جددت الحكومة اليمنية التحذير من الكارثة المحتملة لانفجار خزان «صافر» النفطي في البحر الأحمر وما يمكن أن يسببه ذلك من مخاطر بيئية واقتصادية، استنادا إلى ما توصلت إليه أحدث الدراسات الدولية بهذا الشأن.
وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية معمر الإرياني، إن الدراسة التي أعدتها منظمة (acaps) البحثية السويسرية بالشراكة مع شركتي (كاتبولت) و(ريسك أوير) مؤخرا، عن تقييم الأثر لاحتمالات تسرب أو غرق خزان صافر تعيد قرع أجراس الخطر لواحدة من أخطر كوارث التلوث البيئي في تاريخ البشرية.
وأوضح الإرياني في تصريحات رسمية «أن الدراسة تؤكد أن ساحل البحر الأحمر والدول المجاورة له قد تتعرض لخطر كارثة بيئية يمكن أن تحدث في أي يوم مع آثار إنسانية واقتصادية كبيرة، مع تسرب أربعة أضعاف كمية النفط الخام التي انسكبت من أكسون فالديز عام 1989 والتي كان لها آثار كبيرة على البيئة والناس وسبل عيشهم في المناطق المتضررة».
وأشار الوزير اليمني إلى أن الدراسة البحثية تؤكد أن انفجار خزان النفط صافر سيؤثر على سبل عيش 1.6 مليون شخص بالانسكاب وعمليات التنظيف اللاحقة، من خلال الأضرار التي ستلحق بالصناعات الساحلية وإغلاق المصانع والموانئ، فضلا عن الأضرار التي ستلحق بمصايد الأسماك والموارد البحرية.
وتلخص الدراسة الدولية الجديدة الأثر الاقتصادي المتوقع للكارثة عبر توقف عمليات مينائي الحديدة والصليف لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر، مما سيحد من واردات الوقود والغذاء ويعرض وظائف عمال الموانئ للخطر، والذي سيؤثر على إنتاج الكهرباء والخدمات الصحية والنقل، وارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية.
وبحسب الدراسة فإنه في حال حدوث الكارثة، ستكون سبل عيش 31.500 صياد في خطر، وقد يفقد 235.000 عامل في صيد الأسماك والصناعات ذات الصلة وظائفهم، وهي آثار مدمرة على سبل عيش الصيادين والعمال وأسرهم الفقيرة جدا.
وتقدر الدراسة تكلفة التأثير العام وتكاليف التنظيف العالية للانسكاب النفطي للخزان العائم صافر بـ(20 مليار دولار أميركي)، وتؤكد أن إطلاق النفط في الماء سيكون له تأثيرات أكبر بكثير وأطول أمداً من إطلاق الجسيمات من خلال النار.
وقال الوزير اليمني «إن الدراسة تشير إلى أن كارثة صافر يمكن أن تعرض 5.9 مليون شخص في اليمن و1 مليون في المملكة العربية السعودية لمستويات عالية جدا من تلوث الهواء، مع ظهور آثار ضارة بعد 24 – 48 ساعة من اندلاع حريق في الخزان، وسيتأثر ما يصل إلى 967.000 نازح في مناطق اليمن التي يمكن أن تغطيها أعمدة دخان».
وعن التأثيرات الاقتصادية لكارثة الانسكاب النفطي لخزان النفط العائم صافر تشير الدراسة إلى أن نحو 9.9 مليون شخص في اليمن و1.5 مليون في المملكة العربية السعودية قد يواجهون مخاطر خسائر المحاصيل والعواقب ذات الصلة مثل العرض المحدود للأسواق وارتفاع الأسعار نتيجة ترسب السخام، كما أن 500 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية في اليمن يمكن أن تتلقى ترسبات من الملوثات التي من شأنها أن تعيق نمو النباتات للمحاصيل المزروعة، وقد يعاني 3.25 مليون مزارع من خسائر في المحاصيل وتهديد سبل عيشهم لمدة عام، ويمكن أن تبلغ الخسارة المقدرة في الإنتاج الزراعي 70 مليون دولار.
وأكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في تحذيراته من الكارثة الوشيكة أن الميليشيات الحوثية «تواصل المراوغة والتلاعب بملف صافر واستخدامه مادة للمساومة وابتزاز المجتمع الدولي، دون أي اكتراث بالمخاطر المحدقة والتحذيرات التي تطلقها مراكز بحثية وخبراء، والنتائج البيئية والاقتصادية والإنسانية الكارثية التي سيدفع ثمنها الملايين من البشر وستستمر لعقود».
وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالقيام بمسؤولياتهم والتدخل لوقف هذه الكارثة الوشيكة التي ستطال بآثارها الإقليم والعالم، والضغط على ميليشيا الحوثي لوقف المتاجرة بهذا الملف والسماح للفريق الفني التابع للأمم المتحدة بمعاينة وتقييم الأضرار وتفريغ الناقلة فورا ودون قيد أو شرط.
وكانت الأمم المتحدة قالت الأسبوع الماضي إنها «متفائلة بحذر» بخصوص التوصل إلى حل مع الميليشيات الحوثية بشأن موافقة الأخيرة على الوصول إلى خزان النفط العائم (صافر) الموجود قبالة ميناء رأس عيسى شمال مدينة الحديدة والذي يهدد بتسرب أكثر من مليون برميل من النفط الخام في مياه البحر الأحمر.
التصريحات الأممية جاءت خلال المؤتمر الصحافي اليومي، لنائب المتحدث باسم الأمين العام، فرحان حق، حيث أكد فيها على أن الأمم المتحدة «تبذل قصارى جهدها لحل جميع القضايا اللوجيستية والترتيبات الأمنية العالقة».
وقال حق «أجرت الأمم المتحدة بعض المناقشات البنّاءة مع سلطات الأمر الواقع في صنعاء هذا الأسبوع، وهي متفائلة بحذر بأننا نقترب أكثر من حل».
ونقل فرحان أن ثمّة حاجة إلى حل جميع القضايا العالقة «قبل أن نتمكن من تخصيص أموال مانحة إضافية لاستئجار السفن والمضي قدما في المهمة الفنية».
وأضاف: «يبدو أننا نسير في هذا الاتجاه». معربا عن أمله في الحصول على المزيد من الأخبار حول هذا قريبا. كما أشار إلى أن الأمم المتحدة «تود أيضا تسليط الضوء على الضرورة الملحة للتحرك في أسرع وقت ممكن».
وتابع حق «عندما يتم وضع الترتيبات اللوجيستية، ستظل الأمم المتحدة بحاجة إلى وقت لحجز السفن وتأكيد الطواقم، ونشر المعدات واتخاذ جميع الترتيبات الضرورية الأخرى».
وكانت الأمم المتحدة قد بدأت بالاستعدادات لنشر البعثة والتزمت حتى الآن بما يصل إلى 3.35 مليون دولار أميركي لشراء المواد والتحضير لنشر الأفراد اللازمين للبعثة.