رغم التفاؤل المحلي والدولي بإعلان السلطة الانتقالية في ليبيا فتح الطريق الساحلي، الرابط بين شرق وغرب البلاد، فإن الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، قلل من «أهمية هذا الحدث»، واعتبره «مجرد دعاية مدفوعة الأجر من رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة». فيما تجنبت اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، عقب اجتماعها أمس في سرت بحضور طرفي النزاع ووفد بعثة الأمم المتحدة، الإشارة إلى «فتح الطريق الساحلي رسمياً».
وقال أعضاء في اللجنة، التي عاينت الترتيبات والخطوات المنجزة ميدانيا، إنها «ما زالت تنتظر إصلاح الأضرار الموجودة بالطريق، وتوزيع البوابات في إطار وضع الترتيبات الأمنية الأخيرة». فيما نقلت وسائل إعلام محلية عن رئيس وفد «الجيش الوطني» أنه «لا يمكن الإفصاح عن موعد فتح الطريق»، الذي قال إنه «يحتاج لصيانة كبيرة». كما اعتبر «تصرف الدبيبة غير مدروس، وأربك عمل اللجنة».
في سياق ذلك، قال اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم حفتر، إن «الساعة مدفوعة الأجر»، في إشارة إلى ظهور إبراهيم بيت المال، قائد القوات الموالية لحكومة الدبيبة، رفقة الأخير لإعلان فتح الطريق أول من أمس، وقال إن ميزانية الدولة «تكلفت نحو 8 ملايين دينار، مقابل أن يظهر الدبيبة في هذا المشهد وكأنه منقذ الوطن»، على حد تعبيره.
وعرض المسماري في مقابلة تلفزيونية، مساء أول من أمس، نص قرار تداولته وسائل إعلام محلية، أصدره الدبيبة بـ«تخصيص المبلغ كمكافأة للميليشيات على فتح الطريق»، وعدّها «عملية مدفوعة الأجر من أموال الليبيين، الذين يعانون من عدم وجود رواتب وسيولة». كما شكك المسماري في صحة توقيع المنفي على بيان المجلس بمنع تحرك الوحدات العسكرية من أماكنها، وقال إن «للجيش الحق في التحرك، وإرسال القوات أينما أراد».
وأكدت مصادر في «الجيش الوطني» أن «الطريق لا يزال مغلقا، ولا صحة لما أشيع عن إعادة فتحه»، موضحة أن قواته «لم تسمح بالمرور على الطريق الحيوي؛ إذ لا تزال السواتر قائمة في المنطقة التي تسيطر عليها، رغم إشراف الدبيبة على إعادة فتحه، وقيادته بنفسه جرافة لإزالة ثلاثة سواتر ترابية على الجانب الغربي من الطريق».
بدوره، قال اللواء أحمد سالم، آمر غرفة سرت التابعة للجيش الوطني، إن «الطريق سيفتح لكن بعد انتهاء الإجراءات الأمنية، وصدور تعليمات لجنة (5+5) بعد اجتماعها في سرت بشأن فتح الطريق، كونها الجهة الشرعية الوحيدة المختصة بالقرار وترتيباته، بما يضمن المرور الآمن للمواطنين»، معتبراً أن ما وصفه بـ«الإعلان الفردي للدبيبة بشأن فتح الطريق، تم من دون التنسيق مع اللجنة»، ومؤكدا «انتظار تعليمات المشير حفتر بالخصوص».
في المقابل، قال بيت المال في خطاب وجهه إلى محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، إنه «سيتم إبعاد القوات الموجودة، امتدادا من مصراتة وحتى بويرات الحسون، وتتبع المنطقة العسكرية الوسطى عن الطريق الساحلي بمسافة 5 كيلومترات في الاتجاهين»، موضحاً أنه «سيتم الفتح لمدة أسبوعين، من الساعة السادسة صباحا وحتى السادسة مساء على الطريق المعبد فقط، بهدف تمكين لجنة (5+5) من تنفيذ بنود الاتفاق وإخراج المرتزقة». وطالبه بتذليل الصعاب، وصرف حقوق منتسبي غرفة عمليات سرت الجفرة، وإصدار تعليمات لقوات الجيش الوطني، وإعادة التمركز خارج الحدود الإدارية للمنطقة.
في غضون ذلك، أعلن المجلس الرئاسي على لسان نجوى وهيبة، المتحدثة باسمه، أن إعادة فتح الطريق المغلق منذ سنوات «جاء بعد أشهر من الجهد والعمل المتواصلين للمجلس، بصفته القائد الأعلى للجيش».
وبعدما أكدت أن «هذه الخطوة سترفع معاناة المواطنين في شرق البلاد وغربها، وتعيد الحركة بشكل طبيعي، تمهيدا لإعادة بناء الدولة ولم الشمل»، قالت إن «المجلس طالب لجنة (5+5) بتولي مسؤولية التنسيق بين الأطراف لضمان التنفيذ الكامل لفتح الطريق الساحلي، ومتابعة الترتيبات الأمنية». فيما اعتبرت وزارة النفط بحكومة «الوحدة» أن فتح الطريق «خطوة مهمة لتمكين مستخدمي القطاع من التنقل، والوصول للمواقع النفطية المختلفة بكل سهولة وأمان».
على صعيد غير متصل، أكد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، خلال لقائه بالمشاركين في ملتقى التكتلات والتيارات السياسية بمدينة بنغازي، على «ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية المباشرة والبرلمانية في موعدها المحدد في 24 ديسمبر (كانون الأول) القادم»، مشيراً إلى أن «لدى المجلس القاعدة الدستورية، والقوانين اللازمة لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد»، ومعتبراً أن «الانتخاب المباشر للرئيس من الشعب الليبي سيساهم في حلحلة الأزمة في ليبيا». فيما كشفت السفارة الأميركية بليبيا النقاب عن اجتماع القائم بأعمال السفير، ليزلي أوردمان، بممثلي كتلة فزان البرلمانية لمناقشة مكافحة الإرهاب في الجنوب، وإخراج «المرتزقة» والمقاتلين الأجانب، وتوحيد المؤسسات الليبية السياسية والأمنية والعسكرية، وضرورة إجراء الانتخابات في موعدها.
إلى ذلك، أعلن السفير محمد ثروت سليم، رئيس البعثة الدبلوماسية المصرية في العاصمة الليبية طرابلس، أنه تم أمس إطلاق سراح 90 مواطناً مصرياً كانوا محتجزين في مقر الهجرة غير الشرعية بطرابلس منذ الجمعة الماضي.
وقال رئيس البعثة الدبلوماسية في بيان لوزارة الخارجية المصرية إن السفارة المصرية في طرابلس، والتي استأنفت عملها الشهر الماضي، نجحت في إنهاء الأمر بالتنسيق مع السلطات الليبية المعنية.