أعلنت الحكومة العراقية أنها غير ملزمة بالدعوات البرلمانية الهادفة إلى إعادة سعر صرف الدينار العراقي مقابل سعر الدولار الأميركي. وكان العشرات من أعضاء البرلمان العراقي قد بدأوا بجمع تواقيع من أجل تغيير سعر صرف الدينار العراقي من 1450 للدولار الواحد إلى ما كان عليه قبل الزيادة التي حصلت قبل نحو 3 شهور من قبل البنك المركزي العراقي، البالغ 1200 دينار للدولار الواحد.
وفي حين تدافع الحكومة، ومعها عدد كبير من خبراء المال والاقتصاد، عن قرار زيادة سعر الصرف، بصفته جزءاً من خطة الإصلاح الحكومي التي عرفت بالورقة البيضاء، والتي كان قد تقدم بها العام الماضي وزير المالية الدكتور علي عبد الأمير علاوي، فإن عدداً كبيراً من أعضاء البرلمان يرون أن هذ الزيادة أثرت على الطبقات الشعبية الفقيرة.
وفي سياق الجدل بين الحكومة التي لا كتلة لها داخل البرلمان تقف إلى جانبها وتدافع عن سياساتها، فإنه مع قرب حلول شهر رمضان، سجلت كثير من المواد الغذائية، ومن بينها السكر وزيت الطعام، زيادة كبيرة في الأسعار، نتيجة المضاربات التي يقوم بها الطفيليون الذين يستفيدون في الغالب من هذه التحولات لصالحهم.
البرلمان من جهته، وفي تبرير لمحاولاته لإرجاع سعر الصرف إلى ما كان عليه، يقول إن الحكومة حين رفعت سعر الصرف لم تقدم على سياسات من شأنها التخفيف عن كاهل الفقراء، فضلاً عن عدم قدرتها على السيطرة على الأسعار في السوق. ومع ذلك، فإن الحكومة ما زالت تقف على أرضية صلبة، كون تغيير سعر صرف الدولار صلاحية حصرية للبنك المركزي، وليس من صلاحية البرلمان.
وفي هذا السياق، أعلن المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء وزير الثقافة، حسن ناظم، أن بإمكان البرلمان تغيير سعر صرف الدولار، لكنه لن يكون ملزماً للحكومة. وقال ناظم، في تصريح أمس (الاثنين)، إن «الفرصة متاحة أمام البرلمان لإبداء رأيه بشأن سعر صرف الدولار وتغييره ضمن الموازنة».
وأضاف أن «قرار تغيير سعر صرف الدولار لن يكون لازم التطبيق من قبل الحكومة، كون تغيير السعر متعلق بالحكومة والبنك المركزي، بعد تحديد سعر صرف الدولار بـ1450 ديناراً». وتابع المتحدث باسم مجلس الوزراء أنه «يقع على عاتق البرلمان القرار بالموافقة على الموازنة وتمريرها أو إجراء تعديلات أو تغييرات عليها»، مشيراً إلى أن «الحكومة الاتحادية أنجزت ما هو مطلوب منها في ملف الموازنة منذ 3 أشهر، والعمل الآن منوط بالبرلمان من جميع النواحي، فيما بإمكان الحكومة المساعدة بتسهيل الأمور أو إجراء تفسيرات ومفاوضات حول بعض الملفات».
وكان البرلمان العراقي قد أخفق لنحو أكثر من 4 مرات في تمرير الموازنة المالية بسبب الخلاف مع إقليم كردستان أولاً، قبل أن يضع عشرات البرلمانيين من كتل مختلفة شرطاً جديداً لتمريرها، وهو إعادة سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه.
وبشأن ما إذا كان البرلمان يحق له تغيير سعر صرف الدولار، يقول الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطون لـ«الشرق الأوسط» إن «المحاولات الجارية من أجل تغيير سعر صرف الدولار، بعد أن تم اتخاذه من قبل البنك المركزي، إنما تعبر عن جهل بالصلاحيات»، مبيناً أن «البنك المركزي هيئة مستقلة، ومن بين صلاحياته الحصرية تغيير سعر الصرف طبقاً لما يراه، استناداً إلى متغيرات اقتصادية، حيث إن هذه العملية ليست مجرد اجتهادات شخصية، كما أنها لا يمكن أن تخضع بأي حال من الأحوال إلى المزايدات السياسية أو الدعايات الانتخابية».
وأكد أن «تغيير سعر الصرف برلمانياً لا يلزم الحكومة، كونها ليست من صلاحياته، وكان ينبغي على المطالبين بذلك معرفة حدود الصلاحيات والسلطات لأن العملية ليست لعبة، والبنك المركزي مرتبط بهيئات دولية ومحلية، وله وعليه التزامات لا بد من تأديتها».
وعد أن «هذه المساعي لمن لا يعرفها إنما هي تآمر على الاقتصاد العراقي، يضاف إلى ذلك أن الموازنة التي هي الآن بيد مجلس النواب حددت على أساس سعر صرف 1450 دولاراً»، مشيراً إلى أن «زيادة أسعار النفط أدت إلى خفض العجز بالموازنة، وهو ما ينبغي أخذه بعين الاعتبار، حيث إن ارتفاع سعر البرميل دولاراً واحداً يخفض العجز، وفق هذا السعر الذي حدده البنك المركزي، بنحو مليار دولار أميركي».