ما بين شدّ وجذب، قضت الإدارة الأميركية مع الأطياف الدولية ودول المنطقة في الشرق الأوسط ساعات وأياماً عدة تناقش تصنيف جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن منظمة إرهابية عالمية.
حاولت واشنطن، ودعمت الجهود السياسية والدبلوماسية في التوصل إلى حل سلمي مع الحوثيين طيلة الأعوام الأربعة من عمر إدارة الرئيس ترمب، إلا أنها توصلت حديثاً إلى قرار لا عودة عنه بسبب التعنت الحوثي.
رحلات مكوكية استنفدتها وزارة الخارجية في المنطقة للالتقاء بأصحاب الشأن، ومحاولة تفادي هذا التصنيف الذي أعلنه مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي، أول من أمس، عندما أخطر الكونغرس بهذه الرغبة، الذي ستكون محل التنفيذ خلال الأيام المقبلة.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية أميركية، فإن العملية كانت نتيجة عمل مشترك بين وزارتي الخارجية والخزانة، مدعومة من بعض الأعضاء في الكونغرس لضمان العملية الشرعية القانونية في التصنيف، قبل أن يتم عرضه على المشرّعين للتصويت عليه.
استندت الإدارة على 3 أمور، الأول تصرفات الحوثيين، تقول المصادر: «إنهم يستهدفون المدنيين والبنية التحتية المدنية في اليمن والسعودية، ويمنعون من وصول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية».
الأمر الثاني لأنهم «يستخدمون الخطف وتجنيد الأطفال أداة حرب». تضيف المصادر، ثالثاً، لأنهم «يعمّقون علاقتهم مع (الحرس الثوري) الإيراني، الذي يُعتبر من وجهة نظر واشنطن منظمة إرهابية».
«لذا، فإن تلك المجالات الثلاثة هي التي تحرك هذه الخطوة من الإدارة الأميركية»، وتعلل المصادر بالقول: «إذا لم تحدث هذه الأشياء فلن يكون هناك نقاش حول هذه القضية، ولن تكون هناك حاجة لها».
وحول استمرار الحوثيين في نهجهم، فهناك نتيجتان. الأولى «سيقوضون مكانتهم في المجتمع الدولي، والثانية سيثيرون مزيداً من التساؤل حول التزامهم بالسلام في اليمن»، لذا ترى المصادر الدبلوماسية أن الحوثيين «إذا أرادوا لعب الدور الذي نود جميعاً أن نراهم يلعبون فيه كلاعب سياسي شرعي داخل اليمن، فيجب أن نرى هذه الأنشطة تتوقف».
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن أحد المقربين من إدارة الرئيس المنتخب، أن فريق جو بايدن لم يؤيد تعيين الحوثيين كجماعة إرهابية، وأنه من المتوقع أن تقوم الإدارة الجديدة بإخلاء هذا التصنيف بسبب المخاوف بشأن التأثير الإنساني على اليمن.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين بالخارجية، قولهم إن وزارة العدل من غير المرجح أن تتابع هذا النوع من الاتهامات، لكن من غير المرجح أيضاً أن تهدئ مثل هذه التأكيدات مخاوف منظمات الإغاثة والمجموعات التجارية التي تخشى مخالفة القانون الأميركي، حتى لو كانت احتمالية الملاحقة القضائية منخفضة، ما يثير أسئلة إضافية حول سبب سعي الإدارة إلى تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية بدلاً من الآخرين دون مثل هذه التعقيدات.
وتعليقاً على هذا الحدث، ترى إيرينا تسوكرمان الباحثة الأميركية في السياسة والقانون، أن الولايات المتحدة تحتاج إلى العمل مع أوروبا والصين وروسيا في الأمم المتحدة، وعلى المستويات الوطنية لضمان تنفيذ تصنيف الجماعة بشكل أقوى، على ألا يكون التنفيذ من جانب واحد، وهو ما تعتبره صعباً للغاية، «كما رأينا مع انسحاب خطة العمل الشاملة المشتركة في الاتفاق النووي الإيراني».
وأشارت تسوكرمان في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنه يجب أن يكون التنفيذ على مستوى الولايات المتحدة متسقاً، وفي نهاية المطاف، هذه ليست سوى الخطوة الأولى لنزع شرعية الحوثيين كشبه سلطة في اليمن، ومحاربتهم عسكرياً وسياسياً بدلاً من محاولة إبرام الصفقات معهم.
«سيتطلب التنفيذ الناجح للعقوبات تحديد وكشف ومتابعة جميع الكيانات التي تتلقى التمويل أو المرتبطة بـ(أنصار الله)»، وتقول تسوكرمان إن ذلك «قد يجبر الولايات المتحدة على خوض مواجهات غير مريحة مع بعض حلفائها، إذ كشفت التقارير الأخيرة وشهادات الأمم المتحدة من قبل مقاول أميركي عن دور الجهات الحكومية في تمويل وتسليح الحوثيين. بينما لا تزال هذه القضايا قيد التحقيق، فإن غسل الأموال المتضمن في هذه العملية يشمل الأفراد والكيانات التي لديها علاقات تجارية طويلة الأمد وغيرها من العلاقات في الدول الغربية ومعها».
وترى الباحثة الأميركية أن بايدن قد يرغب في مغادرة اليمن، ولكن بالتأكيد من غير المرجح أن يرغب في تخصيص هذا المستوى من الموارد لهذه المهمة بالذات، ولا سيما علاقات (أنصار الله) الواضحة مع (حزب الله)، وهي منظمة إرهابية مصنفة من قبل الولايات المتحدة.