ذات يوم، ربما في الخمسينيات من العمر أو بداية الستينيات، لعلك تنظر إلى المرآة وتتساءل في نفسك: «من أين أتت هذه الترهلات في جسمي؟ لماذا أصبحت عضلات صدري مرتخية على هذا النحو؟ ولماذا تراجع اهتمامي بممارسة الجنس؟ متى حدث كل ذلك؟».
«يأس» الرجال
وربما تبدأ حينها في التساؤل: «هل أعاني من «سن اليأس لدى الذكور» «male menopause»؟
مثل النساء، يتراجع مستوى هرمون الجنس لدى الرجال مع تقدمهم في العمر، لكن وتيرة هذه التغييرات لدى الرجال تأتي مختلفة للغاية. في النساء، تظل مستويات الأستروجين، هرمون الجنس الأنثوي الأساسي، مرتفعة على امتداد عقود كثيرة. وبعد ذلك، في سن الـ50 تقريباً، تنخفض هذه المستويات بشدة في غضون خمس سنوات تقريباً. وتتسبب مستويات الأستروجين الأدنى في التغييرات الجسدية والنفسية التي يسببها ما يعرف بسن اليأس، بما في ذلك انقطاع فترات الحيض. وعندما تدخل امرأة ما في سن اليأس، يكون من السهل عليها معرفة ذلك.
في المقابل، نجد أنه فيما يخص الغالبية الكاسحة من الرجال، يأتي التغيير أكثر تدريجاً بكثير، ذلك أن مستويات هرمون الجنس الرئيسي لدى الرجال، التستوستيرون، تبدأ في التراجع منذ عمر مبكر في عامهم الـ30. وبدلاً عن الانخفاض بشدة في غضون بضع سنوات، تقل معدلات التستوستيرون ببطء (حوالي 1 في المائة) كل عام على امتداد السنوات المتبقية من العمر. ويتسم هذا التغيير بكونه تدريجيا للغاية لدرجة أن الكثير من الرجال لا يلحظون تأثيره على مدار عقود عدة.
وعليه، يبقى السؤال: هل المستويات المنخفضة باستمرار للتستوستيرون تسبب أعراضاً في الرجال على النحو الذي يسببه تراجع مستوى الأستروجين لدى النساء؟ ما من شك في أن تناقص معدلات التستوستيرون قادر على ترك هذا التأثير، لكن من الصعب الجزم بذلك.
الأعراض والعلاج
ثمة مواقف يمكن لرجل فيها التعرض لهبوط مفاجئ في مستويات التستوستيرون بسبب إصابة ما أو مرض أو الخضوع لعلاج كيميائي أو إشعاعي، أو تناول عقاقير معينة. ويمكن لمستويات التستوستيرون شديدة الانخفاض على نحو مفرط التسبب في فقدان كتلة العضلات وقوة العظام، في الوقت الذي تزداد دهون الجسم وتتراجع الطاقة وتقل الرغبة في ممارسة الجنس ويعاني الرجال من ضعف جنسي. في هذه الحالات، يمكن تطبيق مصطلح «سن اليأس لدى الذكور»، وربما يسهم العلاج باستخدام التستوستيرون testosterone replacement therapy (TRT) في تحسين الأعراض. ومع ذلك، يبقى من الصعب ربط تراجع معدلات التستوستيرون بأعراض في الشخص العادي، بجانب أنه من الصعب توقع أي من الرجال الذين يعانون انخفاض مستويات التستوستيرون سيستفيدون من العلاج بالتستوستيرون.
جدير بالذكر في هذا الصدد أن معدلات التستوستيرون تتباين من رجل لآخر من نفس العمر، بجانب أن الرجال يمرون بأعراض نقص التستوستيرون على مستويات مختلفة. في الواقع، لا تظهر أي أعراض على الكثير من الرجال الذين يتسمون بنقص معدلات التستوستيرون لديهم.
وإذا شعرت بأعراض يمكن أن تكون مرتبطة بانخفاض التستوستيرون، عليك الحديث إلى طبيبك. وسيرغب الطبيب بداية الأمر في استكشاف ما إذا كانت الأعراض على صلة بأي سبب آخر، مثل الإفراط في تناول الكحوليات أو وجود مشكلة في الغدة الدرقية أو الاكتئاب.
أما الخطوة التالية فهي أن تقيس مجمل مستوى التستوستيرون في الدم. ونظراً لأن المستويات تتباين على مدار اليوم، ينبغي إجراء هذا القياس صباحاً وتكراره مرة واحدة أخرى على الأقل لضمان الدقة. وتعتمد معظم المعامل معدل من 300 إلى 1.000 نانوغرام لكل ديسيليتر nanograms per deciliter باعتباره المعدل الطبيعي لمجمل التستوستيرون. وبناءً على نتائج الاختبارات التي ستجريها والأعراض التي تمر بها ربما يناقش طبيبك مسألة الخضوع للعلاج بالتستوستيرون. ومع ذلك، عليك أن تضع في اعتبارك أن مستوى التستوستيرون لديك وكيف تشعر ربما لا يكونان على صلة ببعضهما البعض.
*رئيس تحرير رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل» – خدمات «تريبيون ميديا»