تتعاظم المخاوف اليمنية يوما إثر يوم من خطر المراكز الصيفية التي أقامتها الميليشيات الحوثية في مناطق سيطرتها لاستقطاب طلبة المدارس بغرض غسل أدمغتهم بأفكار الجماعة وتحويلهم إلى قنابل إرهابية لتفخيخ المستقبل، حيث تطمح الجماعة إلى تحويل عشرات الآلاف إلى مقاتلين في صفوفها.
وفي حين أعلن قيادي بارز في الجماعة الموالية لإيران أن هذه المراكز من المتوقع لها أن تستوعب بين 500 – 600 ألف من طلبة المدارس في عموم المناطق الخاضعة لجماعته، حذرت الحكومة الشرعية مما وصفته بـ«المخاطر الكارثية» لهذه المراكز التي وصفتها بأنها في جوهرها معسكرات لتجنيد صغار السن، وفق ما جاء في تصريحات رسمية لوزير الإعلام معمر الإرياني.
وأوضح الإرياني أن ميليشيا الحوثي تستخدم ما تسميها «المراكز الصيفية» لاستدراج واستقطاب الأطفال وطلبة المدارس، وتعبئتهم بالأفكار الطائفية المستوردة من إيران، وتجنيدهم والزج بهم في مختلف جبهات القتال.
وقال إن «مضي ميليشيا الحوثي في هذا المخطط الخطير يهدف إلى غسل عقول مئات الآلاف من الأطفال في مناطق سيطرتها، وصناعة جيل من الإرهابيين والمتطرفين المؤدلجين بالشعارات العدائية وثقافة الموت والكراهية للآخر، وتحويلهم إلى أدوات للقتل ونشر العنف والفوضى والإرهاب في اليمن والمنطقة والعالم».
وأضاف الوزير اليمني أن الميليشيات «تقوم بهذا التصعيد الخطير الذي يهدد النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي في اليمن وقيم العيش المشترك بين اليمنيين لعقود قادمة، في ظل حراك دولي لوضع نهاية للحرب وإحلال السلام، لتؤكد أنها ميليشيا لا تتقن سوى الحرب ولا تفقه لغة السلام». بحسب تعبيره.
وناشد وزير الإعلام اليمني أولياء الأمور في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية لـ«الحفاظ على أبنائهم وعدم تسليمهم سلعة رخيصة لميليشيا إرهابية لا تكترث بمصيرهم، وتزج بهم في هجمات انتحارية بمختلف جبهات محافظة مأرب، وتستخدمهم وقودا لمعاركها العبثية، وقربانا لتنفيذ أجندة أسيادها في طهران ونشر الفوضى والإرهاب في المنطقة».
كما طالب الإرياني «المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي بالقيام بمسؤولياتهم القانونية والأخلاقية إزاء هذه الممارسات، والضغط على ميليشيا الحوثي لوقف عمليات اغتيال الطفولة في اليمن، وتحويل مئات الآلاف من الأطفال إلى قنبلة موقوتة، ومصدر لتهديد الأمن والسلم الإقليمي والدولي».
وكان القيادي المعين نائبا في وزارة خارجية الجماعة الانقلابية حسين العزي توقع أن تستوعب هذه المعسكرات الصيفية «ما لا يقل عن 400 ألف إلى 500 ألف طالب هذا العام» بحسب ما جاء في تغريدة له على «تويتر».
ومع تدشين هذه المراكز التي بلغت نحو 6 آلاف مركز، كان زعيم الجماعة الحوثية شدد في خطبة له بالمناسبة على استقطاب طلبة المدارس لتلقينهم الأفكار الخمينية في سياق ما وصفه التصدي لأميركا وإسرائيل، وهي الشعارات التي عادة يرددها لكسب المزيد من الأتباع.
وبحسب وسائل إعلام حوثية، تهدف الجماعة حاليا عبر تأسيس 6 آلاف مركز صيفي إلى تلقين ما يزيد على 650 ألف طالب (أغلبهم من صغار سن) ثقافة الموت والحقد والطائفية والكراهية عبر 24 ألف معلم أخضعتهم الجماعة لدورات مكثفة في العاصمة صنعاء وريفها وفي كل من إب وصعدة وعمران والمحويت وريمة وحجة ومناطق أخرى تحت سيطرتها في محافظات الحديدة والجوف وتعز والبيضاء والضالع ولحج ومأرب.
وبحسب معلومات وأرقام، تحصلت عليها «الشرق الأوسط» في وقت سابق، من مصادر مطلعة بعدة محافظات تحت سيطرة الجماعة فإن إجمالي عدد المراكز التي أنشأتها الميليشيات مؤخرا في ريف صنعاء تصل إلى حوالي 900 مركز صيفي، وتستهدف قرابة 35 ألف طالب وطالبة بعدد من المديريات والقرى، في حين يصل عدد المراكز في محافظة إب إلى ما يزيد على 850 مركزا موزعة على 20 مديرية ويشرف على إقامتها 2300 شخص ما بين مدير ومشرف ومدرس.
وذكرت المصادر المطلعة أن عدد المراكز الصيفية الحوثية بمحافظة ذمار بلغت 300 مركز موزعة على 12 مديرية، منها 100 مركز خاصة بالطالبات، في حين تسعى الجماعة إلى استقطاب نحو 3 آلاف و500 طالب وطالبة كحصيلة أولية بالمحافظة نفسها.
ووضعت الميليشيات توقعات بأن عدد الطلبة والطالبات الذين ستتمكن من إلحاقهم بمراكزها سيصل إلى 25 ألف طالب وطالبة من مختلف المراحل التعليمية بالمراكز الصيفية في محافظة صعدة (المعقل الرئيسي للجماعة)، بينما تعتقد الجماعة نفسها أن نحو 50 ألف طالب وطالبة في العاصمة صنعاء سيلتحقون هذا الموسم لتلقي أفكار الجماعة بمراكزها.
وتطمح الجماعة أيضا، طبقا للمصادر، إلى استقطاب ما يزيد على 26 ألف طالب وطالبة في محافظة عمران، ونحو 30 ألف طالب في الحديدة، و21 ألفا في حجة، إلى جانب 18 ألف طالب وطالبة في تعز، وجميع هذه الأعداد تتوقع الميليشيات أنها مجرد حصيلة أولية تقريبية.
وبينما تواصل الجماعة محاربة العاملين في القطاع التربوي بحرمانهم من رواتبهم وأبسط حقوقهم، كشف مصدر تربوي لـ«الشرق الأوسط» عن رصد الانقلابيين هذا العام لأكثر من مليون دولار، كميزانية تشغيلية لانطلاق المراكز الصيفية، وقال «إن الميليشيات خصصت ولأول مرة جزءا من تلك المبالغ لشراء ملابس ومساعدات غذائية وعينية وألعاب أطفال وهدايا بهدف توزيعها على الأسر الفقيرة والأشد فقرا بمناطق سيطرتها مقابل إلحاق أطفالها في مراكز التعبئة».