كشف تقرير صادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في اليمن بالاشتراك مع البعثة الأممية العاملة في الحديدة عن مقتل 348 يمنيا بألغام الميليشيات الحوثية خلال العام المنصرم 2020 دون أن يتهم الجماعة صراحة بالمسؤولية.
وفي حين تتهم الحكومة الشرعية الميليشيات الحوثية بزرع أكثر من مليون لغم في المناطق التي سيطرت عليها، كان ناشطون يمنيون وجهوا انتقادات لوكالات الأمم المتحدة لجهة الدعم الذي تقدمه للجماعة تحت غطاء المساعدة في برامج نزع الألغام، إذ إن الجماعة هي المسؤولة عن زرع الألغام وليس عن نزعها.
وأبدى الناشطون مخاوفهم من تسخير الجماعة لأسطول من عربات الدفع الرباعي التي حصلت عليها من الأمم المتحدة لدعم المجهود الحربي ونقل آلاف الألغام لزراعتها بخاصة في الساحل الغربي وخطوط التماس الأخرى مع القوات الحكومية.
جاء ذلك في وقت أكد فيه المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن «مسام» أنه نزع خلال الأسبوع الأخير من شهر مارس (آذار) الماضي ألفين و277 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة.
وكشف المشروع في بيان رسمي أمس (الأحد) عن تفكيك ألف و495 ذخيرة غير منفجرة، خلال الأسبوع الماضي ليرتفع عدد ما تم نزعه خلال مارس إلى 10 آلاف و240 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة.
وأوضح «مسام» أنه تمكن منذ بدء المشروع من نزع 230.592 لغماً وعبوة ناسفة وذخيرة غير منفجرة.
التقرير الأممي سالف الذكر تحاشى الإشارة إلى جهود الحكومة اليمنية بالشراكة مع مشروع «مسام» كما تحاشى الإشارة إلى مسؤولية الجماعة الحوثية عن كارثة الألغام التي تهدد حياة الآلاف من المدنيين في أغلب المحافظات التي سيطرت عليها الجماعة.
وذكر التقرير أنه «رغم الجهود المستمرة والجلية للبرنامج الوطني للتعامل مع الألغام في عموم البلاد، يزداد انتشار الألغام، مما يشكل تهديداً كبيراً لأمن وسلامة جميع اليمنيين».
وأضاف أن «انتشار الألغام والذخائر غير المنفجرة المتناثرة في جميع أنحاء البلاد يعد خطراً كبيراً قد يؤدي إلى الوفاة أو الإصابة بين المدنيين، حيث لقي 348 شخصاً حتفهم في عام 2020. وفي ظل تخوف دائم من تدهور الروابط المجتمعية فإن انتشار ذلك يتسبب في دمار سبل العيش وله تأثير سلبي كبير على الاقتصاد بشكل أوسع».
وقال التقرير إن «المثابرة هي مبدأ أساسي في مشروع مكافحة الألغام التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركائه للتخفيف من الآثار طويلة المدى، وغير المحمودة للألغام في اليمن» حيث «يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام في جميع أنحاء اليمن، والذي يتمثل هدفه الشامل في تحقيق الوصول إلى كل ربوع الوطن مع الاستمرار في تطوير وتوسيع قدراته، رغم الصراع».
ونقل التقرير عن أوك لوتسما، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، قوله إن «التعاون الجاري بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبرنامج الوطني للتعامل مع الألغام أسهم في استعادة الآلاف من سبل العيش، وتعزيز القدرات المحلية في إزالة الألغام – بما في ذلك منح شهادة لأول امرأة في اليمن في نزع الألغام – وتمثيل اليمن بتنفيذ الالتزامات والاتفاقات الرئيسية المتعلقة بالألغام».
وفي وقت سابق اتهم ناشطون يمنيون البرنامج الأممي بأنه اختار إحدى القائدات الحوثيات لتلميعها والزعم أنه أسهم في تأهيل النساء في برامج نزع الألغام، وفق قولهم».
وتطرق التقرير إلى أن الأمم المتحدة دعمت «العمليات المتعلقة بنزع الألغام في اليمن منذ أواخر التسعينات – في المقام الأول من خلال الدعم المؤسسي والتقني، وتنمية القدرات، وتعبئة الموارد، وشراء المعدات. وفي ضمان أن يكون العمل ضمن المعايير الدولية والمتعلقة بالألغام وتحقيق التزامات البلد تجاه اتفاقية حظر الألغام (اتفاقية أوتاوا)».
وفي عام 2020 – بحسب التقرير – «شملت قائمة المنظمات التي عملت مع البرنامج (هالو ترست)، والمجموعة الدنماركية لنزع الألغام، ومعونة الشعب النرويجي، والشركة التجارية، ومبادرة التنمية، لدعم البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام بأنشطة المسح غير التقني والتوعية بمخاطر الذخائر المتفجرة وبناء وحدة الكلاب الكاشفة عن الألغام، إضافة إلى أنشطة أخرى».
وفي حين لم يشر التقرير إلى الانقسام الحاصل في قيادة البرنامج الوطني اليمني لنزع الألغام بين الحكومة الشرعية والميليشيات الحوثية، قال إن البرنامج تمكن في جميع المحافظات خلال 2020 من مسح و- أو تطهير أكثر من 3.1 مليون متر مربع من الأراضي – وإزالة أكثر من 64 ألف قطعة قابلة للانفجار من مخلفات الحرب في 17 محافظة. حيث منح لك أكثر من 177 ألف يمني الأمان والسلامة في زراعة أراضيهم والقدرة على الحركة للوصول إلى الخدمات الأساسية والعمل والتعليم وغير ذلك.
وفيما أفاد التقرير بأن بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة تعد شريكاً رئيسياً في العمل للحدّ من خطر الذخائر غير المنفجرة في محافظة الحديدة، بالتعاون مع دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، قال إن البعثة قدمت «الدعم الفني للإشراف على إزالة حقول الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب في الموانئ الثلاثة الحيوية على البحر الأحمر وهي الحديدة والصليف ورأس عيسى، والتي يدخل البلد عبرها 80 في المائة من السلع الإنسانية».
ونقل التقرير عن نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، دانييلا كروسلاك قولها إنه «لا يوجد مكان تتجلى فيه الصلة بين تهديد الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة والقطاع التجاري والإنساني أكثر من حقول الألغام التي توجد في محافظة الحديدة».
كما نقل عن لوتسما قوله: «لضمان قدرتنا على الاستمرار في تقديم دعم أفضل للقطاع ولشركائنا، أنشأ برنامج الأمم الإنمائي العديد من مكاتب مكافحة الألغام في جميع أنحاء اليمن. وبدعم من المانحين، نواصل التركيز على أربعة مجالات، وتشمل استكمال تطوير المعايير الوطنية للأعمال المتعلقة بالألغام، توسيع وجود المنظمات غير الحكومية الدولية للأعمال المتعلقة بالألغام، دعم البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام لتحقيق المعايير الدولية لمكافحة الألغام، وتطوير أنشطة وقف انتشار العبوات الناسفة المصنعة محلياً والتهديد الذي تشكله الألغام البحرية».
وتقدر إحصاءات يمنية أن ألغام الميليشيات الحوثية تسببت خلال سنوات الانقلاب في مقتل وإصابة نحو 15 ألف مدني أغلبهم من النساء والأطفال في عموم المناطق التي سيطرت عليها الجماعة المدعومة من إيران.