بعد أن تعرض لانتقادات شديدة حتى من داخل حزبه ومعسكره، وعلى أثر استغلال خصمه اليميني المتطرف، نفتالي بينيت، الاجتماع مع رئيس «الحركة الإسلامية»، منصور عباس، كي ينضم إلى المعسكر المناوئ، تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن موقفه وجعل حكومته تصادق على تعيين رئيس حزب «كحول لفان» وزير الأمن، بيني غانتس، وزيراً للقضاء. وبذلك خفف نتنياهو من الهجوم عليه، لكنه سجل في الوقت نفسه نقاط ضعف جديدة في سباقه للحفاظ على مركزه في رئاسة الحكومة. وأعلن قادة المعسكر المناوئ أنهم يتقدمون بسرعة نحو تشكيل حكومة بديلة له. وكان نتنياهو قد دخل في صدام مباشر مع الجهاز القضائي عندما قرر تعيين الوزير المقرب منه، أوفير أكونيس، بشكل غير قانوني. ورفض توصية المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، تفادي هذه الأزمة والامتناع عن اتخاذ قرار غير قانوني. فحسب الاتفاق الائتلافي؛ يجب أن يكون وزير القضاء من حزب «كحول لفان».
وهاجم نتنياهو المستشار بشدة وشكك في مصداقيته. لكنه تعرض جراء ذلك إلى حملة انتقادات واسعة حتى داخل حزبه ومعسكره. ونصحه أقرب المقربين منه بالتراجع. وهذا ما فعله في النهاية، وأعلن موافقته على تعيين غانتس في المنصب؛ الأمر الذي رفضه طيلة 3 أشهر. ثم دعا إلى جلسة طارئة للحكومة، أمس الأربعاء، جرت فيها المصادقة على التعيين.
وقال مسؤول رفيع في الائتلاف الحكومي من مؤيدي نتنياهو، عن هذه المعركة، إنها «انتهت بجروح قاسية». وقال إن أداء نتنياهو في هذا الموضوع «ألحق ضرراً سياسياً وقضائياً فادحاً به، وإنه بإعلانه التراجع يحاول تقليص الأضرار. فقد دخل في صدام غير ضروري مع المحكمة، التي قررت ببساطة تجميد قرار تعيين أكونيس، وأصدرت أمراً بأن يفسر نتنياهو أمامها هذا التعيين المخالف للقانون، وعدّته (قراراً باطلاً)».
ولوحظ أن هذه المعركة التي خاضها نتنياهو وحده، من دون دعم من رفاقه، أفادت المعسكر المناوئ، وسهلت على كل من نفتالي بينيت، وغدعون ساعر رئيس حزب «تكفا حداشا»، العودة إلى المفاوضات مع يائير لبيد زعيم المعارضة الآن، لتشكيل حكومة بديلة. وقال لبيد معلقاً: «نتنياهو يتصرف كأعمى. لا يرى شيئاً. وفي هذا أوضح من جديد لكل من يوجد في رأسه عينان ودماغ، أنه لا يصلح لأن يكون شريكاً في الحكم مع أي سياسي يحترم القانون».
وفي إطار الجهود لإجهاض محاولات نتنياهو تشكيل حكومة، اجتمع زعيم «يمينا»، نفتالي بينيت، أمس، لأول مرة مع رئيس «القائمة الموحدة»، منصور عباس.
وجاء في بيان مشترك للحزبين أن الاجتماع عُقد في مكتب بينيت بالكنيست، «وتناول مواقف الطرفين تجاه الأحداث السياسية الراهنة. وعُقد الاجتماع بأجواء إيجابية». وقال مصدر في «يمينا» إن بينيت قصد من اللقاء، «إظهار استعداده العلني لقبول تشكيل حكومة مع أحزاب الوسط واليسار، تكون مسنودة من الخارج من النواب العرب. والهدف من ذلك هو إقناع رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، بأن هناك فرصة حقيقية لتشكيل حكومة بديلة برئاسة لبيد أو بينيت أو بكليهما».
وبعد لقائه مع عباس، التقى بينيت مع غدعون ساعر. وفي موازاة ذلك، التقى لبيد مع عضو الكنيست عن «تيكفا حداشا»، زئيف إلكين. وأشارت مصادر مقربة من لبيد إلى «تقدم في المحادثات بين الأحزاب في المعسكر المناوئ لنتنياهو، في محاولة للتوصل إلى اتفاقات حتى نهاية مهلة التكليف الممنوحة لنتنياهو (يوم الثلاثاء المقبل) رغم وجود خلافات بين الطرفين». واستغلت قائمة «الصهيونية الدينية»، برئاسة بتسلئيل سموتريتش، لقاء بينيت مع عباس لإطلاق حملة تحريض شديدة عليه. وقالت: «حكومة مع عباس هي حكومة مع (حماس)». وقالت مصادر إن نتنياهو كان قد وجد نقطة ضعف في حزب «يمينا»، تتمثل في عضو الكنيست أييليت شاكيد، الذي نشر ومعسكره لافتات في الشوارع ومناشير توزع في الكنس يوم السبت، تطالبه بـ«لا تتخلَّ عن اليمين لصالح حكومة يسارية».
وتشمل حملة «الصهيونية الدينية» اقتباسات من أقوال بينيت خلال الحملة الانتخابية، قال فيها: «لن أسمح أبداً وبأي شرط بتشكيل حكومة برئاسة يائير لبيد، لا بصورة عادية ولا بأي طريقة، لسبب بسيط؛ هو أنني يميني وهو يساري، ولا أعمل خلافاً لقيمي».