رحبت الحكومة اليمنية بقرار مجلس الأمن 2564 وجددت التزامها بالتوصل إلى سلام ينهي الحرب استنادا إلى المرجعيات الثلاث، في حين رفضت الجماعة الحوثية القرار وتعهدت باستمرار الحرب على مأرب، بحسب ما جاء في تصريحات لقادتها أمس (الجمعة).
وكان القرار الأممي مدد الخميس العقوبات المفروضة على الأشخاص المعرقلين لعملية السلام لمدة عام آخر، وأضاف قياديا حوثيا إلى لائحة العقوبات متهما بتعذيب النساء المناهضات للجماعة واغتصابهن، كما رحب بتشكيل الحكومة الجديدة وندد بالقصف الحوثي على مطار عدن وبهجوم الجماعة على مأرب وحملها مسؤولية التأخير في تقييم وصيانة خزان «صافر» النفطي.
وشدد على ضرورة اللجنة التي أنشئت بموجب القرار 2140. ولفت إلى أن «الوضع في اليمن لا يزال يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين»، معلناً أنه «يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة». وأكد على «ضرورة التنفيذ الكامل وفي الوقت المناسب لعملية الانتقال السياسي عقب مؤتمر الحوار الوطني الشامل، بما يتماشى مع مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، ووفقاً لقراراته السابقة ذات الصلة»، وطبقاً «لتطلعات» الشعب اليمني.
وأكدت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين في بيان أمس (الجمعة) أن القرار «يعكس الرغبة الحقيقية والصادقة للمجتمع الدولي للمساعدة في تحقيق السلام وإنهاء الحرب العبثية التي تشنها ميليشيا الحوثي الإرهابية بدعم وإسناد إيراني والتي أنتجت معاناة وكارثة إنسانية في اليمن وزعزعت أمن واستقرار المنطقة».
وجددت الحكومة اليمنية في بيان خارجيتها استمرارها في بذل الجهود والمساعي الهادفة لاستعادة الأمن والاستقرار وإنهاء الانقلاب وتحقيق السلام والمصالحة الوطنية وفقا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن 2216.
من جهته، رحب وزير المياه والبيئة في الحكومة المهندس توفيق الشرجبي بتحميل القرار الحوثيين مسؤولية الكارثة البيئية والاقتصادية التي ستنتج في حال تسرب النفط من الناقلة (صافر) الراسية قبالة سواحل الحديدة، وعدم الاستجابة للتحذيرات من العواقب الوخيمة أو السماح لفريق الأمم المتحدة بالوصول إلى الناقلة وإجراء المعالجات اللازمة.
وشدد الشرجبي في بيان رسمي على أهمية معالجة التهديد المتزايد لخزان النفط العائم الذي يحتوي على أكثر من مليون برميل من النفط الخام، مما قد يتسبب في حدوث كارثة بيئية واقتصادية وإنسانية وخيمة على اليمن ودول المنطقة والملاحة الدولية.
وفيما كانت الأمم المتحدة أعلنت في وقت سابق أن الحوثيين وضعوا عراقيل إضافية أمام وصول الفريق الفني لمعاينة الناقلة وصيانتها، أكد الشرجبي أن وضعها خطير وحرج بسبب التقادم وتوقف الصيانة منذ عام 2015، وقال «إن زيارة فريق الخبراء الأممي والصيانة لم يعد كافيا لإيقاف الكارثة التي أصبح تفاديها رهنا بتفريغ الخزان العائم من النفط بشكل فوري».
وحذر الوزير اليمني من المخاطر المتزايدة التي يشكلها تآكل هيكل ناقلة النفط صافر بعد تسرب مياه البحر إلى حجرة محركها في مايو (أيار) الماضي، وملاحظة الخبراء في سبتمبر (أيلول) بقعة نفطية على مسافة 50 كيلومترا إلى الغرب من الناقلة جراء انفصال أنبوب ضخ متصل بها.
وأضاف أن «صورا حديثة التقطتها الأقمار الصناعية تؤكد أن الناقلة «صافر» بدأت بالتحرك من مكانها، إضافة إلى التصرفات غير المسؤولة للميليشيا التي نشرت عناصر مسلحة على متن الناقلة دون أدني التزام بقوانين الأمن والسلامة».
وطالب الشرجبي مجلس الأمن والمجتمع الدولي بتغيير أسلوب تعامله مع هذا الملف الذي قال إن الميليشيات «تستغله للمساومة وابتزاز المجتمع الدولي، وعدم الاستجابة للتحذيرات الدولية من العواقب الوخيمة لمنع فريق الأمم المتحدة من الوصول إلى الناقلة لإجراء المعالجات اللازمة طوال ست سنوات، متجاهلة الآثار الكارثية التي قد تنتج عن تسرب النفط أو انفجار الناقلة».
وجدد وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية حرص الشرعية على التعاون الجاد والمستمر بتسهيل مهام الأمم المتحدة وفريقها لإفراغ الخزان وإنهاء الأزمة بصورة مستقلة كليا عن طبيعة الصراع في المنطقة باعتبارها تهديدا بيئيا واقتصاديا وإنسانيا سيلحق الجميع تبعات انهياره.
في غضون لك ذلك أعلن عدد من قادة الجماعة الحوثية رفضهم للقرار الأممي الجديد، وقال محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة والحاكم الفعلي لمجلس حكم الانقلاب في تصريحات أمس(الجمعة) إن جماعته ستواصل الحرب وهجومها على مأرب، زاعما أن الرئيس الأميركي بايدن ومبعوثه إلى اليمن لا يحملان أي خطة للسلام.
وقال الحوثي «صمت مجلس الأمن دهرا ونطق كفرا» منتقدا دعوة المجلس إلى وقف القتال، زاعما وجود خبراء أميركيين في مأرب يقودون معارك الحكومة الشرعية لصد هجمات جماعته.
من جهته، شدد القيادي محمد البخيتي في تغريدة على «تويتر» على أن جماعته غير معنية بقرار مجلس الأمن، زاعما أن لدى الجماعة «توجيهات إلهية مستمدة من القرآن» للاستمرار في الحرب ومهاجمة مأرب.
تصريحات قادة الجماعة الرافضة لقرار مجلس الأمن جاءت بعد ساعات فقط من قيامها بقصف مدينة مأرب بصاروخين باليستيين أحدهما سقط وسط المدينة دون تسجيل إصابات، بحسب ما أفادت به مصادر حكومية، فيما تواصل الجماعة شن هجماتها على أكثر من محور غرب المدينة وشمالها الغربي وجنوبها في أعتى حملة تقودها للأسبوع الثالث.
وبينما تحذر المنظمات الإنسانية والحقوقية من خطر الهجمات الحوثية على أكثر من مليوني نازح موجودين في مأرب شكك محمد علي الحوثي في هذه الأعداد، خلال تصريحاته وزعم أن «الإحصائيات السكانية التي يتحدث عنها المجتمع الدولي في مأرب غير صحيحة، وهي فقط بهدف التسويق لجمع المساعدات».
وفي سياق هذه التحذيرات الإنسانية دعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أمس (الجمعة) إلى تأمين ممر آمن للمدنيين المضطرين للفرار، مشددة على قيام الأطراف المتحاربة حماية السكان المحاصرين في النزاع الدائر بأطراف محافظة مأرب.
وقال المتحدث باسم المفوضية بوريس تشيشيركوف، في مؤتمر صحافي عقد في قصر الأمم في جنيف، إن «المواقع الحالية للنازحين داخلياً تعاني من الاكتظاظ، فيما الاستجابة الإنسانية معرضة لضغوط شديدة».
وأوضح أن انعدام الأمن أثر على نحو متزايد على إيصال المساعدات إلى المدنيين في مأرب، «وهو ما تترتب عليه عواقب وخيمة تمس الفئات الأكثر ضعفاً بينهم». إلى جانب إشارته إلى وقوع اشتباكات «على بعد كيلومترات قليلة من مدينة مأرب، ولم يكن أمام السكان خيار آخر سوى الفرار والبحث عن أماكن آمنة نسبياً في المناطق الحضرية».
ودعا المتحدث الأممي إلى «إتاحة الفرصة لوصول وكالات الإغاثة إلى المناطق المتضررة دون عوائق، وذلك من أجل إيصال المساعدات الضرورية والمنقذة للحياة للنازحين والعائلات الأخرى في مأرب وأماكن أخرى في المحافظة حيث الاحتياجات ماسة».
كما حذرت المفوضية الأممية من «وجود عدد متزايد من اليمنيين النازحين الذين باتوا يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وأوضحت أنه «من أصل أربعة ملايين نازح في اليمن، هناك ما يقرب من 2.6 مليون شخص ممن هم على شفا حفرة من خطر المجاعة».