في الوقت الذي واصلت فيه الميليشيات الحوثية شن هجماتها باتجاه مدينة مأرب، جدد وزير الخارجية في الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك تأكيد حرص الشرعية على إحلال السلام ووقف إطلاق النار الشامل، باعتبار ذلك هو الخطوة الإنسانية الأهم، وهو الأمر الذي ترفضه الميليشيات المدعومة من إيران.
تصريحات الوزير اليمني جاءت، أمس (الأربعاء)، خلال لقاءين منفصلين في الرياض مع السفيرين الفرنسي والمصري، حيث أوضح لهما وجهة نظر الشرعية بخصوص التطورات السياسية، والجهود المبذولة لتحقيق السلام واستعادة الأمن والاستقرار في بلاده.
ونقلت المصادر الرسمية عن بن مبارك أنه أشار، خلال لقائه السفير الفرنسي جان ماري صافا، إلى «انفتاح الحكومة وتعاملها بمرونة مع الجهود المبذولة كافة لإحلال السلام في اليمن، مؤكداً أن تحقيق السلام هو الهدف الرئيسي لحكومة الكفاءات السياسية التي تعمل على إنجازه منذ اليوم الأول لتشكيلها لتحقيق تطلعات الشعب اليمني في استعادة الأمن والاستقرار وتحقيق المصالحة الوطنية».
وذكرت وكالة «سبأ» أن الوزير بن مبارك «تطرق إلى عرقلة ميليشيا الحوثي لجهود إحلال السلام، واستمرار عدوانها على مأرب، وارتفاع وتيرة الانتهاكات الحوثية بحق المدنيين والنازحين، من خلال ازدياد استهداف الأعيان المدنية والمناطق السكنية بالصواريخ الباليستية نتيجة للعجز التام للميليشيا في تحقيق أي مكاسب في جبهات القتال».
وقال بن مبارك إن «وقف إطلاق النار الشامل على المستوى الوطني هو الخطوة الإنسانية الأهم التي يجب تحقيقها، ليتم عقبها معالجة القضايا كافة، والذهاب إلى مفاوضات الحل الشامل، وفقاً للمرجعيات الثلاث»، في إشارة إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216.
إلى ذلك، قالت المصادر الرسمية إن وزير الخارجية بن مبارك تطرق، خلال لقائه السفير المصري أحمد فاروق، إلى «مستجدات عملية السلام، في ضوء استمرار العدوان العبثي الذي تشنه الميليشيات الحوثية على محافظة مأرب، وما نتج عن ذلك من تفاقم للأوضاع الإنسانية، واستمرار لإراقة الدم اليمني».
وفي حين أكد بن مبارك أن الشعب في بلاده «بات يعي تماماً مخاطر هذه الجماعة المارقة التي ترفض كل أصوات السلام، في ارتهان وتخادم واضح مع المشروع الإيراني في المنطقة»، حذر كذلك «من الوضع الحالي لخزان صافر النفطي، في ظل استمرار الميليشيات الحوثية في مساومتها للمجتمع الدولي».
ونقلت المصادر أنه أشار إلى «أهمية اتخاذ المجتمع الدولي خطوات أكثر حزماً، وتحديد آلية مزمنة لمعالجة هذه القضية، لما لها من مخاطر بيئية وتداعيات كارثية على اليمن والمنطقة والملاحة الدولية».
وعلى الصعيد الميداني، تحدثت مصادر عسكرية يمنية عن تمكن قوات الجيش اليمني من سحق هجوم جديد للميليشيات الحوثية في جبهات الكسارة (غرب محافظة مأرب)، وذلك في خامس أيام التصعيد الكثيف للميليشيات التي تأمل في أن تحقق أي تقدم، وصولاً إلى السيطرة على هذه المحافظة النفطية.
وقدرت المصادر أن الميليشيات خسرت أكثر من 100 عنصر ذهبوا قتلى خلال المعارك وضربات المدفعية وطيران تحالف الشرعية، إلى جانب كثير من الجرحى والأسرى، منذ يوم السبت الماضي، بينهم قادة ميدانيون ينتحلون رتباً عسكرية رفيعة.
ومع إصرار الجماعة الموالية لإيران على هذا التصعيد، وتجاهل الدعوات الأممية والدولية لوقف الهجوم على مأرب، أفادت منظمة الهجرة الدولية، أمس (الأربعاء)، بأنها رصدت نزوح 153 أسرة خلال أسبوع واحد، جلهم في محافظة مأرب، بحسب ما جاء في تغريدة لها على «تويتر».
وكان الإعلام العسكري للجيش اليمني قد أفاد بأن ما لا يقل عن 30 عنصراً حوثياً قتلوا، وأصيب العشرات، يوم الثلاثاء الماضي، بنيران الجيش والمقاومة الشعبية في جبهات مديرية رغوان (شمال غربي مأرب).
وبحسب الإعلام العسكري للجيش، كانت القوات قد خاضت يومي الأحد والاثنين الماضيين «مواجهات شرسة بعد أن أفشلت هجومين لميليشيات في جبهتي صرواح والمشجح، حيث أسفرت المعارك عن مقتل وإصابة العشرات من عناصر الميليشيا، بينما لاذ من بقي بالفرار»، في حين «شنت مقاتلات التحالف قصفاً بعدة غارات على تعزيزات وآليات الميليشيا في جبهة المشجح، ودمرت 3 عربات، وقتلت من كانوا على متنها».
وإذ تواصل الميليشيات الحوثية إقامة معسكرات التجنيد لطلبة المدارس لتعزيز صفوفها، كانت وسائل إعلامها قد نقلت مراسيم تشييع للعشرات من قتلاها خلال الأسبوع الحالي، حيث لقوا حتفهم في أثناء محاولتهم الهجوم على مأرب.
وبحسب تقديرات عسكرية، فإن الميليشيات خسرت أكثر من 7 آلاف عنصر، على الأقل، منذ كثفت الهجمات على مأرب ابتداء من فبراير (شباط) الماضي، غير أن ذلك لم يحل بينها وبين تكرار الهجمات واستقدام مزيد من المقاتلين، إذ تراهن على مواصلة القتل للسيطرة على موارد المحافظة النفطية.