لا تزال قضية توقيف مذيعة في التلفزيون الرسمي وعدد من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي بدمشق، تتفاعل لكونها تزامنت مع الحديث عن الحملة الإعلامية الممهدة للانتخابات الرئاسية المتوقعة منتصف العام الحالي. وقبل إعلان الداخلية نبأ توقيف الناشطين، أصدرت تحذيرات للسوريين من «التواصل والتفاعل مع المواقع المشبوهة ونشر أنباء كاذبة».
وكانت وزارة الداخلية أصدرت أوامرها لاعتقال ثمانية من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، استنادا إلى قانون جرائم المعلوماتية المستحدث عام 2019 وذلك يوم الثلاثاء 26 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومن أبرز الموقوفين المذيعة في التلفزيون الرسمي هالة الجرف، وتم سوقها إلى إدارة الأمن الجنائي بدمشق أثناء عودتها من بلدتها السلمية في محافظة حماة إلى دمشق، عند حاجز «الفرقة الرابعة» بمدخل دمشق، بطريقة توحي بأن قضيتها «خطيرة جدا» حسب ما أفادت مصادر قريبة منها.
ومن الموقوفين أيضا الناشط في صفحة «مواطنون مع وقف التنفيذ»، يونس سليمان والمفتشة في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش فريال جحجاح، وطالبة في السنة الثانية في كلية الصيدلة فرح خازم (20 عاما). وذكرت مصادر إعلامية متقاطعة أن سبب اعتقال الجرف تعاملها مع صفحة «نور حلب» في «فيسبوك» التي تهتم بفضح ملفات الفساد. ويشار إلى أن آخر منشور في صفحة «نور حلب» كان قبل يومين من التوقيف في 24 يناير. والصفحة التي تحظى بعشرة آلاف متابع سبق أن تعرضت لتبليغات أدت إلى إغلاقها أكثر من مرة. كما أفادت مصادر إعلامية بأن اعتقال الناشط سليمان يونس جاء على خلفية توجيهه بانتقادات واتهامات بالفساد لمسؤولة رفيعة في النظام، فيما لم ترد معلومات حول أسباب توقيف المفتشة فريال جحجاح والطالبة فرح خازم.
وقالت مصادر خاصة بدمشق لـ«الشرق الأوسط» إنه من المرجح أن يكون توقيف الأشخاص الثمانية يتعلق بقضية واحدة، لأن «التوقيف تم في وقت واحد، ويتصل بتناولهم ملفات فساد من شأنها خلق بلبلة في وقت يسعى فيه النظام لتخفيف احتقان الشارع وطمأنة السوريين إلى أن الأوضاع ستتحسن بعد انتخاب الرئيس بشار الأسد لولاية جديدة»، وأكدت المصادر الخاصة أن «القضية ليست خطيرة، وإلا لتدخلت الأجهزة الأمنية بدل وزارة الداخلية»، ورأت أن توقيف النشطاء الموالين للنظام «رسالة تحذيرية لنشطاء الداخل للالتفاف حول النظام والالتزام بخطابه». وقالت المصادر: «كانت رسالة الأسد واضحة خلال لقائه مع عدد من الإعلاميين الذين برزوا في الإعلام الرسمي خلال الحرب إذ وجههم للتركيز على الشأن الداخلي والملفات الخدمية والاقتصادية، وإقناع الشارع بأن الوضع سيتحسن».
وفي أول تصريح رسمي على توقيف الجرف، أكد رئيس اتحاد الصحافيين في دمشق موسى عبد النور استمرار توقيفها على ذمة التحقيق منذ الثلاثاء الماضي. وأضاف في تصريحات إذاعية الاثنين أن اتحاد الصحافيين بدمشق «قام بزيارة الجرف الموقوفة لدى إدارة الأمن الجنائي واطلع على ظروف قانونية التوقيف»، مكتفيا بالقول إن «أسباب التوقيف مخالفات تتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي» دون تفاصيل. ولفت عبد النور إلى أن الموضوع «قيد المتابعة. وفي حال تم تحويل الجرف إلى القضاء فسيكون دور الاتحاد الاطّلاع على قانونية المحكمة والدفاع عن الصحافي سواء كانت الوسيلة الإعلامية رسمية أو خاصة».
ويأتي توقيف الجرف بعد تعهد وزير الإعلام عماد سارة بأنه «لن يتم توقيف أي صحافي من الآن وصاعدا، قبل أن يتم إخبار وزارة الإعلام عن أسباب التوقيف ومسبباته»
وكانت وزارة الداخلية في دمشق قد أعلنت يوم الأحد الماضي عن توقيف ثمانية أشخاص بتهمة التعامل والتواصل مع مواقع إلكترونية «مشبوهة» لم تسمها. كما اكتفت بنشر الأحرف الأولى من أسماء الموقوفين. وقالت إن ذلك يجري في إطار جهودها «بمتابعة ومكافحة نشر ونقل الأنباء الكاذبة والإشاعات المغرضة التي يتم تداولها على بعض صفحات وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات اليوتيوب لغايات مشبوهة».