أفادت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية زجت قبل أيام بالمئات من المهمشين من ذوي البشرة السوداء إلى جبهات القتال في محافظة مأرب بالتزامن مع حملات تجنيد في صنعاء وذمار وفرض إتاوات لتمويل هجمات الجماعة المدعومة من إيران على المحافظة الغنية بالنفط والغاز.
جاء ذلك في وقت اتهم فيه حقوقيون يمنيون الجماعة الحوثية باستمرار استهداف فئة المهمشين اليمنيين وهم الطبقة الأكثر فقرا في البلاد من خلال استغلالهم واستخدامهم دروعا بشرية في حربها على اليمنيين مقابل منحهم الفتات من المال أو الغذاء.
وتحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ الجماعة على مدى الأسبوع الماضي عبر مشرفيها والموالين لها في المديريات والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها عملية تجنيد واسعة طالت المنتمين لهذه الشريحة من مختلف الأعمار والدفع بهم إلى معسكرات التدريب ومن ثم نقلهم إلى جبهة مأرب.
وأشارت المصادر إلى أن الحملات الحوثية لاستهداف المهمشين تأتي في سياق استجابة الجماعة لأوامر زعيمها عبد الملك الحوثي الذي دعا في السابق إلى التركيز على استقطاب عناصر هذه الفئة التي تعد أكثر الفئات اليمنية فقرا.
إلى ذلك كشفت مصادر مقربة من الجماعة بصنعاء عن أن الجماعة جندت طوال سبعة أيام ماضية أكثر من 700 شخص من المهمشين ذوي البشرة السوداء، بينهم أطفال وكبار في السن، وأخضعتهم بصورة عاجلة لدورات عسكرية، ثم نقلتهم على شكل دفع كتعزيزات لعناصرها في محافظة مأرب (173 كم شرق صنعاء).
وطبقا للمصادر نفسها جندت الجماعة عبر مشرفيها وأتباعها 370 مجندا من مديريات أمانة العاصمة صنعاء وريفها، و176 مجندا من نحو 20 مديرية في محافظة إب، و80 مهمشا تم تجنيدهم من 12 مديرية في ذمار، و25 مجندا من محافظة حجة، و18 من مدينة الحديدة، و15 من المحويت، ومثلهم من محافظة ريمة.
في السياق نفسه، كشفت مصادر عاملة في هيئة قتلى وجرحى الميليشيات في صنعاء عن مصرع المئات من المقاتلين ممن أرسلتهم الجماعة مؤخرا كتعزيزات إلى جبهة مأرب، بينهم مهمشون زجت بهم الجماعة كدروع في معاركها ثم عادوا إلى صنعاء ومدن أخرى جثثا هامدة.
ووفقا لما تم تدوينه في كشوف الهيئة الحوثية بحسب تلك المصادر فقد استقبلت صنعاء العاصمة ومدن يمنية أخرى على مدى اليومين الماضيين فقط جثث عشرات القتلى وغيرهم من الجرحى من المهمشين السود عائدين من جبهة مأرب.
وتقول المصادر إن مشرفي الجماعة بمناطق سيطرتها مستمرون في استقبال جثث عشرات القتلى والجرحى القادمة من الجبهة نفسها، حيث يقومون بإيداع بعضها ثلاجات المشافي الحكومية، ودفن البعض الآخر بطرق سرية.
وكعادة الجماعة كل مرة في عدم الإفصاح عن عدد قتلاها في الجبهات خشية تحطم معنويات مقاتليها وأتباعها والموالين لها، وجهت الجماعة قبل أيام بإيقاف عمليات تشييع جثامين قتلاها سواء أكانوا من المهمشين أو من أبناء القبائل ممن تطلق عليهم اسم «الزنابيل» بشكل مؤقت مكتفية بتشييع جثث البعض من المنتمين إلى سلالة زعيمها الحوثي ممن تطلق عليهم اسم (القناديل).
وفي تعليقه على الموضوع، عبر رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين، نعمان الحذيفي، عن حزنه العميق جراء مشاهدته لأبناء جلدته المهمشين (السود) وهم بين قتيل أو جريح أو أسير في صحراء مأرب بعد أن ألحقتهم الميليشيات للقتال إلى جانبها.
وقال الحذيفي، في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع «تويتر» «يحزنني أن أرى أبناء جلدتي المهمشين السود وهم بين قتيل أو جريح أو أسير في صحراء مأرب بل إن البعض منهم يتم تصفيتهم من الخلف من قبل الجماعة الحوثية في حال سلموا أنفسهم أحياء للجيش الوطني، ويحزنني أكثر أن يساقوا للموت دفاعا عن مشروع سلالي عنصري لا يرى فيهم سوى مجرد عبيد في اليمن».
ونظرا لإمعان الانقلابيين، وكلاء إيران في اليمن، واستمرارهم في استهداف المهمشين وكل فئات وشرائح اليمن بمختلف الأساليب والوسائل القمعية والإرهابية، وجه رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين عبر حسابه رسالة عاجلة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن.
وقال الحذيفي مخاطبا بايدن «هل تعلم بأنني شُرِدتُ من عائلتي في اليمن ومعي كثير من المدافعين عن حقوق الإنسان ومناهضي العنصرية والتي تعد الجماعة الحوثية أقبح من يمارس العنصرية في العصر الحديث… يكفي بأن تعلم أن هذه الجماعة الإرهابية دفعت بالمئات من السود اليمنيين ليقتلوا دفاعا عن مشروعها العنصري».
وتابع قائلا: «إنك بإسقاطك قرار تصنيف الميليشيات جماعة إرهابية عنصرية تكون قد قضيت على آخر أمل لدى أكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون أسود في اليمن من نيل كامل حقوقهم التي حرموا منها بسبب هذه الجماعة السلالية التي أصدر أجداد زعميها قرارا بتحويلنا نحن السود إلى (خدام وعبيد) في المجتمع اليمني».
وأضاف في رسالته: «أعلم بأنك سوف ترتكب خطأ تاريخيا إن تخليت عن تصنيف ميليشيات الحوثي كجماعة إرهابية وهو ما سيجعلها تستمر بارتكاب جرائمها بحق الشعب».