ضمن سياق استمرار الميليشيات الحوثية في عمليات النهب وفرض الإتاوات على السكان في صنعاء وغيرها من المدن الخاضعة لسيطرة الجماعة، شرعت الميليشيات حديثا في ابتزاز ملاك المتاجر وحبسهم بذريعة عدم توفيرهم «كاميرات مراقبة» من الأنواع الحديثة.
وأفادت مصادر محلية بأن الميليشيات بدأت منذ أيام بتنفيذ حزمة من الإجراءات التعسفية الجديدة تسعى من خلالها إلى ابتزاز التجار وملاك المحال الصغيرة والباعة في صنعاء ومدن أخرى، بحُجة عدم التزامهم بتركيب أنظمة مراقبة مرئية خارج وداخل متاجرهم. وفي حادثة تتكرر ضمن أساليب مختلفة لابتزاز وسرقة أموال اليمنيين، لجأت الجماعة إلى ذريعة «كاميرا المراقبة» لإنهاك ملاك القطاعات التجارية المختلفة وإجبارهم على دفع إتاوات مالية لصالح مجهودها الحربي ومواصلة عملياتها العسكرية.
وتحدثت ذات المصادر في صنعاء عن أن الجماعة شنت حملات دهم واختطاف واسعة طالت المئات من التجار ومنتسبي القطاع التجاري في أحياء وشوارع وأسواق عدة بالعاصمة وغيرها من المدن، في أحدث عملية جباية تشنها الميليشيات.
وذكر شهود أن الميليشيات أغلقت في أول يوم من انطلاق تلك الحملة بحي مذبح الواقع شمال غرب العاصمة أكثر من 80 محلا تجاريا صغيرا ومتوسطا واعتقلت نحو 68 شخصا من ملاكها والعاملين فيها بحجة عدم الالتزام بتركيب كاميرات مراقبة.
وشكا تجار وملاك محال تجارية صغيرة في صنعاء في حديثهم من هذا التعسف الحوثي الجديد، وقالوا إن «الميليشيات ورغم معرفتها المسبقة بأن الغالبية العظمى من ملاك المحال الصغيرة غير قادرين على توفير أنظمة مراقبة مرئية نتيجة أسعارها المرتفعة وصغر محلاتهم وتدني دخلهم ، فإنها عمدت إلى ذلك المطلب التعجيزي من أجل ابتزازهم ودفع مبالغ مالية».
وفي حين قادت حملات البطش الحوثية بحق ملاك المحلات إلى إغلاق الكثير منها واعتقال ملاكها والعاملين فيها، تحدث مالك محل لبيع الخضار والفاكهة والخضار بسوق شعبية في صنعاء عن أن مسلحي الجماعة يواصلون منذ أيام النزول الميداني لابتزازه وغيره من أصحاب المتاجر الصغيرة مطالبين بتركيب أنظمة مراقبة أو دفع مبالغ مالية مالية تأديبية، مع التهديد بالاعتقال وإغلاق المتاجر بشكل نهائي.
وأشار مالك المتجر إلى مرور دوريات حوثية الثلاثاء الماضي بالسوق نفسه التي يعمل في نطاقها ومباشرة عناصر الجماعة بتوزيع أوراق على جميع المحال تطلب منهم شراء كاميرات مراقبة وتركيبها في الشوارع خلال فترة تم تحديدها بـ10 أيام. وعلى مدى الأعوام الماضية من عمر الانقلاب، دفع اليمنيون بمناطق سيطرة الجماعة، بمن فيهم المواطنون وملاك المتاجر الصغيرة والمتوسطة وأصحاب المهن البسيطة، كلفة باهظة من جراء سياسات النهب والبطش والابتزاز.
وسبق أن فرضت الميليشيات جبايات متعددة تحت أسماء مختلفة على كبار التجار ورجال المال وملاك الشركات والمؤسسات الخاصة والمستوردين وأصحاب المهن المختلفة، وغيرهم من مختلف الفئات والشرائح المجتمعية.
وكشفت أرقام وإحصاءات سابقة عن أن الجماعة استطاعت جني قرابة ثلاثة تريليونات ريال من الجبايات التي تفرضها على اليمنيين في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها (الدولار حوالي 600 ريال في مناطق سيطرة الجماعة).
وكان مواطنون وملاك متاجر وباعة أرصفة في صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة الانقلابيين، أكدوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، أن الأشهر الخمسة الماضية من العام الحالي كانت الأشد بطشاً فيما يتعلق بحملات الابتزاز والنهب الحوثي بحقهم.
وقال البعض منهم إن العام الماضي شهد أيضا حملات تعسف مكثفة من قبل الميليشيات لفرض إتاوات ومبالغ مالية غير قانونية عليهم تحت أسماء وذرائع واهية، ورافقها بالوقت ذاته حملات اعتقال وتنكيل أفضت إلى إيداع البعض منهم بسجون الجماعة السرية.