كشف معهد «عكيفوت» الإسرائيلي عن صفحات جديدة من مذكرات زعيم الحركة الصهيونية ورئيس حكومة إسرائيل الأول، ديفيد بن غوريون، تبين كيف أعطى أوامره لقوات الجيش كي تنغص معيشة اللاجئين الفلسطينيين ودفعهم بالقوة إلى الشرق، حتى لا يعودوا إلى بيوتهم وأراضيهم في المنطقة التي احتلتها إسرائيل في سنة 1948.
وجاء في هذه المذكرات، التي كشفها المعهد الإسرائيلي المذكور، الذي يعنى بكشف وثائق تاريخية إسرائيلية حول الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، أن بن غوريون كتب يقول: «توجد حالات، وصل فيها لاجئو الرملة واللد إلى غزة عن طريق رام الله، لأنهم اعتقدوا أنه من غزة سيسهل عليهم العودة إلى الرملة واللد. فما العمل؟ ينبغي لنا أن نعمل على تنغيص عيشهم من دون كلل ودفع اللاجئين شرقا (إلى الأردن)، لأنهم لن يتوجهوا إلى البحر ومصر لا تسمح بالدخول».
ويكتب بن غوريون، في مذكراته من يوم 26 سبتمبر (أيلول) عام 1948، إنه ومدير دائرة الأراضي والتشجير في «كيرن كييمت ليسرائيل» (الصندوق الدائم لإسرائيل)، يوسف فايتس، تحسبا من محاولات عودة اللاجئين إلى مدنهم وبيوتهم التي باتت تحت سيطرة إسرائيل. وقد تساءل بن غوريون عمن سيعتني بتنغيص عيش اللاجئين الفلسطينيين، ويجيب: «شيلواح، وتساعده لجنة فايتس». و«شيلواح» هو رؤبين شيلواح، أحد رؤساء أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والرئيس الأول للموساد. و«لجنة فايتس» هي «لجنة الترانسفير»، التي تشكلت في أوج حرب فلسطين في عام 1948 من أجل تنفيذ سياسة الحكومة الإسرائيلية في موضوع اللاجئين العرب، «وخاصة في كيفية تشجيعهم على الهجرة من البلاد».
ويكتب بن غوريون في مذكراته، في 2 أبريل (نيسان) عام 1950، أن «الأمور في النقب ليست جيدة»، ويسرد تفاصيل حول قتل واغتصاب عربيات من جانب جنود إسرائيليين، ورد فعل الجيش المصري. «لقد قبضوا مرة أخرى على جنودنا. فتاتان عربيتان، اغتصبوهما وقتلوهما. وكرد فعل، وضع المصريون لغما، ونصبوا كمينا، وقتلوا خمسة أشخاص: 3 جنود ومدنيين».
ويروي بن غوريون، في الوثيقة عن موضوع يبدو غامضا يتعلق بمرض السرطان. فيقول إنه التقى أحد أوائل العلماء الإسرائيليين، أرنست بيرغمان، في عام 1951. وكان بيرغمان مسؤولا عن عدد من المشاريع العسكرية – العلمية. «لقد جاء د. بيرغمان إليّ. وجهزوا مادة صناعية تسبب السرطان وهو يسمح بفحص السرطان في بداية تشكله». ولم يتوسع بن غوريون بمعلومات أخرى.
وقال معهد «عكيفوت»، إنه حصل على هذه الوثائق بصعوبة، من معهد تراث بن غوريون في تل أبيب، بعد أن صدر أمر برفع الرقابة العسكرية عن قسم منها. وقال إنه ورغم مرور 72 عاما على تدوين المذكرات، لا تزال الكثير منها سرية ويرفض معهد بن غوريون وأرشيف الدولة الكشف عنها حتى اليوم. وقال المؤرخ والباحث في «عكيفوت»، آدم راز، إنه يجب رفع الرقابة عن وثائق تلك الفترة، لأنه «لا يوجد سبب شرعي أو قانوني لاستمرار إخفائها عن أعين الجمهور».