اتهمت الحركات المسلحة (مسار دارفور) الموقعة على اتفاقية السلام مع الحكومة الانتقالية في السودان، العسكريين في مجلس السيادة، بعدم الجدية والرغبة في إنفاذ ملف الترتيبات الأمنية، وحذروا من المنعطف الخطير الذي يمر به اتفاق السلام، وتتزامن الاتهامات مع بدء جولة جديدة من المفاوضات المباشرة بين الحكومة و«الحركة الشعبية» (فصيل عبد العزيز الحلو) بعاصمة دولة جنوب السودان (جوبا)، ينتظر أن تناقش الملف ذاته.
وصوب قادة الحركات العسكرية، في بيان تحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، انتقادات حادة للحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك، لتماطلها في اتخاذ خطوات جادة في إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية في كل المستويات. ونص الاتفاق الموقع بين الطرفين في أكتوبر (تشرين الأول) على دمج مقاتلي الحركات المسلحة في الجيش والأجهزة النظامية الأخرى على ثلاث مراحل تنتهي بانتهاء الفترة الانتقالية البالغة 39 شهراً من تاريخ توقيع اتفاقية السلام. وذكر القادة الموقعون على البيان أن اتفاق سلام جوبا يمر بمنعطف خطير، وأن الحكومة ممثلة في الجانب «العسكري» غير جادة وغير راغبة في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية.
واعتبروا ما صدر من بعض الجهات العسكرية بأن التمويل وراء تأخير تنفيذ الملف، إمعاناً في المراوغة السياسية والأمنية، وذراً للرماد في العيون للذين لا يعلمون بواطن الأمور. وأضاف البيان أنه بعد مرور7 أشهر من التوقيع عليه لم تخطُ الحكومة ممثلة في الجانب العسكري خطوة واحدة لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية، لكسب الوقت وصناعة حركات أخرى بغرض تعقيد المشهد العسكري وتخريب السلام. وشبهت نهج المكون العسكري في مجلس السيادة بالممارسات ذاتها لنظام الرئيس المعزول، عمر البشير، التي تهدف لإعادة البلاد إلى مربع الحرب والمعاناة والموت والدمار لتستمر في احتكار السلطة العسكرية والأمنية.
وأكد القادة أن تنفيذ بند الترتيبات الأمنية يحتاج إلى قرارات من رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، بمشاركة قادة الكفاح المسلح في إدارة الأجهزة الأمنية في البلاد على المستويين السياسي والتنفيذي في أعلى المستويات.
وطالبوا بتعيين وزراء دولة في وزارتي الدفاع والداخلية وتمثيل عادل في هيئة قيادة الأركان المشتركة وقيادة هيئة الشرطة وقيادة الأمن والمخابرات والدعم السريع، لإصلاح الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى تشكيل اللجنة الأمنية العليا المشتركة لتقوم بمهامها لتنفيذ الترتيبات الأمنية.
وحملت الحركات المسلحة، الطرف الحكومي ممثلاً في «المكون العسكري» مسؤولية انهيار الاتفاق بسبب عدم تنفيذ الترتيبات الأمنية. ومن أبرز القادة العسكريين الموقعين على البيان، الفريق جمعة محمد حقار، عن «حركة تحرير السودان» (جناح مني أركو مناوي)، والفريق سليمان صندل، من «حركة العدل والمساواة»، وأحمد يحيى جدو، «حركة تحرير السودان» (المجلس الانتقالي).
وقال مساعد رئيس «حركة جيش تحرير السودان» نور الدائم طه، لـ«الشرق الأوسط»، إن أطراف السلام شركاء في المرحلة الانتقالية، وأسهموا في التغيير الذي حدث في البلاد، مثلما أسهم القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وأضاف: «هنالك جهات تماطل في تنفيذ الترتيبات الأمنية، رغم أن الدولة والقوات المسلحة تمتلك الإمكانيات التي تؤهلهما لتنفيذ هذا الملف. وأكد طه أن الحركات المسلحة أكملت ما يليها من خطوات لتكوين القوات المشتركة، إذ سلمت المكون العسكري كشوفات بأسماء الأفراد المشاركين في القوات المشتركة. وحذر من أنه إذا لم يتم تنفيذ الترتيبات الأمنية بالشكل الذي تم التوقيع عليه لم يكن هنالك سلام. وكان نائب رئيس «الحركة الشعبية» ياسر عرمان، اتهم القوات المسلحة السودانية، وخص بذلك الاتهام الاستخبارات العسكرية، بتعطيل تنفيذ بند الترتيبات الأمنية في اتفاقية جوبا للسلام.
وقال عرمان إن بعض الجهات في الجيش تعمل على صناعة حركات مسلحة جديدة وتقويتها، وإنه حتى الآن لم يتم تنفيذ 5 في المائة من ترتيبات الملف.
ونص بند الترتيبات الأمنية على أن تتم عملية الدمج بعد اكتمال التجميع خلال 90 يوماً، والتدريب في مدة 15 شهراً، وتبقى القوات التي يتم دمجها في دارفور لمدة 40 شهراً من تاريخ توقيع الاتفاق قابلة للتمديد، على أن تدمج القوات في شكل وحدات عسكرية كاملة حسب تنظيم القوات المسلحة السودانية.
ونص الاتفاق على تشكيل مجلس أعلى مشترك لمتابعة عمليات الدمج، وتعيين عدد من ضباط الحركات في القوات البرية والشرطة والمخابرات العامة، وتشكيل قوة مشتركة قوامها 12 ألف جندي لحفظ الأمن وجمع السلاح في دارفور.