عادت الميليشيات الحوثية مجدداً إلى استهداف الشبان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، وذلك من خلال تدشين عملية حصر جديدة لهم طالت بغضون أيام أحياء متفرقة في العاصمة، خصوصاً ممن تعدت أعمارهم العشرين عاماً، في مسعى من الجماعة لاستدراجهم للقتال مقابل وعود بتزويجهم.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، بأن لجاناً تابعة لما يسمى بهيئة الزكاة بدأت قبل أيام بتنفيذ عملية حصر ميدانية واسعة للشبان (غير المتزوجين) ممن تراوحت أعمارهم بين (20 – 25 عاماً) في أحياء عدة بصنعاء بحجة إعداد قاعدة بيانات جديدة تتضمن أسماءهم وأعمالهم وأماكن ميلادهم وسكنهم ومعلومات أخرى تفصيلية عنهم.
وفي خضم الخسائر البشرية التي منيت بها الجماعة الموالية لإيران بمختلف الجبهات، وعلى وجه التحديد، جبهات مأرب والجوف والساحل الغربي، قالت المصادر إن القائمين على التجنيد في الميليشيات لجأوا لهذه الحيلة لاستقطاب الشبان للقتال مقابل وعد لهم بالزواج.
وذكرت المصادر أن قيادات حوثية في صنعاء أوعزت قبل نحو أسبوع إلى القائمين على هيئة الزكاة التابعة لها بسرعة تشكيل لجان حصر وتقييم شاملة تضم مشرفين ومسؤولي الأحياء في العاصمة تحت لافتة «تيسير أمور زواج الشبان»، في حين أن الهدف الحقيقي لهذا المسعى هو رفد الجبهات بالمقاتلين.
وبينما عبر سكان في صنعاء عن استغرابهم حيال المساعي التي تقف وراء عملية الحصر الحوثية للشبان والمستمرة حتى نهاية أغسطس (آب) المقبل، أوضحت المصادر أنه سبق وأن عمدت الميليشيات بأوقات سابقة عبر الهيئة ذاتها إلى حصر الأسر الفقيرة والنازحة والمحتاجة بعموم مدن سيطرتها، ثم ساومتها على إلحاق أبنائها للقتال مقابل منحها مساعدات غذائية ومالية.
وقال سكان لـ«الشرق الأوسط»، إن عملية الحصر للشبان (غير المتزوجين) تعد سابقة خطيرة ومستغربة، وأشاروا إلى أنها جاءت بشكل مفاجئ يشوبها الكثير من الغموض والسرية، ولم يُعلن عنها حتى في وسائل إعلام الجماعة.
وعلى صعيد تعدد وسائل الاستقطاب الحوثية للمقاتلين من المراهقين إلى صفوفها وتصدر العاصمة المختطفة صنعاء، وفقاً لأحدث التقارير، قائمة المدن فيما يتعلق بالتجنيد، أبدى ولي أمر في العاصمة، اكتفى بالترميز لاسمه بـ«محمد.ق»، تخوفه على حياة نجليه من عملية الحصر الحالية.
وتحدث عن زيارة لجان الحصر الحوثية قبل يومين لمنزله ومنازل أخرى بالحي ذاته، الذي يقطنه بصنعاء، حيث طلب منه تقديم معلومات تفصيلية وشاملة عن نجليه.
وأشار إلى أن عناصر الجماعة الحوثية أخبروه بأنهم حريصون على مستقبل نجليه لإدراجهم في الأعوام المقبلة ضمن قوائم الأعراس الجماعية التي تعتزم إقامتها ما تسمى بهيئة الزكاة.
وأفاد ولي الأمر بأن تخوفه ذلك يأتي نتيجة ارتكاب الجماعة طيلة سنوات وأشهر ماضية جملة من الاستهدافات بحق الشبان والأطفال صغار السن في صنعاء ومدن أخرى من خلال توظيفها كل مرة للأعراس التي تقيمها من أجل عملية تحشيد الشبان إلى الالتحاق بجبهات القتال.
كانت الحكومة اليمنية حذرت بأوقات سابقة من تصعيد الجماعة لعمليات التجنيد الإجباري في أوساط المدنيين في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها ضمن مسعاها لتعويض النزيف المتواصل لعناصرها في الجبهات، في وقت اتهمت فيه تقارير دولية وأخرى محلية الجماعة ذاتها باستغلال الأعراس الجماعية وتسخيرها لصالح استقطاب آلاف الشبان.
وفي أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تحدثت مصادر يمنية عن أن الجماعة لجأت حينها إلى استقطاب الشبان للقتال صفوفها عبر إقرارها آنذاك وثائق تخفض مهور النساء، في سياق سعيها لكسب تعاطفهم واستدراجهم إلى معسكرات التدريب والتعبئة.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الانقلابيين وزعوا حينها وثيقة تحدد مهر الزواج بمبلغ يصل إلى 500 ألف ريال (نحو 900 دولار)، على العشرات من المشايخ والأعيان في صنعاء وريفها، لإجبار أسر وأهالي تلك المناطق على تزويج بناتهم مجاناً في حال مخالفتهم المهر الذي تم تحديده.
جاء ذلك في وقت اتهمت فيه مصادر مطلعة الجماعة بأنها أنفقت قبلها بأيام من أموال الزكاة التي تقوم بجبايتها، نحو 3 مليارات و200 مليون ريال لإقامة ما أطلقت عليه «العرس الجماعي» لأكثر من 3 آلاف من مقاتليها الجرحى (نحو 5 ملايين دولار).
وأكدت المصادر أن الأسباب التي تقف خلف لجوء الانقلابيين إلى مثل تلك الحيل، يعود إلى مساعيها لاستعطاف الشبان وخداعهم من خلال أنها تساهم من أجلهم في القضاء على ما تسميه الآثار السلبية المصاحبة للزواج.