شهدت شوارع العاصمة اليمنية صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة الميليشيات الحوثية على مدى الأيام القليلة الماضية أزمة خانقة في وسائل النقل والمواصلات نتيجة ارتفاع أسعارها، وذلك بالتزامن مع ارتفاع آخر شهدته أسعار أغلب المواد والسلع الأساسية نتيجة استمرار إخفاء الجماعة المتعمد للوقود والمتاجرة به علنا في السوق السوداء.
وقال سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار أجور المواصلات داخل العاصمة صنعاء ارتفعت من 100 ريال للراكب الواحد إلى 150. و200 ريال (الدولار حوالي 600 ريال).
وأفاد محمد الريمي أحد سكان العاصمة بأن أغلب ملاك الحافلات وسيارات الأجرة في صنعاء رفعوا بشكل مفاجئ أجور المواصلات بنسبة 50 في المائة و100 في المائة، خصوصا بعد توقف الكثير من المركبات التي تقل المواطنين، عقب عودة الجماعة لافتعال أزمة مشتقات خانقة.
ويؤكد محمد لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير من سائقي الحافلات يشترطون على المواطنين دفع مبلغ 200 ريال مقابل صعود حافلاتهم في وقت بات الآلاف من المواطنين ينتظرون طويلا في الشوارع نتيجة عدم قدرتهم على دفع المبلغ المطلوب.
إلى ذلك ذكر سكان في العاصمة اليمنية المختطفة أنهم لا يزالون منذ أيام يواجهون انقطاعا شبه تام لوسائل النقل العامة، كما كشفوا أن أسعار المواد الغذائية شهدت هي الأخرى ارتفاعاً كبيراً، الأمر الذي زاد بحسبهم، من معاناتهم جراء ما يعيشونه حاليا من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة ومتردية.
وقال مواطن اكتفى بالترميز له بـ(أحمد. م) إنه تفاجأ أثناء خروجه إلى السوق لشراء حاجيات أسرته بوجود ارتفاع كبير في أسعار المواد الضرورية عما كانت عليه في الأسبوع الماضي منها الدقيق والأرز والسكر، وغيرها.
وأوضح أن سعر مادة الدقيق ارتفعت من 13 ألفا و18 ألف ريال، وسعر السكر ارتفع من 14 ألف ريال للكيس سعة 50 كيلوغراما، إلى ما بين 19 و22 ألف ريال، وهو ما شكل صدمة له وللكثير من المواطنين.
وأرجع عامل بمركز تجاري بصنعاء، الأسباب التي تقف وراء ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية بأنها ناتجة عن شح مشتقات الوقود في الأسواق، والتي يتم شراؤها بأسعار مضاعفة، الأمر الذي دفع، بحسبه، كبار المستوردين والتجار إلى تعويضها برفع أسعار السلع خصوصا الغذائية.
وعلى نفس الصعيد، يؤكد عاملون بقطاع التجارة والصناعة في صنعاء أن موجة زيادات الأسعار التي ضربت مؤخرا شوارع وأسواقا عدة بمناطق سيطرة الجماعة ليست سوى أداة حوثية قديمة جديدة تتخذها الجماعة التي تاجرت على مدى السنوات الماضية بمعاناة ملايين اليمنيين، لتقوم من خلالها بتنفيذ حملات ابتزاز ونهب وفرض جبايات واسعة بحق التجار وأصحاب المحال دون الاكتراث للأوضاع المعيشية المتردية للسكان.
وفي مسعى من الانقلابيين لذر الرماد في العيون كما يقول العاملون في قطاع التجارة والصناعة، فإن قيادة الجماعة وبالتزامن مع ارتفاع أسعار الخدمات والسلع المختلفة، عقدوا مؤخرا اجتماعا ناقشوا فيه ترتيبات نزول ميداني جديد للرقابة على الأسعار والأسواق.
وكشف العاملون بحديثهم لـ«الشرق الأوسط»عن استعدادت حالية تجريها الجماعة لتنفيذ حملات ميدانية واسعة تطال التجار وملاك المخابز والأفران وباعة الأرصفة وغيرهم لفرض المزيد من الجبايات المالية.
ونتيجة لتكثيف الانقلابيين حملاتهم المنظمة بحق ما تبقى من منتسبي القطاع الخاص بمناطق السيطرة الحوثية، كشفت دراسة اقتصادية حديثة أن الخسائر المباشرة التي لحقت بالقطاع الخاص اليمني خلال السنوات الثلاث الأولى من الانقلاب تتراوح بين 25 و27 مليار دولار جراء توقف النشاط الاقتصادي في منشآت القطاع الخاص بصورة كلية أو جزئية وما رافقها من قيود مفروضة على حركة الأفراد والتجارة وتحويل الأموال نظراً لكبر مساهمته في مجمل الأنشطة الاقتصادية.
وأوضحت الدراسة التي جاءت بعنوان «تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص» أن قطاع تجارة الجملة والمطاعم والفنادق كان له النصيب الأكبر من تلك الخسائر وبنسبة تجاوزت 18 في المائة، يليه قطاع التخزين والاتصالات بنسبة خسائر 16 في المائة، ثم قطاع البناء والتشييد بنسبة 11.5 في المائة، والتمويل والتأمين والعقارات بنسبة 9.6 في المائة، والزراعة والصيد بنسبة 9.4 في المائة، ثم الصناعة التحويلية بنسبة 8 في المائة.
ومن الخسائر المباشرة التي لحقت بالقطاع الخاص، تضرر البنية التحتية في أجزاء واسعة من البلاد، إضافة إلى زيادة الأعباء المالية المفروضة على القطاع الخاص وازدواجيتها مثل الضرائب والجمارك، فضلاً عن الرسوم والمدفوعات والإتاوات والجبايات غير القانونية التي يدفعها القطاع الخاص عند عبور السلع والشاحنات بين المدن اليمنية وداخلها.
وطبقا للدراسة الممولة من منظمة «يونيسف»، كانت المنشآت الصغيرة جداً والصغيرة هي الأكثر تعرضاً للدمار نتيجة الحرب، وبنسبة 39 للمنشآت الصغيرة جداً و37 للمنشآت الصغيرة، تليها المنشآت المتوسطة بنسبة 18 في المائة، ثم المنشآت الكبيرة بنسبة 6 في المائة.
وترجع الزيادة في نسبة تضرر المنشآت الصغيرة والأصغر إلى كونها الأكثر عدداً والأوسع انتشاراً في مختلف المحافظات اليمنية مقارنة بالمنشآت المتوسطة والكبيرة.
وتبلغ نسبة المنشآت الصغيرة من إجمالي المنشآت الخاصة 83 في المائة، منها 46 في المائة صغيرة جداً و35 في المائة منشآت صغيرة، فيما تبلغ المنشآت المتوسطة 15 في المائة من إجمالي المنشآت و4 في المائة المنشآت الكبيرة.
ولفتت الدراسة إلى أن العديد من الشركات قامت بتقليص ساعات العمل خلال سنوات الحرب حيث انخفض حجم العمال المشتغلين في قطاع الزراعة بما يقرب من 50 في المائة وقطاع الخدمات بنسبة 8 في المائة.