بوضياف بأنه من مدبري الجريمة، التي تظل لغزا وحدثا فارقا في تاريخ البلاد الحديث.
وقال ناصر بوضياف: «لقد علم الرأي العام الجزائري مؤخرا ببراءة أربعة متهمين بالتآمر على الجيش. ويُعتقد أن هؤلاء الأشخاص قد سُجنوا في الأشهر الأخيرة. لكن لمبارك بومعرفي، الذي نسب إليه الفعل المعزول (بمعنى أن الجريمة لم تكن مدبرة وأن مرتبكها يتحملها وحده) للاغتيال الجبان، الذي تعرض له أحد مطللقي ثورة 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 1954، محمد بوضياف، يجب أيضاً إطلاق سراحه لسبب بسيط هو أنه يقبع منذ 28 عاماً خلف القضبان، لارتكابه جريمة لم يكتشف الشعب الأدلة، التي تدين هذا القاتل المزعوم بارتكابها».
وأضاف ناصر متسائلا: «هل اغتيل محمد بوضياف لأنه أول رئيس دولة جزائري يندد من مكانته العالية بالمافيا السياسية المالية؟ هل اغتيل بسبب عدم كفاءة الأجهزة الأمنية المسؤولة عن حمايته؟ أم أنها هي الأخرى جزء من المؤامرة؟… إنني أرحب بالقضاء الجزائري إن أجابني عن أسئلتي».
وأعرب ناصر عن استيائه من عدم تلقي أي رد من وزير العدل الحالي، بلقاسم زغماتي، الذي دعاه منذ سنة إلى «فتح تحقيق جاد» حول اغتيال والده. مشيرا إلى أن اغتيال الرئيس الأسبق «ليس لغزا غامضا، وهو عمل مدبر».
ومنذ سنين طويلة، ظل ناصر يوجه الاتهام بتدبير عملية اغتيال والده لوزير الدفاع آنذاك، خالد نزار، وإلى مدير المخابرات يومها محمد مدين.
وقتل بوضياف بالرصاص عندما كان يلقي خطابا في قاعة فسيحة بمدينة عنابة (600 كلم شرق العاصمة) في 29 من يونيو (حزيران) 1992 وكان الملازم لمبارك بومعرافي، أحد الضباط المكلفين بحراسته، وراء الرئيس الراحل، وهو من أطلق النار عليه بسلاحه الرشاش. وقد أدانته محكمة الجنايات بالعاصمة بالإعدام. لكن الحكم لم ينفذ بسبب تخلي الجزائر عن تطبيق هذا النوع من الأحكام منذ 1993 فتحولت عقوبته إلى السجن مدى الحياة. ولم ينطق بومعرافي بكلمة واحدة خلال المحاكمة التي جرت عام 1994 ودامت 15 يوما.
لكن الرواية الرسمية لاغتيال بوضياف لا يصدقها عامة الناس، والأوساط السياسية والإعلامية في البلاد. وما هو شائع أن مسؤولين بارزين قتلوه، بحجة أنه أبدى عزما على محاسبتهم لضلوعهم في جرائم فساد خطيرة.