أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، ليلة أول من أمس، أكبر تعديل على حكومته، منذ أن تسلم حكم بلاده قبل قرابة عامين، وشمل التعديل 16 حقيبة وزارية من أصل 30، هي مجمل عدد الحقائب الوزارية، في حين خضعت الحكومة لتعديل كبير في هيكلتها.
وعقدت الحكومة الجديدة، أمس، أول اجتماع لها، بعد ساعات فقط من الإعلان عنها، وهو اجتماع بروتوكولي من أجل «التعارف»، وفق ما نشر الإعلام المحلي، في حين يعتقد الموريتانيون أن الحكومة الجديدة تنتظرها تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بتحسين الخدمات التي تلامس ظروف المواطن.
ومن أبرز المفاجآت التي حملها التعديل الحكومي خروج وزير الصحة محمد نذيرو ولد حامد، وهو الطبيب والخبير الدولي في الصحة العمومية، الذي كان يخوض منذ قرابة عامين حرباً قوية لإصلاح قطاع الصحة، ويعتقد العديد من الموريتانيين أن حصيلته كانت إيجابية في مواجهة جائحة «كورونا».
وخلف ولد حامد، الذي أعد خطة خمسية لإصلاح قطاع الصحة، في منصبه ذراعه اليمنى ورجل ثقته الدكتور سيدي ولد الزحاف، الذي سبق أن عمل معه في بعض المنظمات غير الحكومية، ووضع معه خطة إصلاح قطاع الصحة، بصفته المدير العام للصحة.
وغادر الحكومة أيضاً وزير التعليم العالي سيدي ولد سالم، وهو واحد من الوزراء الذين كانوا يعملون مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، واحتفظ بمنصبه بعد وصول ولد الغزواني إلى الحكم، وكان بالإضافة إلى حقيبة التعليم العالي هو الناطق الرسمي باسم الحكومة.
لكن ولد سالم أثار خلال الأسابيع الماضية الكثير من الجدل، خاصة حين أدلى بتصريحات حول التحقيق مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في ملفات فساد، وقال في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية، إنه طيلة عمله مع الرئيس السابق «لم يلاحظ منه ما يخالف القانون».
وتأتي إقالة ولد سالم بعد أن رشحته موريتانيا لمنصب المفوض المكلف التعليم العالي والتكنولوجيا والبحث العلمي في الاتحاد الأفريقي، وبالتالي خرج من الحكومة ليتفرغ لخوض غمار المنافسة داخل أروقة الاتحاد الأفريقي، وفق ما أكد مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط». كما خرجت من الحكومة وزيرة الإسكان والعمران، خديجة بنت بوكه.
وكان من أبرز الأسماء التي دخلت الحكومة آمال بنت الشيخ عبد الله، ابنة الرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، الذي حكم البلاد ما بين 2007 و2008، وكان الرئيس الموريتاني المدني المنتخب الوحيد في تاريخها. وتولت بنت الشيخ عبد الله منصب وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي، وهو اعتبر تعييناً كبيراً عليها، باعتبار أنها لا تملك خبرة في المجال، وبدأت مسارها المهني عام 2007 حين كانت مستشارة لوالدها خلال رئاسته، وكلفها العلاقات مع وسائل الإعلام. لكن بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح والدها عام 2008، برزت بنت الشيخ عبد الله قيادية في اللجان الإعلامية للمعارضة، وكانت المتحدثة باسم مرشح المعارضة في انتخابات 2009، لكنها بعد ذلك ابتعدت عن السياسة.
وشمل التعديل الحكومي أيضاً تعديلات في هيكلة الحكومة، حيث أنشئت وزارة جديدة للبيطرة، بعد أن كانت تتبع وزارة التنمية الريفية. كما أنشئت وزارة جديدة للتحول الرقمي والابتكار وعصرنة الإدارة، ووزارة جديدة للتشغيل والتكوين المهني.
وتباينت مواقف الموريتانيين من التعديل الحكومي، الذي جرى باقتراح من الوزير الأول محمد ولد بلال، خاصة أن الحكومة تواجه انتقادات بسبب التأخر في تنفيذ تعهدات الرئيس الانتخابية، وهو ما تبرره الجهات الرسمية بالتداعيات الصعبة لجائحة «كورونا».
من جهة أخرى، تزامن التعديل الوزاري مع التحقيق مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حول تهم فساد وغسل أموال، وجهت إليه من طرف النيابة العامة في شهر مارس (آذار) الماضي، ويخضع للإقامة الجبرية منذ منتصف مايو (أيار) الحالي في بيته بنواكشوط.
ومثُل ولد عبد العزيز أمام النيابة العامة بمحكمة نواكشوط الغربية، أمس، وفق ما أكد أحد محاميه لـ«الشرق الأوسط»، لكنه رفض إعطاء أي تفاصيل حول الاستدعاء الأول من نوعه، منذ وضع الرئيس السابق تحت الإقامة الجبرية.
ويرفض ولد عبد العزيز التهم الموجهة إليه، ويرى فيها نوعاً من «الاستهداف السياسي»، بينما تقول الحكومة إنها لا تتدخل في الملف المعروض أمام العدالة.