اتهمت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران بارتكاب «جرائم إبادة» بحق الأطفال اليمنيين، وذلك على خلفية قيام الجماعة بتصعيد عمليات تجنيد الصغار لا سيما من هم في سن المدرسة.
وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في تصريحات إن «ما تقوم به ميليشيا الإرهاب الحوثية المدعومة من إيران من غسل لعقول الآلاف من الأطفال بعمر الزهور بالأفكار الإرهابية المتطرفة المستوردة من إيران، وتجنيدهم في صفوفها والزج بهم في مختلف جبهات القتال، هي جرائم إبادة جماعية لم يسبق لها مثيل بحق الطفولة في ظل صمت دولي مخز وغير مبرر»، بحسب تعبيره.
وأوضح الوزير اليمني أن التقديرات التي نشرتها منظمات متخصصة تشير إلى قيام ميليشيا الحوثي الإرهابية بتجنيد عشرات الآلاف من الأطفال منذ انقلابها على الدولة، اقتادتهم بالترغيب والترهيب من منازلهم ومن صفوف الدراسة من مختلف مناطق سيطرتها، وزجت بهم في محارق الموت فانتهوا بين قتيل وأسير، ومصابين بإعاقات دائمة.
وحذر الإرياني من «مضاعفة ميليشيا الحوثي الإرهابية وتيرة عمليات التجنيد للأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرتها بعد تصعيدها الأخير والمتواصل في مختلف جبهات محافظة مأرب، وما تعرضت له الميليشيا من خسائر قاسية وقرب نفاذ مخزونها البشري بعد زجها بالآلاف من عناصرها في هجمات انتحارية»، وفق قوله.
ودعا وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي لليمن ومنظمات حقوق الإنسان وحماية الطفل إلى «اتخاذ مواقف مسؤولة إزاء جرائم الإبادة التي ترتكبها ميليشيا الحوثي بحق الأطفال في اليمن، والضغط على الميليشيا للوقف الفوري لعمليات تجنيدهم واستخدامهم في أعمال قتالية».
وعلى وقع الهجمات الحوثية باتجاه مأرب ومساعي الجماعة لحسم المعركة هناك كانت الجماعة لجأت أخيراً إلى الدفع بأمنها النسائي المعروف بـ«الزينبيات» لتولي مهمة استقطاب الأطفال وتجنيدهم بطرق شتى منها ترغيب أمهاتهن وترهيبهن في صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة الجماعة الموالية لإيران، بحسب ما قالت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط».
ويتعرض المئات من الأطفال في كل من صنعاء وريفها وبعض المحافظات مثل: إب، وذمار، وعمران، وحجة منذ أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، للاستهداف والاستقطاب الحوثي المنظم، حيث يتم أغلب ذلك بعيداً عن أسر الأطفال وذويهم، بحسب المصادر.
وتسعى الميليشيات الحوثية – بحسب المصادر ذاتها – من خلال تلك الممارسات التي صاحب أغلبها أعمال عنف ومصادرة للحقوق وحرمان الأطفال من حق التعليم والحياة، إلى تحريضهم على القتل والعنف والطائفية واستخدامهم فيما بعد كوقود لمعارك الجماعة.
وبسبب الحملات الشعواء التي تقودها الجماعة في أوساط المراهقين والقصر في مناطق سيطرتها لتجنيدهم، قاد ذلك إلى إحجام الآلاف من خريجي الثانوية عن الالتحاق بالجامعات بمختلف أقسامها.
وفي وقت سابق أكد لـ«الشرق الأوسط» مصدر في جامعة ذمار أن نسبة الالتحاق بكليات الجامعة وأقسامها بلغ في السنوات الأخيرة أدنى المستويات في حين كانت الجامعة تفقد طاقتها الاستيعابية في كل الأقسام قبل الانقلاب.
وفي محافظة حجة التي يبلغ تعداد سكانها نحو 3 ملايين نسمة أفادت مصادر أكاديمية «الشرق الأوسط» بأن عدد المتقدمين للدراسة في العام الجامعي الجديد بلغوا نحو مائة طالب في ثلاث كليات مع أن الطاقة الاستيعابية هي ألف طالب.
وإذ ترجح المصادر أن حملات التجنيد التي تقودها الجماعة في صفوف خريجي الثانوية والكثير منهم تحت سن 18 هي السبب الرئيسي خلف هذا الإحجام، كان تقرير الخبراء الأمميين وثّق عشرات الحالات لأطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عاماً جندهم الحوثيون وقتلوا في ساحة المعركة في عام 2020 في محافظات عمران والبيضاء وذمار وحجة والجوف والمحويت ومأرب وصعدة.
وفي السياق نفسه، أكد الحقوقي اليمني عبده علي الحذيفي المختص برصد تجنيد الأطفال في صفوف الميليشيات أنه قام بتوثيق مقتل أكثر من ألف طفل خلال العام الماضي من خلال اعتراف وسائل إعلام الجماعة التي احتفت بمواكب تشييع جثامينهم في صنعاء وغيرها من المحافظات.
ودعا الحذيفي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الأطفال إلى تجريم هذا السلوك الحوثي باعتباره من جرائم الحرب التي لا تسقط بالتقادم.
وقال إن «ما تقوم به الجماعة يفوق كل الجرائم الإنسانية بشاعة لجهة اعتدائها على عقول الأطفال وتجنيدهم والزج بهم إلى المعارك واستغلال الأوضاع المعيشية لعائلاتهم، فضلا عن حرمانهم من التعليم والحياة الكريمة».