أرجو بداية أن يتسع صدركم للإطالة عليكم ولكني لم أستطع إنقاص أية معلومة :
واهم من يظن أن المشكلة بين مصر وأثيوبيا حول سد النهضة هي مشكلة آنية وعابرة ويا حبذا لو كانت كذلك ..بل إن المشكلة قديمة جدا تبدأ بعد مؤتمر بازل 1897 أو مايعرف بالمؤتمر الصهيوني الأول المنعقد في مدينة بازل بسويسرا …وتحديدا عام 1903..
فلم يكن شراء إسرائيل لسندات وأسهم بناء سد «النهضة» الإثيوبي سوى الحلقة الأخيرة من مخطط إسرائيلي بدأ منذ بداية القرن الماضي وقبل إنشاء دولة الاحتلال وسط غفلة من المسؤولين في مصر الذين اكتفوا بترديد اقتراحات ساذجة لمواجهة كارثة محققة…
بدأت المحاولات الصهيونية للاستفادة من مياه النيل مع بداية التفكير الاستيطاني في الوطن العربي، وظهرت الفكرة بشكل واضح بداية القرن الماضي عندما تقدم الصحفي اليهودي تيودور هرتزل -مؤسس الحركة- عام 1903م إلى الحكومة البريطانية بفكرة توطين اليهود في سيناء واستغلال ما فيها من مياه جوفية والاستفادة من مياه النيل…
كما قدم الخبير الإسرائيلي شــاؤول أولوزوروف النائــب السابق لمديــر هيئة المياه الإسرائيلية مشروعا للرئيس الراحل أنور السادات خـلال مباحثات كامب ديفيد يهدف إلى نقــل مياه النيل إلى إسرائيل عبر شق 6 قنوات تحت مياه قناة السويس…
وكي تكتمل القيود على مياه النيل كان لابد من احكام السيطرة على الدول الافريقية والتي تدعى دول المنبع وكذلك الدول الواقعة على مسير النهر ..
وهكذا عملت اسرائيل على ربط هذه الدول باتفاقيات اقتصادية وعسكرية وأمنية والأهم …اتفاقيات مائية ..
فمثلا أريتريا تعتبر قاعدة متقدمة لاسرائيل بالمنطقة والموساد يسرح ويمرح هناك والجيش الأريتيري يعتبر بشكل أو بآخر ذو عقيدة صهيونية.. فتدريبه وتسليحه وسياساته اسرائيلية ..أما كينيا فقد بدأ التغلغل الاسرائيلي فيها يزداد كثافة بعد استهداف السفارة الأمريكية في نيروبي عام 1998 حيث أصبح تسليح الجيش الكيني اسرائيلي بالكامل وخاصة سلاح الطيران والبحرية وقطاع الاتصالات ويعمل المئات من الضباط و الخبراء الاسرائيليين بصفة مدربين ومستشارين أمنيين في صفوف القوات الكينية..
أما فيما يتعلق برواندا والكونغو الديمقراطية فقد وضح موقع المعهد الإسرائيلي للتصدير والتعاون الدولي أن إسرائيل قدمت عام 2009 إلى كل من الكونغو الديمقراطية ورواندا (من دول المنبع) دراسات تفصيلية لبناء 3 سدود كجزء من برنامج متكامل تهدف إسرائيل من خلاله إلى التمهيد لمجموعة كبيرة من المشروعات المائية في هذه الدول خاصة رواندا، حيث يتوجه الاهتمام الإسرائيلي بوجه خاص إلى نهر كاجيرا الذي يمثل حدود رواندا مع بوروندي في الشمال الشرقي لإقامة أكثر من سد عليه.
ونجحت إسرائيل بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في تأمين سيطرتها على بعض مشاريع الري في منطقة البحيرات، حيث تقوم بتقديم الدعم الفني والتكنولوجي من خلال الأنشطة الهندسية للشركات الإسرائيلية في مجال بناء السدود المائية. وقدمت إسرائيل دراسات تفصيلية إلى زائير ورواندا لبناء 3 سدود، كجزء من برنامج شامل لإحكام السيطرة على مياه البحيرات العظمى..
وبدأ الفصل النهائي من الخطة من خلال السيطرة المباشرة على مياه النيل… فقد كشف المحلل السياسي الأمريكي «مايكل كيلو» والخبير في قضايا الصراعات المائية حول العالم في مقال له بصحيفة «راندي ديلي ميل» الجنوب إفريقية عن اجتماع مفصلي عقد في تل أبيب بين أعضاء بالكنيست ووزراء إسرائيليين وإثيوبيين، تم خلاله الاتفاق على إقامة مشاريع مشتركة عند منابع نهر النيل في إثيوبيا. وأضاف «كيلو» أن هذه المشاريع تتضمن إقامة أربعة سدود على النيل لحجز المياه، وتوليد الكهرباء، وضبط حركة المياه في اتجاه السودان ومصر، ومن المتوقع أن يتم استكمالها في الفترة ما بين شهري يونيو وأكتوبر في فصل الأمطار بالهضبة الإثيوبية…
وسبق أن كشفت مصادر إعلامية إسرائيلية عن تقدم شركات استثمارية إسرائيلية يملكها جنرالات متقاعدون في الموساد بعروض للمساهمة، سواء في مشاريع بناء السدود على منابع نهر النيل في الأراضي الإثيوبية؛ أو في مشاريع أخرى زراعية…
إن الحديث عن حروب المياه المستقبلية في المنطقة، هو حديث استراتيجي بالغ الخطورة والجدية، يتوجب على العرب أن يولوه الأهمية والاهتمام المطلوبين، فالمشاريع والمخططات والأطماع الإسرائيلية في المياه العربية منفلتة ليس لها حدود أو ضوابط.. فمنذ عام 1867 بدأ الاهتمام الصهيوني بمصادر فلسطين المائية الطبيعية، حيث أرسل صندوق الاستكشاف الصهيوني مهندسين إلى فلسطين لمسح المصادر الطبيعية للمياه …
وفي عام 1919 وجه «الاتحاد العالمي لعمال صهيون» مذكرة إلى حزب العمال الحاكم في بريطانيا، في أعقاب مصادقة مؤتمر سان ريمو 1920 على الانتداب البريطاني على فلسطين، جاء فيها: «إن مصادر نهر الأردن حتى جبل حرمون (جبل الشيخ)، وقطاع حوران حتى نهر الأعرج جنوب دمشق، إن هذه جميعها جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل»؟
وفي عام 1926 منح المندوب السامي البريطاني لفلسطين، المهندس اليهودي بنحاس روتنبرغ امتيازا لمدة سبعين عاما لإنتاج الكهرباء من مجرى نهر الأردن. وفي عام 1938 تأسست شركة ميكوروت اليهودية لتنفيذ مشاريع المياه الإنشائية وصيانتها، وتحولت هذه الشركة في ظل دولة اسرائيل إلى سلطة المياه الإسرائيلية…
وتركيا أيضا / وهي الحليف الاستراتيجي لاسرائيل/ استوعبت الدرس ودخلت في حرب المياه ضد سوريا والعراق حيث تقوم بقطع مياه الفرات ودجلة عن البلدين الجارين مستغلة التخبط الحكومي والتبعية للأمريكي في العراق وظروف الحرب السورية وانكماش الوجود الحكومي الرسمي في منطقة الجزيرة السورية …والأهم من هذا …. أن السيطرة الأمريكية أحادية القطب على العالم وخاصة بعد مجيئ ترامب أدت الى ظهور حالة من كسر الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية والاستهتار والضرب بها عرض الحائط من قبل حلفاء أمريكا واسرائيل ..
ونستحضر في ذلك ما كان بن غوريون قاله منذ عام 1956، إذ أكد: «إن اليهود إنما يخوضون ضد العرب معركة مياه، يتوقف على نتيجتها مصير إسرائيل» ..
إذا الحرب القادمة علينا ..هي حرب المياه ..وتخوضها اسرائيل على أساس أنها حرب وجود …
أما مصر فلن ولم تحارب حتي لو تم قطع الماء نهائياً عن مصر
، لأنه تم إنشاء سحارات عملاقة تحت قناة السويس ،وذلك في عام 2014 وبعدها بعام تم التوقيع علي إتفاقية المبادئ التي وقعت في مارس 2015 بين مصر والسودان وأثيوبيا ، إذاً لابد من توصيل 5 مليارات متر مكعب إلي الإحتلال الصهيوني ، ولذلك يرتكز النظام علي إسرائيل في حل مشكلة المياه وليست أثيوبيا أما العرب جميعاً ومصر !!!!!!!!!!
فدعوها في رقادها الطويل في حماية القوانين الدولية .
بقلم / منير حامد